المغرب يشارك في أشغال الدورة الأولى لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب بالرياض
أظهرت مذكرات الأمير مولاي هشام المغلوطة والتي تبعث على الشك أن هدفها الوحيد هو تغليط الشعب وأنها تعكس طموحا غير شروع تحطم اليوم أمام قوة الواقع.
ويتكون هذا الكتاب من 363 صفحة حاول من خلالها كاتبها أو كتابها لعب دور الضحية، فأسلوب الكتابة يتغير من قسم إلى قسم مما يكشف أن هناك أكثر من شخص تناوبوا على تأليف هذا الكتاب، الذي لا يكشف لنا الجديد سوى أن الأمير مولاي هشام كشف بعض الجوانب من حياته الحميمية وعالم أعماله المعقد والابتعاد عن الأهم: وهي الحقيقة.
ولعل هناك خلاصة وحيدة يخرج بها كل من أنهى قراءة الكتاب، هي أن الأمير الذي نبذ نفسه وغادر بلده أراد عادة كتابة تاريخ سلالته وأراد أن يظهر، من خلال دوره الهامشي كأحد أبناء عم الملك محمد السادس، أن له دورا رئيسيا في عملية الانتقال التي عرفت جلوس الملك محمد السادس على عرش المملكة.
إنها قصة خيالية ومنظومة لـ”أمير سيء” بل أناني وانتقامي في بعض الأحيان، حيث سخّر كتابه لتوجيه انتقاداته لعائلته وملكه ومؤسسات بلده، وذلك من خلال سرد وقائع أراد من خلالها صب الزيت على النار لتحقيق حلمه الأبدي، ألا وهو “تفكيك المخزن”، وهو الحلم الذي خصّص له جميع طاقاته، حيث ساند شباب 20 فبراير والإسلاميين واليساريين والطبقة البورجوازية بل وحتى الغرب الذي حاول التقرب منه من خلال إظهار عشقه الكبير للولايات المتحدة الأمريكية.
ولتبرير نتائجه الدراسية المتواضعة في المدرسة المولوية، يقول الأمير مولاي هشام أن الأساتذة صنفه كتلميذ سيء يبرر نقطه السيئة لوالديه من خلال الضغط على أساتذته، كما يقول في كتابه إن العادات السيئة قد تعلمها في قلب “دار المخزن”. ومن الواجب أن نحفر في طفولة الأمير، حيث يشير بشكل مقتضب إلى “استمتاعه بالسلب” الذي ساعده فيما بعد على جمع ثروة بمليارات الدولارات من خلال إدخال الشركات متعددة الجنسيات في نشاط بيع الأسلحة. وهذا ما يجعل الأمير يشرح”إقلاعه الاقتصادي” الذي ينتقل ما بين الصراعات الدولية، ومعاملات السلاح من خلال إيجاد مكان بالساحات المالية “أوفشور” والمناطق الغامضة” في الشرق الأوسط والبلقان وآسيا.
جميل ما يقوله الأمير عن فهمه اللعبة داخل القصر، لكن ما يقوله مغلوط في نفس الوقت، خصوصا أنه وظّف هذا الكلام لربح ثروة خارج بلده، وهو الذي يعتلي المنصات ليلقي تعاليمه التي يجب على المقاولات الملكية اتباعها، سواء كانت اقتصادية أو سياسية، وهو الذي يقول إنه لا يستثمر في المغرب لأنه لا يحصل على نفس الامتيازات التي تحصل عليها العائلة الملكية وأن عائلته ترفض مشاركته في شركته الجشعة.
ويعود مولاي هشام في كتابه إلى لقب “الأمير الأحمر” الذي طلب من أتباعه القدامى التهليل له من خلال صحافة تكتب تحت الطلب، ويشكر في هذا الصدد أبو بكر الجامعي وعلي المرابط وعلي عمار، وكل أولئك الذين كانوا بجانبه لكنه تخلوا عنه بعدما انكشفت جميع أوراقه.
إذا، وعوض أن يعترف الأمير بأغلاطه وبأنه ناضل، في السر، ضد بلده، ينسحب الأمير بشكل مدوّي من خلال خلق الأسطورة الخاصة به، وكما يقول المثل ” من كان منزله من زجاج فعليه إلا يقذف الناس بالحجارة.”
إن كتاب “الأمير المنبوذ” مليء بالمغالطات التي ترتبط بعلاقاته مع الملك الراحل الحسن الثاني وعن ابتعاده عن القصر الملكي الذي ألف بشأنه حقائق غير موجودة يقوم بالتسويق لها ولعب دور الضحية التي قدّمت العديد من التضحيات. ولهذا الغرض، كان لزاما عليه الحديث عن الجرائد التي سبق وتحكّم بها وعن صداقاته الضائعة وضباط الجيش الذين حاول استقطابهم إلى مشروعه المزعزع للاستقرار وإدريس البصري الذي وصفه بأنه”طاهر ولا يقبل بالفساد” واللائحة طويلة.
وفي الأخير، ماذا يتبقى من قراءة هذا الكتاب، الذي يبلغ سعره 18 أورو؟ لا شيء ينفع التاريخ، اللهم بعض القصص الصغيرة التي تترك للقارئ إحساسا بأنه قرأ “مذكرات شخصية” مكتوبة بقلم غارق في الكذب والحقد والتلاعب وغرابة الأطوار.
المصدر
par Benoit Alphand (agoravox.fr)