بالاطلاع على اللوائح الانتخابية التي تقدمت بها الأحزاب على الصعيدين المحلي والإقليمي بجهة طنجة تطوان الحسيمة يتبين أنها سعت إلى المزاوجة بين مرشحين شباب ومرشحين ذوي التجربة لخوض هذه الاستحقاقات الجماعية والنيابية.
فقد تضمنت العديد من اللوائح الانتخابية عددا لا يستهان به من الشباب من ذوي الكفاءات العلمية أو من الذين لهم تجربة في العمل الميداني التطوعي في جمعيات تهتم بالخصوص بالشأن المحلي وقطاعات اجتماعية حيوية من قبيل الرياضة والثقافة والتعليم والصحة والعمل الخيري، وهو إجراء فرض نفسه خاصة بعد إلغاء اللائحة الوطنية للشباب.
كما شملت العديد من اللوائح أسماء اعتادت على خوض غمار الانتخابات سابقا، حيث مثلت أحزابها في مؤسسات منتخبة على الصعيدين الحضري والقروي، محليا وإقليما وجهويا ووطنيا، مما يعني أن الأحزاب تراهن أيضا على هؤلاء لكسب مقاعد جديدة في المجالس المحلية، التي يبدو أن التنافس على ملئها سيكون شديدا وصعبا، خاصة وأن مختلف التشكيلات السياسية تراهن على القواعد الجديدة المؤطرة لانتخابات 2021 للرفع من تمثيليتها في مختلف المجالس.
وحسب متتبعين للشأن المحلي وللمسؤولين عن الأحزاب المترشحة لخوض غمار الاستحقاقات الانتخابية، فالمراهنة على الشباب واقع يفرض نفسه على اعتبار تغير خصائص القاعدة الناخبة مقارنة مع الانتخابات السابقة، سواء التشريعية أو الجماعية، إذ صارت تتشكل في غالبيتها من الفئات الشابة والمتعلمة الطموحة، والتي قد تغري الناخبين بغض النظر عن خلفيتها الإيديولوجية والسياسية.
ولاحظ المتابعون بأن الاهتمام بالشباب يساهم في تغيير صورة الأحزاب السياسية لدى الناخبين، وتوطيد سعيها نحو التغيير لتعزيز حضورها السياسي، في وقت تعمل على تكييف خطابها الموجه للمجتمع، عبر التركيز على طرح تصورات اجتماعية واقتصادية تعنى في كثير من جوانبها بالشباب، أو مستلهمة من المنجزات المحققة أو الأهداف الملتزم بها ضمن استراتيجيات وطنية موجهة لفئة الشباب، سواء ما يتعلق بالتشغيل ودعم المقاولات الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا والأنشطة المدرة للدخل والاقتصاد التضامني، أو ما يتعلق بالتنشيط الاجتماعي والثقافي والرياضي.
ويرى هؤلاء أن خطاب الشباب الممارس للعمل السياسي يعتبر ملائما، إلى حد ما، للخطاب السياسي والاجتماعي السائد وللتغيرات التي شهدتها القاعدة الناخبة، ما فرض على الأحزاب اللجوء إلى تشبيب نخبها، وإدخال تعديلات على برامجها الانتخابية بما يستجيب لتطلعات الشباب، دون إغفال القضايا المحلية التي تستأثر ، محليا أو وطنيا، باهتمام الرأي بمختلف توجهاته.
ولا يبدو أن استمالة المرشحين الشباب والناخبين الشباب والمراهنة على أصواتهم أمرا يسيرا، فإلغاء اللائحة الوطنية الخاصة بالشباب طرح على الأحزاب تحديات جديدة تتمثل في إيجاد موطئ قدم للشباب في لوائحها المقدمة للانتخابات في الدوائر المحلية والجهوية، بما يعني ذلك من تدافع بين النخب السياسية المجربة والنخب السياسية الشابة، خاصة في هذه الاستحقاقات التي تجمع وللمرة الأولى بين الانتخابات التشريعية والجماعية والجهوية.