بالأرقام: الحصيلة السنوية للمديرية العامة للأمن الوطني برسم سنة 2024
حين تولى الراحل محمد بوزوبع حقيبة وزارة العدل المغربية، بادرت بعض الأقلام “الصحافية” إلى التساؤل والاستفسار عن قدرة الوزير الاتحادي على “اجتثاث” ديناصورات الوزارة، في إشارة إلى كاتبها العام ومدير شؤونها المدنية، وكذا مدير الشؤون الجنائية والعفو. وبقيت هذه النغمة الاستفسارية ترن وترن، معتمدة على منشطات مُهربة.
مات بوزوبع، وحل مكانه الراحل محمد الطيب الناصري، الذي ساير النغمة الإعلامية إياها، فأبعد الكاتب العام للوزارة، وأتبعه بمدير الشؤون المدنية.
لكن أصحاب النغمة الإعلامية “الخاصة جدا” لم يقنعها هذا التغيير، فعزفت على وتر أن الناصري لم يقدر على إزاحة مدير الشؤون الجنائية والعفو، محمد عبد النبوي لأنه مسنود من طرف “الرجل القوي حينها”، الطيب الشرقاوي.
مات وزير العدل محمد الطيب الناصري، وأفرزت انتخابات 2011، فوز حزب العدالة والتنمية، ونال مصطفى الرميد منصب وزير العدل، فتوقفت النغمة إياها عن العزف، ولم يُكتب أن وزارة العدل لا تزال تُسير برأسين، أو أن الرميد غير قادر على إزاحة مدير الشؤون الجنائية والعفو. يُحسب للرميد أنه الوزير “الإسلامي” الوحيد الذي لا يزايد من منصبه كوزير للعدل، أو يبارك النغمات الإعلامية الخاصة جدا، لأنه ببساطة يفرق بين العمل السياسي في الوزارة، وبين العمل التقني والقضائي والإداري في نفس الوزارة.
لكن الملاحظ أن “فيروس النغمة الخاصة”، تم تمريره هذه المرة إلى وزارة الداخلية، ففي عددها لليوم السبت (21 يوينو الجاري) كتبت جريدة يحلو لها دائما العزف على إيقاع “النغمات الخاصة جدا جدا”، أن وزارة الداخلية لم تعد (بعد رحيل امحند العنصر) تشتغل برأسين، وأن وزير الداخلية الحالي أخذ زمام الأمور، وقبض الملفات الكبرى بيديه، وأن الوزير المنتدب في الداخلية أصبح يأخذ حجمه الطبيعي.
خبر ملغوم بالتأكيد، مصدره أعضاء من “الحزب الإسلامي الحكومي”، الذين يمنّون النفس بـ” ما يجب أن يكون”، من وجهة نظرهم طبعا. يتجاهلون (مع سبق الإصرار والترصد)، أن في كل وزارة يوجد العمل السياسي، وبجانبه عمل إداري تقني محض لا يقدر عليه “إلا الراسخون في العلم”، بالشكل الذي يضمن نزاهة تسيير شؤون البلاد، بعيدا الفوضى السياسية، والمزايدات التي تتناسل مع اقتراب كل موعد انتخابي، وبعيدا عن الأماني التي تعتمد الضغط السياسي المجاني على الولاة والعمال، لإخضاعهم لمنطق “فوبيا عسكر الحزب الإسلامي الحكومي”.