فيديو: المفوض الأممي لحقوق الإنسان: المغرب نموذج يحتدى به في مكافحة التطرف
يظل ارتباط الختان بمفاهيم إيجابية في البيئة المصرية، مثل الطهارة والعفة والالتزام بالأخلاق الحميدة والقيم الدينية، أكبر عائق أمام تنفيذ القانون مهما بلغت العقوبات الموقعة على أسرة الفتاة، خاصة أن هناك عائلات وصل بها الأمر إلى اعتبار الختان فرضا وعدم تنفيذه يعتبر من العار.
لأجل ذلك، قالت جيهان كمال عضو بالجمعية المصرية لطب الأسرة، إن الحكومات المصرية السابقة أصدرت قانون منع الختان كنوع من إبراء الذمة فقط أمام المجتمع الدولي، وفي نفس الوقت تركت الأهل يمارسون الاعتداء على الفتاة في الخفاء وقطع جزء من جسدها، ما ضاعف من بشاعة هذه العادة.
وقالت كمال في تصريحات لـ”العرب” إن القانون لن يستطيع وحده تغيير سلوكيات المجتمع، لأنه في الأساس لا يغيّر العادات والتقاليد مهما بلغت العقوبة مع أن الختان يمثل اليوم الأسود في حياة الفتاة.
وأضافت أن ملاحقة الأطباء الذين يقومون بهذا الفعل ربما يدفع الأهالي للجوء إلى غير المؤهلين والمتخصصين طبيا بل وفي أماكن غير آدمية لختان فتياتهن، ما يضاعف من الخطر الواقع عليهن، لذلك لا بد من العمل على دمج الأطباء أنفسهم في خطط المناهضة والتجريم.
تبنت مؤسسات دينية في مصر، إسلامية ومسيحية، موقفا صريحا من قضية ختان الإناث، حيث حرّمته دار الإفتاء المصرية في العام 2007، ورفضه مجمع البحوث الإسلامية، ومنعته تماما الكنيسة الأرثوذوكسية، ومع ذلك هناك معتقد قوي يربط الختان بالدين.
وحكم على أول طبيب مصري في مارس الماضي بالحبس 6 أشهر بعد إدانته بختان فتاة، والتسبب في وفاتها لإصابتها بنزيف حاد، ما يشير إلى أنه لا يتم الإبلاغ عن حالات الختان، إلا بعد وقوع إصابة خطيرة أو وفاة الطفلة، مثل ما حدث في العام 2007 بعد وفاة طالبة بمحافظة المنيا بصعيد مصر إثر عملية ختان أيضا.
غير أن عزيزة عريف، وهي عجوز مصرية تعيش بمحافظة البحيرة (شمال مصر)، قالت لـ”العرب” إنها لن تتراجع عن ختان أحفادها بعد أن قامت بختان جميع فتياتها، وبررت إصرارها بأنها لا تريد أن تصبح الفتيات مثل “بنات أوروبا”، من حيث التحرر وارتداء “الملابس العارية”، أو الانحراف والتعرف على الشباب وإقامة علاقات محرّمة.
ولم تنكر العجوز جهلها بوجود قانون من الأساس يعاقب رب الأسرة على ختان بناته، برغم من أنه صدر في العام 2008 وتمت مناقشته في جلسات عدة بالبرلمان، لكنها قالت “حتى لو امتنع الأطباء، سألجأ إلى الداية”.
و”الداية” في العرف المصري امرأة غير متعلمة غالبا ما تلجأ إليها الأسر القديمة لإجراء الولادة والختان، وما تزال موجودة في بعض القرى النائية.
وقصّت رواية، تبدو غير إنسانية، بأنها تعرف سيدة بالقرية التي تعيش فيها قامت بختان ابنتها مرتين، بعد أن رأت ختان الطبيب لابنتها “غير مرضٍ لها”، فقامت بختانها مرة أخرى عند “الحلاق”، لقناعتها بأنه كلما زادت مساحة الختان، زادت عفة الفتاة.
وتغيير الواقع بالنسبة إلى أشرف بيومي، أستاذ علم النفس والاجتماع، يكمن في الاعتماد على نشر ثقافة خطورة الختان على الإناث، وتشكيل فرق من الباحثين الاجتماعيين والأزهريين للمرور على المناطق التي تنتشر فيها هذه الظاهرة، وتوعية الناس والتحاور معهم بشكل مباشر، على أن تكون الفئة المستهدفة من ذلك، هي المرأة والجدة.
لكن القانون وحده لا يستطيع تغيير سلوكيات أفراد مجتمع ما، هذا ما أكد عليه بيومي لـ”العرب”، وأن هناك كتلة كبيرة ليست مقتنعة بضرورة إجراء الختان، وتعتبره إلتزاما اجتماعيا لا يمكن تجاهله.
وبالتالي فإن إقناع هذه الفئة تحديدا بالإقلاع عن ممارسة الختان وجعلها تعلن الرفض العلني للظاهرة، يمكن أن يفضي إلى تكون كتلة أخرى تشجع الآخرين على الانضمام إليها وإعلانهم جميعا ننبذ هذه الممارسة الضارة، إضافة إلى الأهمية القصوى في الوصول إلى القرى والمناطق العشوائية التي سيطر عليها السلفيون بأفكارهم، وصعود بعضهم إلى منابر المساجد لحث أرباب الأسر على الختان، واعتباره فرضا يجب تأديته.
جدير بالذكر أن الختان وصل إلى حد استغلاله في الدعاية الانتخابية خلال عهد الإخوان المسلمين والسلفيين، حيث قام حزب الحرية والعدالة بالدعاية الانتخابية في المنيا في العام 2012 بالإعلان عن إجراء ختان الفتاة الواحدة بمبلغ 25 جنيها (3 دولارات)، وكان يتم تعليق لافتات بالشوارع لهذا الأمر.