ككل سنة وفي إطار الاحتفاء بالتنوع الثقافي والانفتاح على الآخر٬ وتكريس سجايا التسامح وتشجيع التعابير الموسيقية الجميلة٬ وإبراز المؤهلات التراثية والفنية لمدينة تطوان الأصيلة وتموقعها الاستراتيجي في الموسيقى الأورومتوسطية.
نجد مدينة تطوان مهد الحضارة والرقي، ملتقى الثقافات، ومسرح حوار الحضارات، في الموعد مع المهرجان الدولي للعود، وكما عودتنا في دوراتها السابقة، تنظيم مميز، وحضور حاشد شغوف برؤية أنامل ساحرة ترسم صورا وألحانا مبهرة وضيوف من الوزن الثقيل وذو صيت عربي وعالمي.
هذا المهرجان يعتبر من أبرز المهرجانات على الساحة المغربية والعربية والعالمية أيضا، وذلك راجع بالأساس إلى قيمة ووزن الفنانين الذين يحضرون إليه من جميع أنحاء العالم، وهذا الحضور الوازن خير دليل على نجاح هذا المهرجان، فبالإضافة إلى الأمور الشكلية الجيدة كالتنظيم والحضور الحاشد والغفير، هناك أيضا مميزات أخرى، فمن جهة نجد أن لهذا المهرجان أهداف حضارية ،تكمن في ربط الصلات وتوطيد العلاقات الفنية وتكريس حوار الثقافات عن طريق هذا الفن الراقي والجذور الضاربة في الأزل، ومن جهة أخرى، يتمثل في الاحتفاء بآلة الحكماء وأهلها، وتكريمهم ورد الجميل لهم على ما قدمته أناملهم الذهبية من ألحان صادقة لعقود من الزمن، هذا فضلا عن محاولة إحياء هذا التراث الفني الفريد من نوعه في عقول وقلوب الأجيال الناشئة صونا للهوية العربية الأصيلة.
“أكورا بريس” التقت بالضيوف على هامش المهرجان واستقت منهم تصريحات وشهادات حول المهرجان وكانت كالتالي:
السوبرانو سميرة القادري: ”باحثة مغربية في غنائيات البحر الأبيض المتوسط، وسفيرة بدول المغرب العربي والاتحاد الأوروبي، حائزة على عدد من الجوائز العربية والدولية..”.
“هذه الدورة تأتي في إطار الاحتفاء بالتنوع الثقافي والانفتاح على الآخر، و خلق حوار ثقافي وفني بناء وفعال بين مبدعي مختلف دول العالم وتمكين الجمهور المغربي من الانفتاح على الثقافات والإبداعات الأخرى وتعريفه بالقامات الفنية الكبيرة في العالم العربي و تمكين المشاركين من مختلف الدول من
التعرف على عراقة التراث المغربي الأصيل.
ويتميز المهرجان هذه السنة بتكريم الفنان محمود الإدريسي، وتتويج الفنان العالمي مارسيل خليفة بجائزة زرياب المهارات، كما تحتفي هذه الدورة، التي تشهد حضور عازفين مغاربة وفنانين أتوا من مختلف البلدان العربية والدولية، بالعراق.
كما أن هذه التظاهرة الفنية استطاعت عبر خمسة عشر سنة، في غياب مموليين رسميين أن يحقق سمعة عالمية، في خريطة الموسيقى الراقية، وأن يحظى بتقدير خاص من قبل كل الفنانين العالميين، الذين شاركوا في دوراتها السابقة “.
مارسيل خليفة: “ فنان لبناني وعملاق الطرب الأصيل، هو أول من ألف سيمفونية تحمل سمات ومقامات عربية أعطت للعود حضوره في مقدمة العزف الموسيقي، إضافة على خصوصيته في العزف والتأليف.
يقول:
“هذه هي المرة الثانية التي أحضر فيها إلى المهرجان الدولي للعود بمدينة تطوان، صراحة هو من المهرجانات المهمة التي تبحث عن التجديد، عن التثقيف، عن التعليم، عن الحس الموسيقي السليم، وما حدث اليوم بعد حفل أو تكريم الأمس، هذا اللقاء الجميل مع الجمهور كان لقاء مثمرا حيث المتلقي كان مشارك بشكل حقيقي في هذه الندوة، فأشكركم وأتمنى أن أكون عند حسن ظنكم.”
نصير شمة : “فنان عراقي ، أصابع من ذهب أمتعت وأطربت دهرا طويلا من الزمن، أصابع وجدت لتعزف على آلة الحكماء..”
يقول:
“مهرجان تطوان للعود عزز الهوية، عزز ظهور تجارب جديدة، وافتتح مسارح وآفاق جعلت العلاقة بين الجمهور المغربي وضيوف تطوان والموسيقيين أن يقدموا أقصى أحلامهم في التجارب الموسيقية، لذلك استمراريته لـ 15 سنة يتسيد جل مهرجانات العود، وهذا المهرجان يستحق كل الدعم سواء من الموسيقيين أو من الجهات الخاصة، وأنا أتمنى من الجهات الخاصة الموجودة في تطوان أو في المغرب أو في العالم العربي أن تعمل كما يجب لدعم الثقافة، لأن هذه تجعل من مدينة مثل تطوان مدينة عظيمة بل وتجعلها تبدو وكأنها عاصمة “.
“أنا متفاجئ جدا للتطور الذي حصل خلال خمس سنوات بتطوان، وهذا يعطينا فرصة لنرى في كل مرة حجم التغير الذي حصل، اليوم تطوان تتمتع بجمال ونظافة وشوارع وبناء وعمران ما كان موجودا، ولو أننا لم نأتي ما رأينا هذا وما تكلمنا عنها ونحن خارج المغرب، فهذا في حد ذاته تسويق للمدينة وتسويق للاستثمار والسياحة “.
حسن ميكري: “فنان مغربي، وعضو مجموعة الإخوان ميكري”.
”المهرجان الدولي للعود في دورته الخامسة عشر بتطوان، يمتاز بالكثير في هذه الدورة، خاصة بجائزة الزرياب الذي كان يعطى لكبار العازفين في العالم وله مشوار طويل فمنذ سنة 2000 أعطي لفنانين كبار مغاربة وهو تحت رعاية المجلس الدولي للموسيقى (بيت اليونسكو/ باريس). هذه الجائزة هي تتويج قبل كل شيء، وقيمتها كبرت بفنانين كبار على رأسهم الفنان المغربي “سعيد الشرايبي” واللائحة طويلة حتى وصلنا إلى الفنان “مارسيل خليفة”، وأتمنى السنة المقبلة أن تعطى لعمالقة آخرين، ويكون الاختيار دائما يجذبنا إلى العلوم والتطوير لهذا المهرجان الذي أصبح قبلة للعازفين على العود والذين يعطون للعود روحا ومسافة وأبعاد جديدة، ويرجع الفضل لهذا النجاح لمنظمي المهرجان على رأسهم “سميرة القادري” الفنانة الكبيرة التي نعتز بصوتها الساحر “.
ياسين عدنان: ” شاعر مغربي، معد ومقدم برنامج (مشارف)، أهم برنامج ثقافي على التلفزيون المغربي، إضافة إلى برامج أخرى” .
” أتيحت لي فرصة أن أقدم هذا المهرجان في دورته الأولى بمدينة مراكش، حينها لم أتصور أن هذا المهرجان سيصل إلى الدورة الخامسة عشر، لهذا وبغض النظر أن الفكرة انبثقت في مراكش، وهي الآن تستمر في تطوان لأنها أعطته الأمان وهو الضمان لكي يستمر، لهذا يسعدني اليوم أن أكون أنا الذي قدمت الدورة الخامسة عشر للمهرجان.
وأهمية مهرجان العود يكمن في أنه يعيد الاعتبار إلى قطب من أقطاب الموسيقى العربية وهي آلة العود، لأن الطرب العربي يقوم على علو هذه الآلة بالذات في نفوس الجمهور والسميعة وعشاق الفن الأصيل.
العود في العالم العربي له قدرة رهيبة على النفاذ إلى عمق مشاعر الناس، لهذا أن تحظى هذه الآلة بمهرجان خاص هذا لا يحتاج فقط إلى إمكانيات مادية ولا يحتاج فقط إلى لوجيستيك وإلى دعم وغير ذلك، ولكن يحتاج أيضا إلى جمهور سميع قادر على احتضان مغامرة بهذه الجرأة وأعتقد أن تطوان توفقت كثيرا على هذا المستوى لأن قوة هذا المهرجان هو جمهور تطوان لأنك لن تجد في العالم العربي وفي كل البلدان العربية جمهورا قادرا على الإنصات بنفس الشغف وبنفس العمق والأريحية، يكفي أن الهواتف النقالة لا ترن في القاعة هذا يكفي كي تفهم أن المهرجان وجد حضنه الدافئ هناك “.
كريمة الصقلي: “فنانة مغربية تلقب بأسمهان المغرب “.
” كنت مسرورة بلقائي مع التطوانيين وبحضور لمهرجان مغربي من هذا النوع، في هذه الدورة حظيت بدعوة خاصة من طرف الفنان “مارسيل خليفة” كي أحضر تتويجه رغم أنني لم أستطيع حضور اليوم الأول وهو يوم الافتتاح نظرا لصعوبة المواصلات السفر، لكنني وصلت صباح يوم السبت كي أحضر حفل توقيع ألبومه “سقوط القمر” الحمد لله لم تفوتني هذه الندوة الجميلة بين أحضان الفنانين والجمهور.
وما يمكن أن أقوله هو أن فكرة المهرجان هي فكرة قيمة أضافت للثقافة الموسيقية الشيء الكثير وهذا المهرجان كما معروف له تاريخ كبير وخصوصية خاصة تتجلى أساسا في عزف العود ومشاركة الفنانين متميزين، أتوا من داخل وخارج المغرب، وأهميته تكمن أيضا في الاستمرارية والانفتاح على الثقافي بدون الابتعاد عن الرونق أو الفكرة التي هي قيمة أخلاقية بعيدة من الصيغة الاستهلاكية. وهذا المهرجان أكن له كل التقدير والاحترام لتشبثه وتطوره دائما إلى الأحسن “.
ادريس الملومي: “عازف عود مغربي، حصل على جائزة الزرياب سنة 2011″.
باختصار مهرجان العود بتطوان هو من الإشراقات المهمة لممارسة الثقافة ككل، والفن بصفة عامة في المغرب، أعتقد أن تطوان التي وصلت الى الدورة الخامسة عشر أنها قد راكمت الكثير من النضج وكثير من المسؤوليات، لا يصح الآن ولا يجوز أن تتخلى مدينة تطوان على هذا الزخم وهذا البريق.
مهرجان العود في تطوان هو عنوان الفرح بشكل عام لآلة العود، وهو أيضا ميدان لممارسة السؤال الحقيقي سؤال الطرب وأيضا لممارسة هذه المعركة الأنيقة والعميقة في الدفاع عن آلة العود في محنته”.
أكورا بريس: سمـية العسيلي/ تطوان