قبل أيام نشرت “أكورا” مقالا تحت عنوان “الجزيرة وأمريكا وحماس والرميد في مطعم بيضاوي” لتوضيح دور أحد الفلسطينيين الحاملين للجنسية الأردنية في انفتاح الجزيرة على المكون الإسلامي المغربي، فاتصل بنا مجموعة من الأصدقاء والصحفيين وقالوا إننا ظلمنا الرميد، وإن الرجل الذي كان معه هو مغربي وليس أمريكي، وهذا الأمر كنا نعرفه من قبل، ولكننا كنا ننتظر أن يصدر الأستاذ مصطفى الرميد بيان حقيقة حتى نأخذه بالبينات، ولكنه اكتفى بالاتصال هاتفيا صبيحة الخميس الماضي وباعتبار أنه من أصدقاء أكورا قبل الخلق، فقد ارتأت أكورا أن تراجعه في مكتبه وتتحدث معه عما بين يدها من حجج، وأخذ وجهة نظره حول الأشياء، وهكذا توجهت أنا الحسين الأفلاطوني إلى مكتب الرميد للمحاماة بشارع 2 مارس، وعند وصولي رأيت، ما لم أكن أحلم به، ديبلوماسي أمريكي، مرفوقا بشخص آخر نزلوا من سيارة ديبلوماسية ودخلوا إلى عمارة المكتب البيضاوي، تخليت عن فكرة اللقاء، وطلبت المصور بسرعة وأخذت صورة السيارة الديبلوماسية، وانتظرت خروج الديبلوماسي و مرافقه، وهكذا كان، خرجوا بعد ساعة تقريبا، وخرج بعدهم بعد دقائق الرميد، حملت قنصي وعدت إلى ملجئي.
في اليوم نفسه، اتصل زميل صحافي من التجديد وعاتبني على ما نشرت، وشرحت له الأمر، وقلت له يمكن للصحافي أن يخطأ وأنا في انتظار بيان حقيقة من الأستاذ الرميد لنشره، ودخلت سوق راسي، إنسان يكتب عن أمريكا والجزيرة والرميد وبعد ذلك يرى بأم عينه مبعوثا للعم سام في سيارة ديبلوماسية يأتي ليطمئن على الرميد. قلت في نفسي “هادي التالية ليك الحسين، دابا لخبار ديالك توصل اليوم لأوباما والبنتاغون وهيلاري كلنتون”.
ذهبت إلى حيث أنا لاجئ بالدار البيضاء وبدأت أتابع الأخبار، كنت أتصور بأن أوباما سيتدخل اليوم ويحذر الحسين يزي من الاستمرار في استهداف المصالح الأمريكية والاعتداء على محمياتها في خرق واضح لحقوق الاتصال المكفولة عالميا قبل أن يصدر أمره المطاع “على الحسين يزي أن يرحل” وفي اليوم نفسه تتدخل هيلاري كلنتون وتقول يزي مطالب بالرحيل “الآن والآن تعني الآن وليس غدا”.
لكن حتى ولو قبلت أن أرحل فلا يمكنني الرحيل إلا إلى دوارنا بقبائل مرموشة، فحتى البيت الذي كنت أملكه على سبيل الكراء خرجت منه منذ ثمانية أشهر، و دوارنا لا زال كما ولدت فيه، يعيش فيه الناس من أجل عد الايام، لا مدرسة ولا مستوصف، وحتى المخزن لا يأتي عندنا بل نحن الذين نزوره كل أسبوع يوم السوق. وحتى دانون لم يدخل إلى اليوم إلى الدوار، وحتى “المساء” التي تنشر إشهار دانون لا تصل إلى دوارنا، فأنا لم أعرف بأن دانون موجود في المغرب وبشكل مؤكد إلا بعدما وصلت إلى الجامعة (لكن هو يوم عرفت فيه أشياء أخرى عرفت أن بن بركة اختطف في 1965 وعمر بن جلون اغتيل في 1975، وأن الفقيه البصري يعيش بالاختيار الثوري، وأن محمد بن اسعيد أيت ايدر حمل معه 23 مارس إلى فرنسا بعد أن زار الجزائر و سوريا….).
إذن لماذا أرحل؟ تصورت أنه بعد أن أرفض الرحيل سوف يأمر “أوباما” الحلف الأطلسي بقصف قبائل مرموشة، وأن يتطوع “بان كي مون”، ويكشف للعالم بأنه تبت للوكالة الدولية للطاقة الذرية وجود بقايا آثار أسلحة جرثومية وغاز الخردل في معامل سرية بمرموشة، هذا الكشف تبني عليه الإدارة الأمريكية موقفا جديدا ويعطي الرئيس الأمريكي أمرا بتجميد أصول وأموال وممتلكات الحسين يزي وتتطوع الصحافة البريطانية وتكتشف بأن ثروة يزي في الخارج تقارب 75 مليار دولار، ولكن أنا عندي شهود كثر هم أصحابي الذين يتحاشون اللقاء بي حتى لا أقترض منهم، وفي مقدمتهم زميلي الصحفي الإلكتروني صاحب “كود”، وصديقي الكبير هشام رمرم الذي أخبره بأن أبنائي أوقفوا من المدرسة، وأنني بعت جزءا من متاعي، ومع ذلك فأوباما لا يتراجع و لا يريد أن يفهم بأن يزي لا يملك إلا دفتر الحالة المدنية وأغنية لحادة أوعكي، عندما يسمعها يشعر أنه فوق نقيب الصحافيين والناشرين والمستشهرين والموزعين والقارئين الكبار، الذين لا يقرؤون من الصحف الصادرة بالعربية إلا صفحات إشهار بضاعاتهم…
أكيد بعد الهجوم على قبائل مرموشة سوف يتضامن مع الرفيق يزي، الرفيق هوكوتشافيز، والرفيق دانيال أورتيغا، والرفيق راوول كاسترو، والمناضل الأممي نيلسون مانديلا، والرفيق أبو شي حاجة من الشرق الأوسط،، والالوية الحمراء، والجيش الأحمر الياباني، والرفيق بادر ماينهوف، والرفيق عبد الله الحريف، الجميع سيتضامن مع المناضل الإلكتروني يزي، ثلاثة لا أريدهم أن يتضامنوا معي:
– الأستاذ المحامي الكبير خالد السفياني، لأنه عندما يتضامن في شي حاجة فإنها لا تجد طريقها إلى الحل (القضية الفلسطينية) وعندما يدافع تطوعا عن أحد الأضناء فإنه يأخذ عقوبة مضاعفة (دوبل روشارج) وإلى الآن لا أعرف سر ذلك.
– صديقي سي أحمد بزيز، لأن كل من يتضامن معه بزيز، فإن أمواله تحجز ويمنع من التلفزيون.
– الصحافي/ المدرسة بوبكر الجامعي، أنا خويا بوبكر ماتضامنش معايا لأن اللي تضامنت معاه كيسدو ليه الجريدة ديالو، وأنا عقت بيك مضامن مع نيني باش تدفعهم يديرو رد فعل ويسدو ليه الجورنال، لأنني أعرف أنك رجل مبادئ، وأن محبتك لنيني وبوهمو مول اللبن كبيرة بزاف. عرفتي باش عقت بيك مضامن حقيقة مع نيني، لأن الوالد الصحافي خالد الجامعي غير متضامن، وأنا أَعْرَفُ الناس بالآية الكريمة “ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله”.
)وأدعوك أن تغادر لجنة التضامن لأن عندي أصدقاء كثر في مؤسسة المساء ولا أريد أن تقفل أبواب رزقهم حتى لا يحصل لهم ما حصل لي عندما بعت جزء من متاعي وطلبت اللجوء الاجتماعي عند أصهاري)
انتظرت حتى يوم الأحد 15 ماي أوباما لم يخطب، و لم يأخذ خبرا باعتداء أكورا على محميات أمريكا وبيان حقيقة الرميد لم يصلني، وبيان لقائه مع دبلوماسيين تابعين لقوة عظمى لم يصدر بعد أربعة أيام من حدوثه، ومرموشة لا زالت كما تركها الاستعمار، وأن لا شيء تغير، وأن البصري صاحب الرميد لا زال ميتا، فقررت أن أنشر قنصي، وليكن ما يكن.
يظهر من صورة اللقاء مع حسن بناجح ومع مصطفى الرميد أن ممثل الحاكم المدني كما سمته الزميلة “الصباح” لا يتحرك إلا وهو حامل مذكرة للكتابة وهناك احتمالان اثنان لا ثالث لهما، إما أن الرجل ذاكرته ليست قوية ولهذا فهو مطالب بتدوين كل ما يسمعه وهذا مستبعد، وإما أن السياسيين في المغرب عندما يلتقون به فإنهم يفيضون في الكلام (كاتجيهم سريسرة ديال الهضرة)، لأنه عندما التقى بناجح كان يحمل مذكرة للكتابة، والآن يحمل واحدة أخرى واللون مختلف أي أن الأولى عمرات كتبة واشترى مذكرة جديدة. أكيد أنه مع الرميد لم يتحدث عن -يزي-، لأن “ذا الحسين الأفلاطوني نكرة”، لا يمكن أن يتحدثوا عنه أو يحضر طيفه جلساتهم.
إذن عما تداكروا؟ علم ذلك عند الله وأمريكا والرميد والبصري الذي كان الله يرحمو عارف كلشي السابق واللاحق من الأخبار…