بمجرد ما انفجرت قضية الإهانة التي تعرض لها وزير خارجية المغرب، تحرك وجهاء حزب فرنسا للترويج بأن الأمن في مطار فرنسا ليس كأمن مطارات دول أخرى، وأن الأجهزة المكلفة تعامل الجميع على قدم المساواة، وأن الخطأ راجع إلى السفارة المغربية التي لم تخبر المصالح الفرنسية بقدوم وزير الخارجية المغربي حتى يفتحوا له القاعة الشرفية في المطار…
الأكثر من هذا أن وجهاء الحزب العتيد، روجوا بأن الخلل موجود في سفارة المغرب، وأن المكلف بالبروتوكول في سفارة المغرب بباريس ثم استدعاؤه إلى الرباط، وأن الخارجية المغربية واعية بخطأ السفارة ولهذا فإنها لن ترد.
وفجأة أدلى الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية “رومان نادال” بتصريح أوضح فيه أن لوران فابيوس، وزير الخارجية الفرنسية اتصل بنظيره المغربي وقدم له رسميا اعتذار السلطات الفرنسية على ما تعرض له أثناء مروره من مطار شارل دوغول الباريسي.
فرنسا اعتذرت. فهل سمعت أن دولة تعتذر على خطأ لم ترتكبه كما أراد أن يفهمنا وجهاء حزب فرنسا. فرنسا اعتذرت لأنها أخطأت ولم تحترم الأعراف الدبلوماسية.
ولتأكيد هذا الأمر أضاف الناطق باسم “الكي دورسي” أن لوران فابيوس طلب مباشرة من المصالح المختصة داخل وزارة الداخلية الفرنسية ومطار باريس القيام بكل ما يلزم على مستوى جميع مطارات الجمهورية الفرنسية لكي يتم الاحترام الكلي للقواعد والأعراف الدبلوماسية في التعامل مع وزراء الخارجية ورؤساء الدول و الحكومات الأجنبية.
مزوار لم يكن وحده كان مرفوقا بموظفين من ديوانه، ووحده أثار شكوك الأمن الفرنسي الذي أخضعه لتفتيش دقيق على الرغم من أنه أدلى لهم بصفته وبجواز سفره الدبلوماسي، لكن مرافقيه لم يخضعوا لنفس المعاملة المهينة مما يفيد أن الأمر كان مقصودا وأن فرنسا “عينها” في مزوار، وهذا الإستنتاج لا يمكن أن يبدده أو يلغيه إلا اتخاذ إجراءاتجزرية ضد المسؤول عن هذا التجاوز في حق رئيس دبلوماسية دولة أجنبية.
فقبل أسابيع تحركت الشرطة الفرنسية إلى منزل سفير دولة أجنبية في فرنسا بدون علم وزارة العدل ووزارة الخارجية، وحتى وزير الداخلية المسؤول المباشر عن عناصر الشرطة، يومها قالت باريس كذلك أن هناك ٱختلالات في الإدارة الفرنسية.
توالي الإختلالات، تظهر فرنسا كأنها مجموعة دول وليس دولة واحدة، دولة الخارجية و دولة العدل و دولة الداخلية، ولكل دولة رئيسها الذي لا يحكم في إدارته.
الإختلالات التي وقفت عليها الأطراف الفرنسية تعود من جديد مع الإهانة التي تعرض لها مزوار و العلاقات المغربية الفرنسية تحكمها الأفعال وليس الأقوال ولن تعود إلى سابق عهدها إلا إذا اتخذت إدارة فرانسوا هولاند التدابير الازمة حتى لا تتكرر الإختلالات، لأن تواليها و استمرارها يُدخل العلاقات المغربية الفرنسية في خانة الأزمة التي لن تخرج منها إلا إذا توقف مسلسل التجاوزات والإعتذارات والتحقيق في الإختلالات لأنه مسلسل يبقى الخاسر الأكبر فيه هي فرنسا….