يعد مركز أغمات بإقليم الحوز (على بعد حوالي 30 كيلومترا من مراكش)، من أهم المواقع الأثرية الإسلامية بالمغرب التي كانت ولاتزال شاهدة على غنى وتنوع الموروث الثقافي والحضاري والروحي والعمراني لهذا الإقليم٬ من خلال ما سجل به من اكتشافات أثرية تفتح آفاقا واعدة في مجال السياحة الثقافية بالمنطقة.
وتعكس الحفريات المنجزة منذ سنوات بهذا الموقع المكانة التي كانت تحتلها هذه المدينة التاريخية حيث شكلت على مر التاريخ فضاء لللقاء وتبادل الخبرات بين العلماء والفقهاء، وحصنا للعلم والمعرفة وفضاء للتجارة الأكثر رواجا.
ومن بين ما كشفت عنه الحفريات الأثرية بهذا الموقع حمام وسيطي كبير يعد من أكبر الحمامات التي تنتمي للقرن ال11 الميلادي٬ ، والمعروفة بالعالم الاسلامي. وكذلك مسجد أغمات٬ الذي يعد من المساجد المذكورة في النصوص التاريخية.
كما عثر بهذا الموقع على مجموعة من الدور تنتمي لحقب مختلفة٬ ضمنها واحدة شبيهة٬ رغم صغر حجمها، بالقصور من حيث الزينة وجودة المعمار والهندسة والتوزيع المجالي للبناء. كما تضم حوضين مائيين وهي محاطة بعدد من الغرف، إلى جانب ملحقات البناية.
وكشفت الحفريات أيضا، عن بنيات لتخزين وتوزيع المياه وكذا أحواض مائية كبيرة ، مما يظهر أن هذه المنطقة شهدت في الماضي نظاما للتزويد وتصريف المياه يتسم بالدقة، إلى جانب مجموعة من اللقى الأثرية منها نقود وأواني خزفية ونقائش.
وأوضح المندوب الجهوي للثقافة لجهة مراكش آسفي، السيد عز الدين كارا، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن القيمة الأثرية لموقع أغمات تشابه موقع وليلي٬ الذي يعود للفترة الرومانية وبداية الاسلام في المغرب.
وكما أضاف المندوب الجهوي أنه وعلى الرغم من عدم وجود معطيات تاريخية دقيقة حول نشأة هذه المدينة٬ التي تعرف أنها من المدن التي اشتهرت قبل الفترة المرابطية وشكلت المنطلق لبناء مراكش ، فإن هناك غنى كبيرا في ما يتعلق بالقطع الأثرية التي تم استخراجها من الموقع مما يبشر بآفاق واعدة في ما يرتبط بالحفريات بهذه المنطقة.
وقد أشار إلى أن المعطيات الأثرية المسجلة بهذا الموقع حاليا تدل على أنه كان مدينة شاسعة وممتدة وغنية حيث يتوقع أن يشكل على المدى المتوسط موقعا للجذب السياحي والبحث العلمي بمحيط مراكش ويكون له دور في التنمية المستدامة وحركية السياحة بالإقليم.
وفي إطار الجهود الرامية إلى تثمين والنهوض بمركز أغمات، يقول السيد كارا، إن الوزارة تعتزم إنجاز مشروع لبناء مركز للتفسير والتعريف بتراث الموقع سيضم متحفا وبنيات مرتبطة بالدراسات والأبحاث المتعلقة بهذا المركز.
وتأتي هذه الاكتشافات لتؤكد ما كتب حول هذه المدينة التاريخية ورجالاتها الذين كانوا سباقين لتشييد المساجد الإسلامية المغربية وإرساء أسس الصوفية والنظام التجاري والاقتصادي بين الضفة المتوسطية وإفريقيا جنوب الصحراء.