خلوة مجلس حقوق الإنسان بالرباط: اجتماع للتفكير وتبادل الآراء بشأن وضعية المجلس ومستقبله
أكد تقرير نشرته مجلة جون أفريك، يوم الاثنين، أنّ الجزائر تواجه نقصا حادا في المياه مع حلول فصل الصيف المقبل، ما يطرح على السلطات البحث عن بدائل لمواجهة ملف يهدد أمنها المائي.
ومع ندرة الأمطار واعتدال المناخ شتاء بشكل استثنائي هذا العام، تتصاعد المخاوف في الجزائر من وصول الصيف تزامنا مع نقص المياه على مستوى البلاد، وفق التقرير.
ونقل التقرير عن أحد سكان قرية جرجرة بمنطقة القبائل قوله: ”لا أتذكر في حياتي أنني عرفت مثل هذا الشتاء الجاف والمعتدل، في الماضي كنا نغرق في الثلج لمدة 15 يومًا دون أن نتمكن من الخروج من المنزل“، ويشير إلى أنّ الفلاحين القدامى في المناطق المحيطة لا يجدون في ذاكرتهم شيئًا مثل تلك الرياح الخانقة من الرمال التي ترتفع من الجنوب، والتي تجعل السماء حمراء لأيام.“
وأشار التقرير إلى أنّ ”الشتاء المعتدل بشكل متزايد في المنطقة له نتيجة مباشرة، وهي أنّ السدود والخزانات في وسط وغرب البلاد في مستوى ينذر بالخطر، وهناك حوالي عشرين محافظة في حالة إجهاد مائي بالفعل، حتى باتت الجزائر على شفا أزمة مياه غير مسبوقة في تاريخها“.
ووفق التقرير، فقد كشف مالك عبد السلام عالم الجيولوجيا المائية أن العامين الأخيرين سجلا حالة عجز بنسبة 30٪، وقال: “إننا نراكم عجزًا في هطول الأمطار“. وبحسب الوكالة الوطنية للسدود والتحويلات، في المتوسط الوطني يبلغ معدل ملء السدود 44 ٪ فقط مع اقتراب فترة الشتاء من نهايتها، وتوفر السدود الثمانون قيد التشغيل حاليًا 7.7 مليار متر مكعب للبلد بأكمله، ولا تتجاوز الإمكانات الوطنية الإجمالية للموارد المائية 23.2 مليار متر مكعب سنويًا“.
ويشير التقرير إلى أنّ ”الجزائر بلد ذو مناخ شبه جاف، معظم أراضيها صحراء وليس فيها أنهار كبيرة أو جبال مغطاة بالثلوج بأعداد كبيرة، وبينما تستمر احتياجات البلاد من المياه في جميع القطاعات في الزيادة يكون العرض محدودًا.“
ويؤكد التقرير أنّ ”الإشارات الحمراء تدق منذ عدة سنوات، ووفقًا لتصنيف 2019 الذي وضعه معهد الموارد العالمية، تحتل الجزائر المرتبة 29 الأكثر تضررًا من الجفاف. وأشارت دراسة، نشرها معهد التوقعات الاقتصادية في البحر الأبيض المتوسط عام 2013، بالفعل إلى أن الجزائر كانت من بين البلدان الأكثر تعرضًا للإجهاد المائي طويل الأجل حول البحر الأبيض المتوسط، وأشارت الدراسة على وجه الخصوص إلى نقاط الضعف في إمكانات المياه في البلاد، وشددت على أن النمو السكاني وندرة الموارد المائية وتغير المناخ أثارت مخاوف من نقص المياه، واليوم يبدو الأمن المائي في البلاد مهددا بشكل واضح“.
وينوه التقرير إلى أنّ لدى السلطات الجزائرية خيارات قليلة للتعامل مع الوضع، مضيفا أنّ ”وزير الموارد المائية مصطفى كامل ميهوبي أكد إرادة الدولة في تعزيز منظومة تحلية مياه البحر، والهدف منها زيادة القدرات الوطنية التي تبلغ حاليًا 561 مليون متر مكعب سنويًا، لتصل إلى ملياري متر مكعب بحلول عام 2024“.
وينقل التقرير ما ذكرته وكالة الأنباء الجزائرية، أنه ”بالإضافة إلى 11 وحدة تحلية تعمل حاليًا في تسع محافظات ساحلية، فقد تقرر إطلاق عدة مشاريع جديدة لتحلية المياه لا سيما في الجزائر العاصمة والمناطق المحيطة بها، وبالتحديد في زرالدة وعين بنيان وبالم بيتش وبو إسماعيل؛ لتوفير رأس المال الذي دائمًا ما تكون احتياجاته المائية أكثر أهمية مع نمو السكان، ومع ذلك شكك العديد من المتخصصين في استراتيجية الحكومة بخيار تحلية مياه البحر التي تعتبر كثيفة الاستهلاك للطاقة“.
ويتابع التقرير: ”تعتزم الحكومة أيضًا معالجة موقع تنقية المياه الذي يقدر حجمه اليوم بنحو 450 مليون متر مكعب سنويًا، لتتم زيادته إلى ملياري متر مكعب سنويًا بحلول عام 2030.“ موضحا أنّ ”الجزائر التي لديها حوالي 200 محطة لمعالجة مياه الصرف الصحي منتشرة في جميع أنحاء البلاد تنوي أيضًا إطلاق العديد من المشاريع الجديدة في هذا المجال، وستدعم هذه البنى التحتية الجديدة تلك التي تقدمها الشركة الجزائرية للمياه في عام 2020، وهي أكثر من 100 محطة لمعالجة المياه، و20 محطة لإزالة المعادن، و13 محطة تحلية مياه البحر أحادية الكتلة“.
وأكد التقرير أنّ ”تحلية مياه البحر وتنقية مياه الصرف الصحي وترشيد الاستهلاك الوطني واستغلال طبقات المياه الجوفية للصحراء هي خيارات مطروحة، ويجب على الجزائر أن تجد بدائل موثوقة لمواجهة أزمة المياه التي لن تحدث إلا مع حلول الصيف والطقس الحار“.