سنة 2024: التزام قوي ودور فاعل للمغرب داخل مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي
“أشعر بأني حصان شعر ذو صهيل عال، في جغرافيا لا حدود لها، مكسوة بإبر الرمل الساخنة، والأعشاب المأكولة، يهرع حافيًا نحو حدائق الأسف”.
بهذه المقولة للشاعر العربي الفلسطيني محمد حلمي الريشة، صدّر الشاعر والناقد المغربي أحمد الدمناتي كتاب: “محمد حلمي الريشة: تدريب البياض على الخيانة- حوار ومختارات شعرية”، الذي صدر قبل أيام، عن “منشورات وزارة الثقافة” في “المغرب”، حيث كان أعده، وقدم له، وأجرى الحوار مع الشاعر الريشة، حيث كتب في تقديمه للحوار المطول معه، والذي جاء تحت عنوان: “حياتي الشعر وأعلى درجات التجلي الشعري أن تكون المرأة/ الأنثى هي القصيدة”، يقول: “يقود هذا الحوارُ اللغة إلى سفر شيّق يَهَبُ خصوبته للمتلقي بوصفه شهادة حسن النية في مصاحبة القصيدة لأسرارها الخبيئة بطيبوبةٍ نادرةٍ، كما تحكمه الشساعة في طرح قضايا إبداعية وجمالية وتخيّلية متعلقة بالإبداع والترجمة، وزمن الكتابة، والذكريات العتيقة مع طفولة أول قصيدة طريّة في بهو الذاكرة محكومة بدهشة الحنين والفرح الصغير الذي يتساقط من فردوس الغبطة مبتهجًا بمحبته الأنيقة”.
“في كل مرة كنت أظن أني أربكه أو أسيّجه بأسئلة عصيّة، فيخرج منتصرًا بأناقة لغته من شقوق سرية يعرف أبوابها وحده فقط، وكأنه يُضاعف اختراق متخيّله بفاعلية متوهجة بحنين لا يضل طريقه نحو الينابيع ارتواءً للمجهول واللايقين، وخصوبة ضد المحو والنسيان المكثف. لا هدنة مع الحوار عندما تكون الأسئلة فِخَاخًا والأجوبة مكائد”.
“غنى في المتخيل والرؤية والحدس والذاكرة التي تتسم بها إجابات الشاعر والكاتب والمترجم محمد حلمي الريشة في هذا الحوار العميق، الشيق، الثري، الذي ينفتح على أسئلة القصيدة بممكناتها التخيّلية وخياراتها الإبداعية والجمالية لتأسيس شروط وجودها في الذات كما في الكون، وهاجس انتسابها لحركية الإبداع أفقًا لتخصيب ملامح اللغة. إنه الذهاب إلى ضفاف القلب بيُتم المعنى، وتخوم الجسد بلغة تهيّجها الذاكرة الاسترجاعية من رحم زمن فَر سريعًا كبرق خاطفٍ”.
“هو حوار في اللغة وبها مع شاعر خبر أهوال المخاطرة في جُبّ القصيدة، متشردًا بأناقة هنا وهناك في فلوات المعنى، صَاحَبَ فتنة اللغة الشعرية منذ عقود منتشيًا بالكلمة العميقة، منقبًا، جوالاً، منعزلاً، مندهشًا، منفجرًا، هادئًا، وديعًا، صاخبًا، ضاجًّا بالحياة، مشاكسًا، مستسلمًا لنداء الشعر وأقاصيه الرحبة والرحيبة المتيمة بسؤال المحبة والإنصات والتواضع”.
“حوار يتجسس بعمق على المناطق الخفية للشاعر، لا يُقدّم أسئلة بقدر ما يثير أسئلة في الوجود والكتابة والشعر واللغة مبتهجًا بعينٍ لاقطةٍ في تجذير سؤال الإبداع بما هو دخول طري، ندي، طازج، عذب، نيئ، في المجهول واللايقين واللامفكر فيه، حيث البحث عن مواطن الجمال في خرائط المتخيل قضية أساسية يستعذبها أفق جمالية التلقي ويستلذها”.
“ملزم أنت باستثمار غني وذكي وعميق للأسئلة استعدادًا لِمَكْرِ الأجوبة، وخِبرتها في ترويض الألغام المدسوسة في خيمة اللغة. المُحَاوِرُ يشحذ ذخيرته باستمرار للحرب القادمة، والمُحَاوَرُ يسترد أنفاسه كاملة تحسبًا لهجوم مبكر على مواقعه الآمنة دائمًا، بين الكرّ والفرّ تؤسس لغة الحوار خصوبتها غير عابئة بحروب تدور هنا، أوهناك، في غفلة من دهشة حلمها بتجديد علائقها بالوجود والذات والكون، وكأنها المنذورة لاستقطاب حدس الاستشراف المشرق بابتهاج المعنى العاري، النقي، الدافئ كحضن امرأة لا تأتي في الموعد المحدد لاستكمال ألق أنوثتها”.
“هكذا، يصبح الحوار سيرة حياة شاعر. إنصات ومكابدة حقيقية لنداء القصيدة في ديمومة ولادتها المتجددة، وهي الراغبة بشهوة عنيفة في توريط العين، قبل القلب، في سفر يستحبّ بعناية دقيقة منفى اللغة اختيارًا واندهاشًا، لا إصرارًا وإكراهًا”.
“هي مقدمة لا تريد توجيهًا مسبقًا للقراءة بقدر ما هي تحريض العين لقراءة الكتاب بضوء القلب، فالقلب دليل الإنسان بقوة بصره وبصيرته في ارتياد المجهول، واكتشاف الألغاز والأسرار، وهو حوار له غبطة التجسس على مغارة آهلة بالعجائب والغرائب، ومتعة التلصص على كهف تأوي إليه الجميلات خوفًا من حزم ودهاء شهريار”.
اشتمل الكتاب، كذلك، على رسالتين من الشاعر محمد حلمي الريشة؛ الأولى للقصيدة، وجاءت تحت عنوان: “القصيدة؛ صدقة الغيظِ في يد الموت”، والثانية للشاعر، وجاءت تحت عنوان: “الشَّاعرُ والـ(حبيبتهُ) العالقةُ بدبقِ نجمةِ المجازِ”.
كذلك احتوى الكتاب على مختارات شعرية، للشاعر محمد حلمي الريشة، من ثلاث عشرة مجموعة شعرية له، بواقع قصيدة/ نصٍّ شعري من كل مجموعة، وبشكل عكسي من حيث سنة إصدار كل مجموعة، كالآتي: قصيدة “رذاذ جريح حين أشهق عصفورة الظل” من المجموعة: “كأعمى تقودني قصبة النأي” (2008)، و”حواس” من: “معجم بك” (2007)، و”المذبِحة” من: “أطلس الغبار” (2004)، و”منازل الجرح الفاتن” من: “هاويات مخصبة” (2003)، و”رحيق أَناه في ميزان صدرها الأبدي” من: “خلف قميص نافر”، و”مثل عزف فوق أَعصاب زنابق” من: “كتاب المنادَى” (1998)، و”كما مر الهواء على رخام الذاكرة” من: “كلام مرايا على شرفتين” (1997)، و”صدى واحد في انتباه الحديد.. غناء غريب” من: “لظلالها الأشجار ترفع شمسها” (1996)، و”وحدي أفسر ما يصفق هاتف” من: “أنت وأنا والأبيض سيء الذكر (1995)، و”فواصل في الغبطة المشتهاة” من: “ثلاثية القلق86-90″ (1995)، و”تساؤلات غريب البنفسج وقريب النوارس” من: “الوميض الأخير بعد التقاط الصورة” (1994)، و”باب إليك، وليس لي إلا خلاص الأقحوان” من: “حالات في اتساع الروح” (1992)، و”الوقت صار الزوبعة” من: “الخيل والأنثى” (1980).
يذكر أن للشاعر والباحث والمترجم العربي الفلسطيني محمد حلمي الريشة العديد من الكتب في مجالات: الترجمة الشعرية، والأبحاث الأدبية، والأنطولوجيات، والكتابات الأخرى.