الحصيلة السنوية للأمن الوطني: إحصائيات مكافحة الجريمة بكل أنواعها والتهديدات الإرهابية
بقلم: فتح الله ولعو
“إن طموحي الوحيد في هذه الظرفية الدقيقة التي نعيشها، هو أن أساهم مع كل الاتحاديات و الاتحاديين في إعادة بناء حزبنا و إخراجه من المنغلق الذي يعيش فيه منذ قرابة العشر سنوات. أتشرف بتقديم ترشيحي وأنا كلي إيمان بضرورة عودة الاتحاد إلى موقعه الريادي في العمل السياسي الملتزم بقضايا الشعب المغربي. فليس الاتحاديون وحدهم من هم في حاجة إلى اتحاد جديد و متجدد، بل البلاد في كليتها تحتاج إلى اتحاد اشتراكي قوي و منيع وذي مصداقية لخدمة مشروع التقدم والحداثة.
إن مساءلتي لضميري، و احترامي لطموحات الاتحاديين هما اللذان دفعاني لهذا الترشح، لنبني جميعا من جديد، وفي مرحلة هي بالضرورة انتقالية، هذا الاتحاد الاشتراكي القوي و المنيع المطالب بأن يسترجع حركيته و جاذبيته، فكرا و ممارسة.
إن الأمر لن يكون سهلا و ميسرا، فالظرفية صعبة و التحديات كبيرة. الوضع صعب عالميا و جهويا و وطنيا، صعب بالنظر لوضعية الحزب الحالية وصعب قياسا مع إكراهات الظرفية وانتظارات المواطنات والمواطنين.
أ- فعلى المستوى العالمي هناك أزمة بنيوية قوية و عميقة، و ارتفاع أسعار النفط وانحسار المبادلات ينعكس سلبيا على المنطقة التي نعيش فيها و يؤثر على مستقبل البلاد.
ب- جهويا، وبعد الانتفاضة التي جسدها الحراك الشبابي الذي عرفته المنطقة، و التي برزت من خلال المطالب التي طرحت ضد الاستبداد و ضد الفساد، هناك وضع مقلق يتجلى في رجوح كفة التوجه المحافظ و الماضوي و مخاطر نشوب مواجهات وحروب أهلية، و أحيانا ذات غلاف ديني، أدت إلى تهيمش و نسيان القضية الفلسطينية، و ترسيخ اقتصاد الريع الذي يغذي الثقافة و الممارسات الانتهازية على حساب التوجه الديمقراطي.
ج- وطنيا، اندلع حراك الشباب الذي عرفته بلادنا كذلك، و الذي يتجلى في الوجه المشرق لحركة 20 فبراير وشعاراتها، هذا الحراك الذي انخرطت فيه جموع الاتحاديات و الاتحاديين و اعتبروه امتدادا و تعزيزا لنضالهم التاريخي من أجل دمقرطة البنيات السياسية و تحقيق مطالب الإصلاح الدستوري التي رفعها و ناضل من أجلها الاتحاد منذ السبعينات.
لقد تجلى رسوخ البنيات التقليدية داخل المجتمع المغربي، كما هو الحال في المنطقة التي ننتمي إليها، في تقوية التوجه المحافظ داخل المجتمع و كذا الممارسات الانتهازية، الشيء الذي أدى بعد هذا الحراك الشبابي إلى انتشار جديد و متجدد لمظاهر استغلال المرجعية الدينية و اقتناص الريع السياسي و الاقتصادي على حساب ثقافة المشروع التحرري و المطلب الديمقراطي.
طبعا مازالت المخاطر التي تتهدد و حدتنا الترابية قائمة و ما تزال التوجهات والنعرات الانفصالية تسعى للنيل من وحدة البلاد، في ذات الوقت الذي برزت فيه مخاطر الانفصال وتوسعت رقعتها داخل بلدان المناطق الصحراوية المجاورة.
وكل هذا يتم اليوم على حساب التوجه التحرري الذي ارتبط بهويتنا الاتحادية و الهادف إلى بناء الفضاء المغاربي الضروري كفضاء تكامل وتعاون واندماج.
في هذا السياق المعقد والحابل بمخاطر مختلفة وفي ظل هذه إلاكراهات، تسير بلادنا و تدبر شؤونها من طرف ائتلاف حكومي محافظ، و أكثر من ذلك، غير قادر على مواجهة التحديات، كل التحديات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية. فنحن أمام وضع سياسي يضرب المكتسبات التي حققها المغرب منذ حكومة التناوب. فالحكومة تبدو اليوم غير قادرة سياسيا على إخراج مضامين الإصلاحات الدستورية إلى حيز الوجود، في حين أن هذه الإصلاحات تشكل مكسبا هاما مكن بلادنا من تقديم الأجوبة الصحيحة للمطالب المشروعة في اتجاه تطوير المنظومة السياسية في بلادنا. هناك كذلك مخاطر تتجلى في التراجع عن المنجزات و المكاسب الاقتصادية و التي تهم الرفع من معدل النمو و محاربة الفقر و البطالة، وعجز مالية الدولة و مستوى مديونيتها الخارجية و الداخلية، وعجز الحسابات الخارجية ووضعية المؤسسات العمومية و المنظومة التمويلية. وبصفة عامة، تباطؤ وتيرة الإصلاحات، سواء الاقتصادية أو المرتبطة بالقطاعات الانتاجية و بالتعليم و العدل و الشغل، إضافة إلى عدم توفر شروط الابتكار و التعبئة السياسيين داخل الحكومة لمعالجة معضلات صندوق المقاصة و صناديق التقاعد في أفق محاربة الفقر و التمايز في التوزيع، ومستلزمات الاستجابة للمطالب الاجتماعية.
د- حزبيا، هناك تراجع لإشعاع بل لحضور الحزب تنظيميا و سياسيا و بالتالي انتخابيا بسبب، أولا وقبل كل شيء، التناحر و الابتعاد عن ثقافة المشروع المجتمعي لصالح نزعة المواقع، و بسبب ضعف وسائل التواصل مع المجتمع المغربي في ديناميته و تحولاته الإيجابية و السلبية، الأمر الذي لم يضر فقط بموقع الحزب، بل ساهم بالأساس في تراجع الحياة السياسية في بلادنا لصالح التوجهات الماضوية و الممارسات الانتهازية، وذلك لأن الاتحاد الاشتراكي منذ 1959، وخاصة منذ 1975، ظل هو المحرك الأساسي للتطور السياسي في بلادنا من خلال وجاهة و جاذبية مشروعه الديمقراطي و الاشتراكي.
لذلك أعتبر، أن إعادة بناء الحزب و خلق قنوات التواصل بينه و بين المواطنين الذين ينتظرونه من جديد، هي المهمة الأساسية التي يجب أن ينكب عليها كل الاتحاديين مباشرة بعد المؤتمر.
يجب أن نكون واعين بأن المؤتمر الوطني التاسع هو مؤتمر المحافظة على الوجود المحدد لمستقبل الحزب، و أن نكون مقتنعين بأن مستقبل الحزب وتقويته هو مكون أساسي لضمان مستقبل البلاد.
إنني لا أدعي تقديم أرضية متكاملة، ولم تكن تلك إرادتي، وعن وعي، لأنني أنخرط في نتائج أعمال اللجان المنبثقة عن اللجنة التحضيرية والتي ساهمت فيها، وهي أعمال حظيت بمصادقة المجلس الوطني. وبالمناسبة أود التعبير عن تقديري الخالص لكل الأخوات والإخوة اللذين ساهموا في تحضير هذه الأوراق سواء فيما يتعلق بقراءتنا التحيينية لمكونات الهوية أو بالخط السياسي أو بإستراتيجية العمل في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، الثقافية والإعلامية، أو ما يتعلق بحقوق الإنسان وطنيا ودوليا. كما أشيد بالعمل الذي أنجزته لجنة تفعيل الأداة الحزبية والتي وصلت إلى خلاصات مهمة توفر أرضية مواتية فنجاح المؤتمر وإعادة بناء الحزب. كل هذه الأوراق، إلى جانب المشاريع التي تقدم بها المرشحون وكذا الإخوة غير المرشحين ، أعتبر أن لها قيمة المضافة يجب توظيفها في إعادة بناء الحزب فكريا وتدبيرا لخطه السياسي وتأهيلا لتنظيماته. إننا محتاجون جميعا لإعادة البناء هذه.
انطلاقا من ذلك، ألتزم بأن ننكب بعد المؤتمر على إعادة بناء الحزب، حزب متجدد، حزب منيع و منفتح، ارتكازا على الأسس التالية:
1) تأكيد ارتباط الحزب بالهوية الاتحادية و العمل بنفس القوة على تحيين أسسها ومرتكزاتها فكرا و ممارسة لتجيب على الأسئلة المطروحة على بلادنا ونحن في العقد الثاني للقرن 21.
فنحن الاتحاديات و الاتحاديون وطنيون تقدميون مغاربيون، ديمقراطيون اشتراكيون حداثيون. هذه المكونات هي مصدر قوتنا، ويجب أن تتمثلها قيادة الحزب، و الحزب في كليته وكذا أعضائه واحدا واحدا. لكن من الضروري القيام بقراءة تحيينية لهذه المكونات. فاستمرارية الاتحاد الاشتراكي هي مكسب تاريخي، ولذلك يجب ألا يظل الحزب مجرد تراث، يجب أن تتوفر للاتحاديين اليوم، الإرادة على جعل الحزب المعتز بنضالاته وتضحياته و بنفس القوة، حزب المستقبل، حزب استمرار استراتيجية البناء الديمقراطي.
ونحن إذ نؤكد على تشبتنا بالهوية التقدمية، نؤكد كذلك على تمسكنا و تعلقنا باستقلالية القرار الاتحادي. هذا ما تعلمناه في مدرسة عبد الرحيم بوعبيد فكرا و ممارسة.
إن تأكيدنا على مكونات الهوية هو الذي يدفعنا إلى وضع مشروعنا الاقتصادي و الاجتماعي على أساس تمنيع أسس الاقتصاد الوطني و تسليحه داخليا لمواجهة التحديات الخارجية و تنويع النسيج الإنتاجي لضمان التطور و خلق فرص الشغل و السهر على التوزيع العادل للثروات و للمداخيل تمثلا لتوجهنا الاشتراكي .
إن تأكيدنا على إدماج البعد الحداثي في هويتنا إلى جانب التحرير و الديمقراطية و الاشتراكية يفرض علينا أن نسترجع مواقعنا، المواقع التي كنا نحتلها بالنسبة لنصرة القضية النسائية، عاملين بالأساس على الدفع بمسلسل المساواة و المناصفة على كل المستويات السياسية و الاقتصادية و الحزبية. وكذلك موقعنا الريادي في الارتقاء بمكانة الشباب، على أن نسير بقناعة راسخة في طريق تشبيب حزبنا، و بذلك سنتمكن، وكما كان الأمر عليه في الستينات و السبعينات، من تمكين أجيال جديدة من تحمل المسؤولية داخل الحزب و داخل المؤسسات المنتخبة و الهيآت النقابية و النسيج الجمعوي. كما يجب أن نعمل على الاضطلاع بدورنا كاملا في الحقل الثقافي في إطار مصالحة جديدة مع المثقفين ضمن تفعيل مشروعنا الديمقراطي الاشتراكي الحداثي.
و يتعين أن يرتبط انخراطنا في قيم الحداثة كذلك باستيعابنا للواقع التاريخي و الثقافي لبلادنا. فالمغرب هو بلد التنوع، بلد السهول و الجبال و الصحاري و المدن التاريخية، بلد المتوسط و الأطلسي، بلد ينتمي للمنطقة المغاربية و إلى القارة الافريقية. ومن هنا سيكون علبنا أن نلعب دورا أساسيا في تفعيل مقتضيات الإصلاح الدستوري فيما يهم ترسيم اللغة الأمازيغية إلى جانب اللغة العربية، و اعتبار الحسانية وكل الروافد الأخرى المرتبطة بتأثير الموقع الجغرافي لبلادنا.
إن إقرار الواقع التعددي لبلادنا ليس مسألة شعارات واعتراف بمكونات تغني الإنسية المغربية وتفتح لها آفاقا نظرية نحو إنجاح التعايش والاستقرار بل منطلق فقط للدفاع عن حقوق يجب ترجمتها على مستوى المؤسسات المنتخبة والمدرسة ومرافق الخدمات الاجتماعية. فعلينا نحن في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أن نتعبأ لجعل تجسيد الحقوق الثقافية مرتكزا لما نطالب به من تطوير وتعميق للنهج الديمقراطي وترجمته كإجراءات تخدم العدالة الاجتماعية والمجالية.
2) بناء مقومات وآليات المعارضة الاتحادية؛ الاتحاد الاشتراكي في اعتبار المغاربة تاريخيا هو حزب المعارضة. لقد ترسخت هذه الهوية في وعي المغاربة من خلال نضالات وتضحيات الحركة الاتحادية على امتداد أزيد من ثلاثة عقود من أجل الإصلاحات الديمقراطية وفي سبيل تحرر وتقدم البلاد. علما بأنه الحزب الذي ساهم في التدبير الحكومي خلال مراحل مهمة من تاريخ المغرب المستقل مع حكومة عبد الله إبراهيم و عبر حكومة عبد الرحمان اليوسفي. ويتعلق الأمر هنا بمرحلتين مشرقتين في تاريخ المغرب ارتبطت الأولى باكتساب أدوات السيادة الوطنية اقتصاديا و اهتمت الثانية بإدخال المغرب في منطق الاصلاحات السياسية و الاقتصادية الكبرى.
هذا و بعد التراجعات التي عرفها الحزب تنظيميا و انتخابيا، فهو يجد نفسه اليوم موضوعيا في موقع المعارضة، بعد أن ساهم منذ أواخر التسعينات في تدشين أسس توجه إصلاحي بالمغرب على مختلف الجبهات وله الفضل البين فيما عرفته بلادنا من منجزات لم تكتمل بعد وقد تتعرض للنكوص والتراجع. و اليوم، المطلوب وبكل استعجال هو أن يتحمل الاتحاد الاشتراكي بكامل الوضوح مسؤولية المعارضة، و أن يحتل موقع قاطرة المعارضة، وهي معارضة ضد توجه محافظ مهيمن داخل الحكومة و يسعى إلى تعزيز موقعه داخل الدولة و المجتمع. معارضة كذلك ضد شيوع ثقافة الانتهازية داخل النسيج الاجتماعي و التي لن تؤدي إلا إلى انحراف و ميوعة العمل السياسي و جعله مجرد واجهات صورية تحركها في غالب الأحيان ميولات و ذرائع فردانية دون اعتبار لمصالح البلاد و الشعب المغربي.
في المرحلة الراهنة، وبعد المصادقة على الدستور الجديد ، نكون نحن الاتحاديات و الاتحاديين مطوقين بأمانة إعادة بناء الحزب على أساس الاضطلاع بالدور الأساسي في المعارضة، البناءة و الاقتراحية، على مستوى البرلمان و أيضا من خلال العمل و النضال في كل الجبهات التي نعمل فيها ، اجتماعية و ثقافية و جمعوية و إعلامية.
إن دور المعارضة اليوم هو دور مصاحبة ومواكبة لتنزيل مضامين الدستور الجديد. إن الاتحاد في حاجة ماسة إلى توضيح خطه السياسي من خلال مقترحات تهم تجسيد المضمون الديمقراطي للدستور. فالمغرب الديمقراطي سيبنى انطلاقا من أجندة تراعي صياغة مختلف القوانين التنظيمية ارتكازا على التمسك والتعبئة حول التأويل الديمقراطي لمبادئ السلطة و قيم الحكامة التى ستجعل نظام الحكم بالمغرب وكما جاء في الفصل الأول من الدستور” نظام ملكية دستورية، ديمقراطية برلمانية واجتماعية” تقوم على أساس فصل السلط وتوازنها وتعاونها …وربط المسؤولية بالمحاسبة”.
فمعارضتنا وهي ترسم أفقها السياسي ارتباطا بمنطوق الدستور ومنطقه العام هي معارضة بناءة ستتكفل بمهام الدفع نحو التسريع بوضع مقتضيات الدستور على سكة التطبيق العملي لنجعل للعمل السياسي ببلادنا أسسا جديدة تخدم ما يتطلبه الوضع الاقتصادي والاجتماعي من إصلاحات ومن تقويم مستعجل للسياسات العمومية.
3) العمل على تعبئة كل الاتحاديات و الاتحاديين، ووضع حد نهائي لمظاهر التناحر الداخلي، و اعتبار أن لكل اتحادية و لكل اتحادي قيمة مضافة يجب تعبئتها وتوظيفها إيجابيا لصالح الحزب، وفي ذات الوقت تطويق جوانب ضعف كل واحدة و كل واحد منا لكي لا توظف ضدا على مصالح الحزب.
هذا ما يتطلب خلق شروط عودة العديد من المناضلات و المناضلات إلى الفعل النضالي الحزبي بعد أن جمدوا نشاطهم بشكل أو بآخر. وهذا ما سيساعد لا محالة على توحيد مكونات العائلة الاتحادية حزبيا و نقابيا. وهنا يجب أن نسجل الصدى الإيجابي الذي خلفته “تظاهرة الكرامة” ليس فقط وسط الاتحاديين ولكن لدى الرأي العام الوطني. إذ يجب أن نستوعب أن المغاربة اليوم، يريدون عودة الاتحاد الاشتراكي موحدا إلى ميدان الفعل السياسي التقدمي كحزب متضامن و متآزر يبعث الأمل من جديد، سواء بالنسبة لخلق شروط تطبيق مضامين الدستور الجديد أو من أجل توفيق التراجعات عن المكتسبات في المجالين الاقتصادي و الاجتماعي.
إن توحيد العائلة الاتحادية هو المدخل الطبيعي لتوحيد اليسار المغربي وهو المنطلق ضد مختلف أوجه تقليص مجالات الحريات والإخلال بتوازن السلط واحتمالات التراجع عن المكتسبات الاجتماعية.
فالدفاع عن الديمقراطية وتوسيع هوامشها، من السياسي إلى الاقتصادي والثقافي ومن حقوق العمال إلى حقوق المرأة والطفل والمغاربة المقيمين بالخارج إلى الاعتناء بحقوق مواطنينا ومواطناتنا ذوي الاحتياجات الخاصة، يستلزم تضافر الجهود والعمل الوحدوي لجعل التعبئة تخدم مطامحنا المشتركة في إنجاز خطوات نحو التقدم والحداثة في سياق احترام التعددية التي جعلت من اليسار قوة اقتراحية وجعلت مختلف مكوناته سندا لمقاومة مختلف مظاهر القهر الطبقي والحيف الاجتماعي.
4) بناء إدارة حزبية عصرية قادرة على تتبع متطلبات العمل السياسي المنتظم وترجمة القرارات والتحركات النضالية في مختلف مجالات التواصل مع مكونات الشعب المغربي وتعبئة الشرائح الاجتماعية والفعاليات النضالية، الفكرية والمهنية. إن ضمان عودة الاتحاد إلى ممارسة عمل سياسي تقدمي منتج يتطلب استعادة قدراته السياسية والتنظيمية لكي يسترجع إمكاناته في الثأتير والإشعاع والتحريك بكل الفعالية التي تتطلبها الحياة العصرية.
إن تصريف خط سياسي ملتزم بقضايا الوطن والفئات المستضعفة ويناسب رهانات التقدم لا معنى له ولا جدوى بدون أداة حزبية موجهة ومراقبة بانتظام حسب الاستحقاقات التنظيمية للحزب. والتنظيم السياسي الذي ينجز هو التنظيم الذي يعتمد التراكم ويجسده في العمل المستمر والمتواصل مع مختلف التنظيمات الترابية والمهنية في مختلف أنحاء البلاد. لذلك ستكون من مهامنا الأولى الاهتمام بوسائل عمل الحزب ليس كعلامات لتواجده في الحملات الانتخابية والتحركات النضالية بل كأداة لتحضير وتحيين الرؤية للواقع المجتمعي وتوحيد مجهودات تتبع الواقع وصياغة المقترحات والبرامج والحرص على التداول بشأنها داخل التنظيمات المعنية والحزب ككل ومع مختلف الجمعيات وفي كل مستويات وأصعدة التشاور والتنسيق داخل المجتمع.
من هذا المنطلق يتعين تحضير الخطاطة الجديدة للتنظيم الحزبي في أفق التناغم مع مشروع الجهوية وذلك بجعل التنظيمات الجهوية تنظيمات محورية تعكس متطلبات الواقع المحلي وتستمد أسسها وبرامجها من حاجيات الجهة ومكوناتها الترابية من خلال تغليب منطق اللاتركز في عملنا الحزبي . وبذلك يكون الاتحاد سباقا إلى اعتماد تدبير جهوي للشؤون التنظيمية يتخذ من الخط السياسي المرحلي للحزب بوصلته ويجعل من الاجتهاد المنطلق من الحاجيات المحلية والإقليمية والجهوية مرتكزا لبلورة مقترحات ومشاريع البرامج التنموية.
وعلى هذا الأساس يتعين تسطير أهداف عمل لمختلف الأجهزة والتنظيمات التابعة لها في بلورة البرامج وفي نشر الوعي السياسي والحقوقي وكذا في ترجمة التواجد الحزبي إلى إنجاز سياسي يتجسد في المؤسسات المنتخبة وفي مصاحبة الجمعيات والتنظيمات المهنية والاجتماعية.
إن إعادة بناء الحزب يقتضي ربط العمل التنظيمي بهويتنا والتحكم في تديبيرنا السياسي، وبنفس القوة يتطلب ذلك وضع وتدبير خطتنا في المجال الانتخابي
إن تجديد الحزب يفرض انطلاق دينامية عميقة و شاملة داخله تسمح له بالخروج من انغلاق تنظيماته و الانفتاح على المجتمع من خلال الديناميات التي تخترقه و المترتبطة بالحاجيات الاقتصادية و الاجتماعية و بالخصاص الكبير في مجالات الشغل و السكن و التعليم و الصحة و بمتطلبات الحياة المعيشية اليومية. كل هذا يتطلب وضع استراتيجية للانفتاح على المجتمع و على قضاياه، ومن خلال ذلك فتح الأبواب لشباب و نساء المغرب و لأطره و للفعاليات الشعبية المرتبطة بالأحياء والمداشر والقرى من أجل أن يعود الاتحاد الاشتراكي كما كان من قبل حزب القوات الشعبية، الحزب القادر على الانصات لكل المغاربة و الحزب المساهم .في زرع الأمل لكل مشاكلهم. ضمن هذا التوجه من الضرورة أن تتوفر للحزب استراتيجية عمل للاهتمام و التواصل مع المهاجرين المغاربة بالنظر لأهمية موضوع الهجرة بالنسبة لوضعهم في البلدان التي تستقبلهم او بالنسبة للثأتير الكبير لعامل الهجرة على بلادنا ككل وعلى الجهات التي ينتمي غليها المهاجرون . في هذا الإطار على الحزب أن يبتكر استراتيجية عمل جديدة في مجال الهجرة وفي الجواب على مطلب ثمتيلية تكتلات المغاربة المقيمين بالخارج.
إن انفتاح الحزب على المجتمع يفترض أن نستوعب بقوة علاقة الدين بالسياسة. فبقدر ما يجب أن نواجه مخاطر توظيف الدين في السياسة، بقدر ما يجب أن نكون، نحن الاتحاديون، واعون بأن المغاربة متشبثون بعمق بدينهم الإسلامي و يجب أن نعمل، في هذا الإتجاه، من أجل توظيف هذا التشبث للدفع إلى قراءة متنورة للإسلام باعتباره دين التطور و الاجتهاد و الانفتاح والتسامح.
5) تقوية الموقع الدولي للحزب، ترسيخا لتقليد كبير دشنه المهدي بنبركة و عبد الرحمان اليوسفي في اتجاه خلق جدلية بين نضالنا الوطني الديمقراطي داخليا و ارتباطنا بالتوجهات التقدمية على الصعيد العالمي.
هذا يفرض الحفاظ على المكتسبات في هذا المجال و توظيف حضورنا الدولي للدفاع على مصالح بلادنا، و طبعا انطلاقا من قضية وحدتنا الترابية، و سعيا وراء بناء الفضاء المغاربي الضروري، و السعي من خلال تأهيل حزبنا داخليا إلى تقوية مصداقيته حضورنا الدولي و المساهمة في إغناء الفكر الاشتراكي الديمقراطي عالميا و جهويا، اعتبارا لمخاطر الأزمة العالمية و انعكاساتها على أوضاع بلادنا و الجهة التي ننتمي إليها و كذا على أحوال كافة المستضعفين في العالم. إن إغناء الفكر الاشتراكي يروم إيجاد أجوبة التقدميين و الديمقراطيين في العالم على إكراهات و مستلزمات العولمة و على التطورات التكنولوجية الرهيبة وبروز اقطاب صاعدة بعيدا عن المنطقة التي ننتمي إليها، مما يشكل تحديا كبيرا بالنسبة لمستقبل بلادنا و المنطقة التي نحن جزء منها.
لقد اعتبرت دائما أن مصلحة البلاد يجب أن تكون دوما فوق مصلحة الحزب، و أن مصلحة الحزب فوق مصلحة الأفراد.
و اليوم، تلتقي مصلحة البلاد و مصلحة الحزب كما التقت سنة 1998 عبر حكومة التناوب. ولكن هذه المرة، يفرض علينا هذا الالتقاء أن تقوي موقعنا كحزب معارض.
إن العمل السياسي لا يكون ناجحا، إلا إذا كان عملا يعتمد المصداقية، و المصداقية تتطلب ربط العمل السياسي بالأخلاق و بالكفاءة و بالإنخراط في ثقافة المشروع و نبذ نزعة العمل الفرداني، وبالعمل على معالجة الخلافات بين الاتحاديين بمخاطبة ضمائرهم و عقولهم و إعطاء الأولوية أولا و أخيرا لمصلحة الحزب، و إلى ما هو موضوعي قبل الذاتي. المسألة لا تتعلق بمصير الحزب وحده، بل تمس مصير البلاد، فمن أجل إعادة الاعتبار للسياسة الحقيقية التي هي سياسة الحقيقة، لابد أن نسعى إلى أن يصبح حزبنا من جديد حزب المشروع و ليس حزب المواقع. وكما سبق أن قلت، إن حزب الاتحاد الاشتراكي حزب متميز في بلادنا، ساهم في تحرير البلاد و لعب دور القاطرة في التطور السياسي الديمقراطي للبلاد، لذا يجب أن نسعى من خلال عقد هذا المؤتمر والقرارات التي ستسفر عنه ألا يصبح حزينا مجرد تراث تاريخي نعتز به، بل حزبا حقيقيا فاعلا يٌهديه اتحاديو اليوم للأجيال القادمة لبناء المستقبل الديمقراطي. هذا ليس مجرد شعار، إذ