و ذلك من خلال تأهلها الصاخب الى الدور الثاني من دون اي دعسة ناقصة. ففي عام 1974 اختار الاتحاد الدولي كولومبيا لاستضافة مونديال 1986، لكن الحكومة المحلية اعلنت في 1982 عدم قدرتها على الالتزام بشروط “فيفا” بسبب المخاوف الاقتصادية، فراح المونديال الى المكسيك.
عرف حارسها الغريب الاطوار رينيه هيغويتا بصدة العقرب الخلفية، وفي مونديال 1990 ارتكب خطأ مميتا سمح للكاميروني روجيه ميلا بقيادة فريقه الى ربع النهائي.
في مونديال 1994، سجل مدافعها اندريس اسكوبار هدفا عكسيا في مرماه في مباراة الولايات المتحدة في الدور الاول، فدفع حياته ثمنا لذلك من قبل عصابات المخدرات.
بعض من الامثلة تدل على صيت غير كروي، نجحت البلاد المشوهة سمعتها بالاتجار بالمخدرات بتقويمه في البرازيل.
كان طبيعيا ان تتلقى كولومبيا صدمة نفسية هائلة بعد غياب هدافها راداميل فالكاو غارسيا عن مونديال البرازيل 2014، لكن ما ليس طبيعيا ان تصبح كولومبيا احدى قصص النهائيات الجميلة من دون لاعب الستين مليون يورو.
حققت كولومبيا عودة طال انتظارها الى كأس العالم بعد غياب دام 16 سنة لكن استعداداتها واجهت صفعة مدوية باصابة قاسية لاحد ابرز اللاعبين في تاريخها.
لطالما حلم الكولومبيون بلاعب من طراز فالكاو، هداف فتاك يرعب اعتى خطوط الدفاع في العالم، تتنازع عليه ابرز الاندية الاوروبية ويصل سعره الى 60 مليون يورو، لكن ما لم يتوقعه “لوس كافيتيروس” (مزارعو القهوة) ان يتعرض لاعبهم المفضل الى اصابة قوية في الركبة قبل عدة اشهر وضع مشاركته في النهائيات بمثابة الاحلام.
غاب الاصيل وحل الوكيل، وبدلا من مهاجم موناكو الفرنسي المرشح للانتقال الى ريال مدريد الاسباني، جاء خاميس رودريغيز الذي كلف موناكو ايضا 45 مليون يورو، فامتع صاحب القدم اليسرى الساحرة الجماهير بلمحات فنية رائعة وثلاثية وضعته على وصافة ترتيب الهدافين بفارق هدف عن البرازيلي نيمار.
ما ساعده على ذلك الوجوه الهجومية البديلة لفالكاو على غرار باكا، ايباربو، غوتييريز او مارتينيز، فسجل الفريق الاصفر 9 اهداف في ثلاث مباريات. كما يؤمن الدعم الخلفي الثنائي الخبير يبيس-زاباتا، وامامهما الجناح الخطير كوادرادو، وبامكان الارجنتيني خوسيه بيكرمان الاعتماد على بدلاء من الطراز الجيد امثال كوينتيرو، غوارين ومارتينيز.
برغم صورة مركبة نشرتها عارضة الازياء الهولندية وسفيرة الامم المتحدة السابقة نيكوليت فان دام اظهرت فالكاو وخاميس يشمان الرذاذ المتلاشي لحكم المباراة تلميحا الى تعاطي مواد ممنوعة، ضرب ابناء بيكرمان وسحقوا اليونان افتتاحا 3-صفر، اكملوا على ساحل العاج 2-1 ثم اجهزوا على اليابان 4-1 ليجتازوا الدور الاول بالعلامة الكاملة.
اداء تحقق من خلال لعب استعراضي وطموح بالاضافة الى افضلية دائمة بالاستحواذ على الكرة.
كان اداء كولومبيا المقنع في قلعتها بارانكيا، اساسيا في حملتها الناجحة، فدفاعها كان الاقوى في تصفيات أمريكا الجنوبية وهجومها الثالث بعد الارجنتين وتشيلي. حلت ثانية في المجموعة الموحدة، ولاول مرة منذ اعتماد نظام التصفيات الجديد. صنفت بين اول ثمانية منتخبات في العالم فكانت من بين رؤوس المجموعات في قرعة انتقدها كثيرون.
صحيح ان مجموعة كولومبيا من بين الاضعف في النهائيات، فليس فيها مصنف بين المنتخبات العظمى، لكن اولى مواجهاتها في دور الثاني مع الاوروغواي، ابعد جارة لها في اميركا الجنوبية، وفيها ستكون اول الامتحانات الجدية لمعرفة ماذا كان مزارعو القهوة قد وضعوا نهائيا وراءهم مأساة غياب فالكاو وفتحوا صفحة مشرقة من الكرة الكولومبية.