خلوة مجلس حقوق الإنسان بالرباط: اجتماع للتفكير وتبادل الآراء بشأن وضعية المجلس ومستقبله
بقلم: برعلا زكريا (باحث)
يشهد مجتمعنا تغيرات متسارعة على مختلف الأصعدة، الاجتماعية والثقافية والاقتصادية. وتظهر مع هذه التغيرات فروقات صارخة وصادمة بين الواقع المعيشي والشكوى من مختلف جوانبه،
لنتأمل معا بعضا من هذه التناقضات :
يشتكي الكثيرون من رداءة “السيتكومات” والبرامج المعروضة على قنوات القطب العمومي بما في ذلك المبرمجة وقت الإفطار في شهر رمضان، لكن الإحصائيات تكشف ارتفاعا كبيرا في نسب المشاهدة !
من الممكن تفسير ذلك باختلاف الأذواق بين مختلف فئات المجتمع. فما قد يعتبره البعض رديئا، قد يجد فيه آخرون متعة وتسلية.
والأكيد أن القائمين على هذه البرامج يدركون ذلك جيدا من خلال استهداف فئات محددة من المجتمع، قد تروقها تلك البرامج.
مثال آخر حينما يشكو الجميع من ارتفاع الأسعار، خاصة في المواد الغذائية الأساسية. بينما تظهر المؤشرات الاقتصادية وحالة الأسواق المكتظة ارتفاعا في معدلات الاستهلاك، والإقبال على السيارات الحديثة والعقارات والمطاعم الفخمة والكماليات.
وهو ما يمكن ربطه بارتفاع الإقبال على القروض البنكية الموجهة للاستهلاك والتفاوتات الطبقية في المجتمع. فبينما تعاني الطبقات الفقيرة من الغلاء، تتمتع الطبقات الغنية بقدرة شرائية عالية تسمح لها باستهلاك السلع والخدمات الفاخرة.
وتزيد من شهية الاستهلاك ضغوط مجتمعية وسلوكات شائعة كالميل إلى التباهي والتفاخر حتى في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، فئة أخرى تدفعها الرغبة في الارتقاء بمستوى المعيشة إلى الاستهلاك، حتى لو كان ذلك على حساب مدخراتهم أو مستقبلهم ظنا منهم أن ذلك هو تذكرة دخول نادي الأغنياء.
المثال الثالت يتعلق بالظواهر السلبية التي يعاني منها المجتمع كالأفعال الخادشة للحياء ومخالفة القانون والفساد والدعارة. بينما نجد أن هذه الظواهر مقلقة من حيث الانتشار، مما يطرح تساؤلا حول هوية المتذمرين من هذه الظواهر هل أصبحوا أقلية؟ أو أن هناك تناقضا بين القيم والممارسات الفعلية للأفراد.
وهو ما يحيل كذلك إلى انتقاد التفاهة على مواقع التواصل الاجتماعي في مقابل ارتفاع عدد المتابعات !
ففي الوقت الذي يلعن الكثيرون المحتوى الهابط الذي ينتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، نجد أن هذه المنصات تحظى بمتابعة كبيرة.
كل هذه التعقيدات والتيارات المتنوعة تحتاج الكثير من الانتباه والمزيد من الدراسة والتحليل والتأمل، بهدف مواكبة هذا التطور المجتمعي المتسارع ومن تم تكييف برامج التربية لتكون أكثر نجاعة، سواء في التعليم أو في الإعلام أو السياسات العمومية.