الجزائر – استنكر رئيس جمعية “تجمع حركة شبيبة” (راج)، عبد الوهاب فرساوي، “التراجع المهول” الذي تشهده الجزائر على مستوى الحريات، بعد مضي سنتين على اندلاع الحراك، الذي يمثل حركة احتجاجية ضد الولاية الخامسة للرئيس المعزول عبد العزيز بوتفليقة.
وقال معتقل الحراك السابق في مقابلة مع صحيفة “ليبرتي”، ” للأسف، لم تتغير الأوضاع (..) فعلى صعيد الحريات وحقوق الإنسان، نلاحظ تراجعا مهولا”.
وأوضح أنه بعد عامين، لا تزال الأسباب التي دفعت ملايين الجزائريين إلى النزول إلى الشوارع قائمة، مع ظهور أزمة عميقة ومتعددة الأبعاد، برزت على ثلاثة مستويات: سياسية واقتصادية واجتماعية.
كما أشار رئيس جمعية (راج)، إلى إغلاق المجال السياسي والإعلامي وكذلك إغلاق الفضاء العام، في الوقت الذي تزايدت فيه مضايقات الشرطة والقضاء للنشطاء والحراكيين.
وأبرز أن “ذلك ينضاف إلى البطالة المتفشية وتدهور القدرة الشرائية”، موضحا أن الحكومة جعلت البلاد تخسر عامين، كما أنها تستمر في تعنتها وسياستها القائمة على الأمر الواقع بفرضها، بشكل أحادي وضد إرادة الشعب، خارطة طريق تقوم على تنظيم الانتخابات رغم الرفض الشعبي لها كما كان الحال في 12 دجنبر وفاتح نوفمبر 2020.
وشدد على أن “السلطات يجب أن تدرك، أكثر من أي وقت مضى، فشل أجندتها”، محذرا من أنه باتباع هذا النهج، فإن النظام القائم “سيقود البلاد مباشرة نحو الهاوية”.
وأكد رئيس جمعية (راج)، على أن استمرار الاعتقالات جاء نتيجة التدابير الأمنية التي دعت إليها السلطات للتعامل مع الحراك.
وقال السيد فرساوي “ننتظر الإفراج عن جميع المعتقلين على المستوى الوطني وكذلك تبرئتهم ورد اعتبارهم لأنهم أبرياء”، مذكرا بأن الجزائريين قد عاشوا نفس السيناريو في 2 يناير 2020 عندما تم الإفراج عن 76 معتقلا في نفس اليوم، ومنددا في الوقت ذاته بأن “ذلك لم يمنع اعتقال حراكيين آخرين أيام قليلة بعدها”.
وبالرجوع إلى قرار إجراء انتخابات مبكرة، أبرز أن “هذا لا يمكن أن يكون حلا للأزمة العميقة والهيكلية التي تشهدها البلاد”.
واعتبر أن “الأجندة الانتخابية التي فرضتها السلطات أظهرت بالفعل محدوديتها”، مذكرا أنه منذ انتفاضة أكتوبر 1988، نظمت الجزائر عشرات الانتخابات على جميع المستويات، لكن دون أن يحدث أي منها التغيير المنشود.
وتابع فرساوي قائلا، إن “الديمقراطية لا تتعلق فقط بوضع ورقة التصويت في صندوق الاقتراع، بل هي ممارسة يومية للحريات والحقوق”.
وفي ما يخص التعديل الحكومي المقبل، اعتبر أن هذه العملية لن تغير شيئا، لأنه لا يمكن لأي حكومة أو أي وزير تغيير الأمور في ظل هذا النظام.
وقال إنه “يخشى” أن يكون هذا “مجرد تمويه بمناسبة الذكرى الثانية للحراك”، معبرا عن استيائه من هذا الوضع الذي “لم يشهد أي تغيير للأسف”.
وأبرز أنه بعد عامين من اندلاع الحراك الشعبي، يجب على الحكومة التوقف عن عنادها والاصغاء إلى الشعب، مبرزا أن الخطوة التالية بالنسبة للحراك ستكون سياسية بامتياز.
وأضاف أن “استئناف المسيرات السلمية مهم للحفاظ على الضغط، ولكن هذا يبقى غير كاف، ففي ظل الأزمة الاجتماعية يبحث الناس عن أفق، لذلك يجب أن نعطي نفسا جديدا و امتدادا سياسيا للمظاهرات الشعبية”.
وبالعودة إلى الحوار مع السلطات، أشار إلى أن ذلك يبقى مستحيلا “في ظل إغلاق المجال السياسي والفضاء العام، والمجال الإعلامي وحيث يواجه الجزائريون إمكانية السجن بسبب آرائهم”، معتبرا أن “الحوار ينبغي أن يركز على عملية التغيير السلمي والشامل للنظام وليس على قانون أو انتخابات معينة”.
ورغم المحاولات المتعددة لتقسيمه وتحييده عن هدفه، أظهر الحراك أنه لا يزال على قيد الحياة خلال مسيرة خراطة في 16 فبراير الجاري، والتي تعكس، حسب فرساوي، التزام وعزم الشعب الجزائري على مواصلة نضاله السلمي لاستعادة حريته وسيادته.
(و م ع)