فيديو: المفوض الأممي لحقوق الإنسان: المغرب نموذج يحتدى به في مكافحة التطرف
“كان أول اتصال بيننا سنة 1999(أو بداية سنة 2000) إن لم تخني ذاكرتي، ضمن لقاء حضره عدد من الصحفيين المنتمين إلى عائلة اليسار وإلى الصف الديمقراطي، وذلك في غمرة الترقب السياسي الذي كان يطبع تلك المرحلة من التاريخ السياسي للمغرب، الموسومة بالحوار بين الأحزاب الوطنية والقصر من أجل توطيد مشروع التناوب الذي تحقق أواخر حكم المرحوم الحسن الثاني، بعد أن فشلت مسودته الأولى سنة 1992″ كانت هذه الفقرة الثانية من الغلاف الذي أعدّه عبد الرحيم أريري في مجلته”الوطن الآن” لهذا الأسبوع، والذي عنونه ب”اقترح علي مولاي هشام 2 مليار لتفتيت مملكة محمد السادس”. وكتب أريري في مستهل الغلاف أنه، وبعد أن أنهى قراءة كتاب “الأمير المنبوذ”، وجد أن البروفيل الذي يرسمه هذا الكتاب لمؤلفه مولاي هشام العلوي هو نفسه الذي تكوّن لديه من خلال العلاقة الشخصية التي ربطته به، وتأكد أن فكرة الرجل هي دائما”الإصرار على هدم مملكة محمد السادس وبأي ثمن.
وعلى طريقة “الفلاش باك”، يعود عبد الرحيم أريري سنوات إلى الوراء ويشير إلى المقالات التي كان يكتبها الأمير،والتي كانت حاضرة في قاعات التحرير بمختلف وسائل الإعلام المغربية، وهي مقالا تعبر عن نفس جديد يطمح إلى إصلاح البلاد، والطموح إلى مغرب جديد يتخلص من سنوات الرصاص، خاصة أن جميع المؤشرات كانت واعدة.
لكن، يقول أريري”ومع تنظيم الانتخابات التشريعية لعام 2000 وما تلاها من تعيين إدريس جطو وزيرا أول وخطاب بروكسيل الشهير للأستاذ عبد الرحمن اليوسفي(…)غيّر الأمير عقرب البوصلة نحو انتقاد التناوب ومسار اليوسفي نفسه عبر التنكر لكل الأمل الذي فجرته حكومة التناوب لدى المغاربة. وموازاة مع هذا الهجاء، يقول مدير نشر أسبوعية”الوطن الآن” إن النقاشات بدأت تتمحور حول الملك محمد السادس وحاشيته، حيث بات الأمير يود معرفة ردود الفعل الشعبية بعد أي إضراب أو حركة احتجاجية…وهذه هي الفترة التي بدأت فيها مصاعب الأمير مولاي هشام مع المخزن تبرز إلى العلن.
يكتب أريري”في سنة 2005، وبالضبط بعد سنتين ونصف على إصداري لأسبوعية”البيضاوي”، سألمس انقلابا ثانيا في تفكر الأمير تمثل هذه المرة في تحول اتجاهه نحو الإسلاميين، الذين بدأ يراهم رهانه الجديد وبحثا عن نخبة مختلفة تقوم على ما يعتبره أنقاض النخبة التقليدية”، حيث حلّل أريري هذا التحول في فكر الأمير بأنه “نوع من الانتهازية السياسية…خاصة أن مراكز الاستطلاع الغربية والأمريكية شرعت حينها في الترويج لفكرة أن الإسلاميين المغاربة قادمون وسيحصلون على 47 بالمائة من نتائج التشريعيات التي كان مقررا إجراؤها سنة 2007.
وفي هذا الوقت بالذات، يقول عبد الرحيم أريري إنه تفاجأ بالأمير يطرق مسامعه بمقترح عرض يتم بموجبه دعمه لإطلاق مشروع إعلامي كبير يضم أسماء متنوعة، اقترح له الأمير غلافا يبدأ بملياري سنتيم وقد يصل إلى 5 ملايير في حال تطلّب المشروع ذلك. وقد اعتبر كاتب المقال هذا العرض مهينا لاعتبارين، أولهما أن العرض جاء عبر زميل من الجسم الصحافي(يستقر حاليا في أوروبا ويعد من المقربين من الأمير) والاعتبار الثاني هو أن العرض يتم بناء على دفتر تحملات أساسه الالتزام بانتقاد العهد الجديد، وتسفيه وتبخيس مرحلة الملك محمد السادس بآمالها ومكتسباتها،وبالتالي الانقضاض على السلبيات وتضخيمها لتأكيد استحالة التغيير في المغرب، أما الاستنتاج فهو الأفظع حسب ما جاء في المقال: ألا وهو فضل الملك الجديد في تدبير شؤون المملكة عبر استهداف كل ما هو مسيء للملك محمد السادس، وتضخيم أي حدث مهما كان تافها لخلق انطباع لدى الرأي العام مفاده أن الأمور لا تسير على ما يرام في مملكة محمد السادس.
وبعد تلقيه العرض وتحليله، جالس أريري الأمير مولاي هشام بفيلته بهيلتون بالرباط”فوق العشب” واعتذر له عن عدم قبول العرض معربا له أن العلاقة بينهما لا تعدو كونها علاقة صحفي بمثقف ، كما أعرب له أريري أنه بحاجة إلى المال والإشهار لكنه لم يطلب منه ذلك، ليقول له الأمير في ختام جلستهما”الدار دارك وأنا خوك نهار تحتاج دق علي..أنا موجود”.
وبعد محنة مجلة “الوطن الآن” صيف 2007، كتب أريري أن الأمير سأله إن تم استنطاقه بشأن علاقته معه وأعرب عن نيته في دفع الغرامة لصالحه، لكن أريري رفض مرة أخرى شاكرا الأمير على مبادرته، ومخبرا إياه إنّه قال للشرطة إنه يعرفه كمثقف مثل سائر المثقفين الذي يلتقي بهم الصحافيون.
“ماذا عساي أن أقول وأنا أتذكر مرة أنني قلت للأمير”لما لا تسخر شبكة علاقاتك الخارجية التي تقول إنها واسعة ومتعددة لجلب المنفعة للمغرب، وتسهيل المأمورية على ابن عمك؟ فأجابني بهمهمة وفم مفتوح.”
كانت هذه الفقرة الأخيرة في الغلاف الذي أعده عبد الرحيم أريري بعد انتهاءه من قراءة كتاب “الأمير المنبوذ”.