مند يومين حدث شيء مهم داخل مؤسسة المساء ميديا، تمت ترقية المدير المسؤول إلى درجة رئيس مؤسس، ميسيو لوبريزدون، اللقب الذي كان سلطان الإعلام يفرض على صغار الصحافيين أن ينادونه به.
والرئيس المؤسس كلمة كبيرة تعني الشيء الكثير، إنها تذكرنا بالتجارب التي عاشتها شعوب أوروبا الشرقية والاتحاد السوفياتي، كالأب القائد الرفيق الجزار جوزيف ستالين، والرفيق المربي، الرئيس الخالد ماوتسي تونغ، والقائد المعلم حافظ الأسد، والقائد الأممي جوزيف بروز تيتو، نعم القائد المؤسس رشيد نيني.
كل الذين تشرفوا بتسميات من هذا النوع لم يدخلوا المتحف، متحف الخالدين إلا بعد وفاتهم، إلا الرئيس المؤسس فقط دخل متحف المساء، وهو لا يزال على قيد الحياة، دخل مرحلة التحنيط، وهو لا يزال حيا، حبا في مول اللبن.
الرئيس المؤسس مصطلح كبير، ولكنه مخالف للحقيقة والتاريخ. يعرف جميع الصحافيين أن الرئيس الحقيقي، والمؤسس الحقيقي لتجربة المساء، مند الشهور الأولى لم يكن سوى توفيق بوعشرين، الذي كان يواكب كل صغيرة وكبيرة في يومية المساء، مند الساعات الأولى من النهار إلى الساعات الأولى من المساء يوميا وبدون كلل، ولم يكن رشيد نيني إلا كاتب عمود هرب في خلسة من الصباح، وكان مهموما فقط بتطعيم عموده، والاصرار على خروجه يوميا، ولو بالحشو، إلى أن تصيد خطأ إحدى الصحفيات، التي تسرعت في كتابة حبر غير صحيح، وعوض أن يصحح الخطأ بتصويب، تمادى فيه، حيث خصص له العمود الدي لا يأتيه الباطل لا من بين يديه ولا من خلفه، وبالتالي لم يكن ممكنا بالنسبة إليه أن يتراجع عن حقيقة كادبة نشرها في عموده، لكنه استغل الفرصة من أجل بداية مسلسل تصفية كل رواد تجربة المساء.
البداية في هدا الصدد كانت بتنحية بوعشرين، ودفع المالك إلى الضغط على بوعشرين حتى يغادر التجربة الناجحة، التي حققت التوازن المالي والربح في الستة أشهر الأولى، وهكدا تمت تصفية بوعشرين، وبعده سمير شوقي، ثم تلى طرد المسؤول عن شركة الوسيط.
وكان رشيد نيني يريد أن يحتكر سفينة المساء لوحده، وربما فكر في طرد المؤسس الحقيقي للتجربة، محمد العسلي، الدي لم يكن مهموما كفنان بالمردود المادي للتجربة، بل ببناء منبر وطني يؤصل لتجربة إعلامية مستقلة، فإدا برشيد نيني، بعد تصفية كل الشركاء يسعى إلى ربط المساء بلوبيات مصلحية لها مقاربة غير وطنية في كثير من القضايا، ولكنه قايض الربط بالربح المادي الدي كان يجنيه من دوي المصالح والأرصدة.
فخامة الرئيس المؤسس كان يتصور أن الناس تشتري المساء فقط لأنها صاحبة العمود، فخرج مكرها من المساء، ولم يعد يكتب العمود، ومع دلك ظلت المساء يومية كما كانت إخبارية، دات مقروئية متميزة، ولو بدون مساهمة فخامة الرئيس المؤسس، لأنها ببساطة عادت إلى أهلها وقرائها، بعيدا عن اللوبيات، ودوي الأرصدة، الدين أدخلوها في متاهات حسابات البصلانة واللبن.
الآن يعود الرئيس المؤسس محنطا إلى ثابوته، ويقود المساء رجل من رجالات التجربة الأولى ليواصل المشوار، فله ولأهلي في المساء دعواتي من أجل صون التجربة وتطويرها بعيدا عن الكائنات المحنطة.
أكورا بريس: الأفلاطوني ناقر الفارة الإلكترونية