فيديو: إصابة 95 شخصا على الأقل بجروح في الضربات الإسرائيلية على إيران
احتضنت مدينة دوسلدورف الالمانية حدثا دوليا في غاية الأهمية يتجلى ندوة دولية تحت شعار المبادرات الجيوسياسية لجلالة الملك محمد السادس من أجل التنمية والسلام والتعاون الدولي، من تنظيم المجلس الفيدرالي الديمقراطي المغربي الالماني وذلك يوم 31 ماي 2025.
الندوة عرفت مشاركة العديد من الفعاليات السياسية والاقتصادية والجمعوية من مغاربة العالم وكذلك من رجال السياسة والمال والاعمال الألمان الذين ساهموا بمداخلات قيمة أغنت النقاش والحوار في هذا اللقاء الدولي الذي يأتي في ظِلِّ التطورات الأخيرة والايجابية التي تعرفها قضية الوحدة الترابية للمملكة المغربية التي أصبحت تلعب دَوْرًا مهما على الساحة الافريقية خصوصا والدولية عموما بفضل السياسة الحكيمة لجلالة الملك محمد السادس.
لقد ركزت جل المداخلات على الدور الكبير الذي يلعبه جلالة الملك محمد السادس في عمليات السلم والتنمية على الصعيد الدولي عموما والاقليمي والافريقي خصوصا. فالسياسة الخارجية لجلالة الملك في إفريقيا وجيهة وذكية وتظهر الإرادة الملموسة لتجسيد التعاون جنوب-جنوب.
نستحضر هنا ما قاله جلالة الملك في رسالة ملكية إلى المشاركين في دورة منتدى كرانس مونتانا المنعقدة بالداخلة، هذه المدينة الجميلة والعزيزة على قلوبنا، في 16 مارس 2019.: إن التزام المغرب من أجل إفريقيا، ومن أجل تعاون جنوب -جنوب مثمر، ليس نتاج ظرفية معينة، ولا مصالح ضيقة. فمنذ اعتلائنا عرش المملكة، ما فتأنا ندعو إلى تضامن فعال وأخوي، ومفيد بشكل متبادل، لأننا نعتبر قارتنا الإفريقية واجبَنا ومسؤوليتَنا، وفرصتَنا. انتهى كلام جلالة الملك.
مند اعتلاء جلالة الملك محمد السادس عرش المملكة. ركز المغرب على اعتماد ديبلوماسية نشطة ومتعددة الأبعاد نحو افريقيا تجلت في العديد من المبادرات والشراكات الإستراتيجية.
وتأتي المبادرة الملكية الأطلسية لِتُكَرِّسَ من جديد الاهتمام الكبير الذي يوليه المغرب للقارة الافريقية وَلِتُمَثَّلَ مقاربة جيوسياسية جِرِّيئَةٌ تُعَبِّدُ الطريق أمام ازدهار افريقيا الأطلسية وَفَكّ الْعُزْلَةِ والاستفادة المشتركة من الثروات. وجعل المحيط الأطلسي أداة لتحقيق التنمية وتعزيز التكامل بين الدول المعنية.
كما أن المبادرة الملكية ستساهم في استغلال الواجهة الأطلسية وتعزيز تعاون جنوب-جنوب، وَإضْفَاءِ الانسجام على السياسات العمومية في المجال البحري، وتفعيل استراتيجية إفريقية متعلقة بالبحار. وهو ما يعكس جدية السياسات المغربية تُجَاه افريقيا.
وقد ثمنت البلدان الافريقية عن طريق مسؤوليها، المبادرة الملكية، مؤكدين على ضرورة تعزيز الحوار والتشاور لدعمها والتزام بلدانهم بتعزيز التعاون الإقليمي من أجل تحقيق التنمية والازدهار في القارة الإفريقية.
كما دعوا في العديد من المناسبات إلى سنِّ سِيَاسَاتٍ مستنيرة لتحقيق الوحدة والإندماج ورفع التحديات وصياغة استراتيجية تعود بالنفع على دول القارة الإفريقية.
الدبلوماسية الموازية لمغاربة المانيا
لقد ساهمت الجالية المغربية بألمانيا ومن خلالها المجتمع المدني ومنذ الجيل الأول في بناء علاقات قوية بين المغرب والمانيا. حيث استطاعت وفي وقت وجيز الاندماج في المجتمع الالماني وفرضت بَصْمَتَهَا في العديد من المجالات ساهم فيها كفاءات وأطر من أبناء المهاجرين المغاربة. هؤلاء كانوا خير سفراء لبلدهم الأم ولم يبخلوا بالدفاع عن قضايا الوطن المقدسة خصوصا قضية الوحدة الترابية للمغرب عبر تنظيم لقاءات ومنتديات للترافع عنها لدى المجتمع الألماني حيث أن التعبئة المدنية والموازية تكتسي أهمية كبرى في التصدي للحملات المغرضة وتوضيح الحقائق أمام الرأي العام الأوروبي والدولي وهو ما كان له الْأثَرُ الايجابي في المواقف الرسمية للسلطات الالمانية والتي نناشدها من هذا المنبر أن تحدو حدو فرنسا والولايات المتحدة وباقي الدول التي أعلنت رسميا اعترافها بمغربية الصحراء ودعمها للمقترح المغربي للحكم الذاتي.
هذا المقترح الذي يحظى يوما بعد يوم بدعم كبير وغير مسبوق من قبل المنتظم الدولي، ليجدد أزيد من 30 بلدا في الاونة الأخيرة، دعمهم لمغربية الصحراء وللمبادرة المغربية للحكم الذاتي باعتبارها الحل السياسي الوحيد والأوحد لهذا الصراع..
دعم تَعَزَّزَ بافتتاح حوالي 30 قنصلية بمدينتي العيون والداخلة وهو ما يعزز العمل الدبلوماسي الذي يقوم به المغرب بقيادة جلالة الملك محمد السادس. قنصليات ستساهم في تعزيز التعاون الاقتصادي والثقافي بين المملكة المغربية والدول الممثلة فيها.
كمجتمع مدني لمغاربة ألمانيا أملنا أن تَحْدُو الحكومة الالمانية نفس الْمَنْحَى ولن تدخر جهدا في تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية مع المغرب الذي أصبح مما لا يدع مجالا للشك جسرا للمستثمرين بين أوروبا وإفريقيا الَّتِي أَصْبَحَت مَحَطّ اِهْتِمَام من قبل أكبر الشركات في العالم لما تزخر به من ثروات طبيعية ومعدنية مهمة الأمر الذي خول له تبؤ مراتب متقدمة.
إن المغرب أضحى يتمتع بـوضع سياسي مستقر وإطار اقتصادي جالب وجاذب للاستثمارات والشراكات، سواء مع العالم العربي أو اوروبا وأمريكا، وذلك بفضل المشاريع البنيوية الكبرى التي أطلقها جلالة الملك خلال السنوات الأخيرة، ومن ضمنها ميناء طنجة -المتوسط ومشاريع الطاقات المتجددة وغيرها من المجالات. وهو ما خَوَّل له دخول عالم الكبار من خلال الفوز بشرف تنظيم كأس العالم 2030 إلى جانب البرتغال واسبانيا. وحتى المانيا ستساهم في هذا الحدث العالمي من خلال مشاريع اقتصادية تعتزم إنشاءها في المغرب استعدادا لهذه التظاهرة الرياضية والاقتصادية الكبرى.
وهي ليست مناسبة رياضية فحسب، بل فرصة لتحقيق فوائد اقتصادية على مستوى السياحة والخدمات والبنية التحتية وغيرها من المجالات التي ستتأثر إيجابا بهذا الحدث الكروي العالمي.
مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس.
مغرب اليوم يعد من أبرز الاقتصادات في القارة الإفريقية التي نجحت في جذب المستثمرين من مختلف أنحاء العالم. ويعتبر نموذجاً قوياً بفضل بنيته التحتية الحديثة. ويتمتع بموقع جغرافي استراتيجي، وقوة عاملة عالية التأهيل، وموارد اقتصادية متنوعة، خاصة. تِلْكَ الْمُوَجَّهَة نَحْوَ الْأَسْوَاق الْإفْرِيقِيَّة وهو ما جعله يحظى بمكانة خاصة لدى الفاعلين السياسيين والاقتصاديين في المانيا لخلق شراكات اقتصادية مهمة خصوصا في مجال الطاقة المتجددة. وكما هو معروف، فالمغرب يتمتع بظروف ممتازة لاستضافة قدرات توليد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وإنتاج الهيدروجين الأخضر.
فألمانيا تَعْتَبِرُ المغرب بوابة أساسية نحو الأسواق الإفريقية وشريكا أساسيا لتحقيق الأهداف المشتركة للتنمية المستدامة والربط الإقليمي. وهو ما يتجلى في التوقيع على عدد كبير من اتفاقيات التعاون المشترك بين البلدين في السنوات الأخيرة. الغاية منها بناء تحالف اقتصادي استراتيجي جديد مع المغرب قصد التَّوَجُّهِ نحو الأسواق الافريقية الواعدة من أجل تنمية شاملة في القارة السمراء.
ويبقى الحدث المتميز في هذا اللقاء الدولي هو تقديم وتوقيع كتاب الصحراء المغربية أرض النور والمستقبل للكاتب السويسري الفرنسي جون ماري هيدت. هذا المؤلف الذي يقع في 315 صفحة من الحجم الكبير على ستة فصول أهمها المحطات التاريخية والأقاليم الجنوبية و”المؤهلات المدهشة”، و”البنية التحتية المعززة للتنمية”، و”الديناميكية الاقتصادية المدفوعة بالأقطاب التنافسية”، و”الصحراء المغربية قطب أطلسي، رائد في افريقيا مزدهرة-مشاريع كبرى من أجل مغرب الغد”.
الكتاب يقدم نظرة شاملة عن الصحراء المغربية والمشاريع التنموية التي عرفتها خلال السنوات الأخيرة بفضل السياسة الحكيمة لجلالة الملك محمد السادس والتي جعلت من جهة الصحراء قطبا اقتصاديا متميزا وصلة وصل بين القارة الافريقية وأوروبا.
وفي كلمته أمام الحضور استعرض الكاتب المحطات التاريخية لهذه المنطقة الجغرافية العريقة، قبل أن يرسم صورة للوضع الحالي في ضوء الجهوية المتقدمة، مؤكدا أن الصحراء هي اليوم “أرض النمو والاندماج الاجتماعي والتضامن الإقليمي.
كما سلط الضوء على أهم المشاريع التي تعرفها الصحراء المغربية في الوقت الراهن خصوصا ما يتعلق بالبنيات التحتية والطرق والمطارات والموانئ ومشاريع الطاقات المتجددة التي أصبحت تنافس المشاريع الكبرى في الدول المتقدمة.
من جانب أخر كان للساسة الالمان نصيب كبير من التدخلات حيث أشاد عضو البرلمان الألماني (البوندستاغ)، هيلغه لينده، بجهود المغرب في مجال التنمية الاجتماعية والاقتصادية وانفتاحه على العالم، وكذا بالتقدم المحرز تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، معتبرا أن المملكة تشكل “نموذجا للحداثة والتسامح”.
كما دعا البرلماني عن الحزب الديمقراطي الاجتماعي (يسار الوسط) إلى تعزيز العلاقات بين ألمانيا والمغرب بشكل أكبر، “على أساس المساواة والتفاهم والاحترام المتبادل”.
وذكر لينده بالعمق التاريخي للروابط القائمة بين البلدين، مشيدا بالدور الحاسم الذي اضطلع به الجنود المغاربة خلال الحرب العالمية الثانية، وبالمساهمة الأساسية التي قدمها المهاجرون المغاربة الأوائل في إعادة البناء الاقتصادي والاجتماعي لألمانيا بعد الحرب.
وفي هذا السياق، شدد النائب عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وهو عضو في الائتلاف الحكومي الحالي إلى جانب المحافظين من الاتحاد الديمقراطي المسيحي، على أهمية الاعتراف بهذا التاريخ المشترك، لاسيما في مدن مثل فوبرتال ودوسلدورف وفرانكفورت، حيث وجود الجالية المغربية متجذر بعمق.
من جانبه أكد المهندس في الذكاء الاصطناعي ماتياس كوخ، على الدور الكبير الذي يلعبه المغرب في المجال الاقتصادي والتنمية المستدامة على الصعيد الدولي بفضل السياسات المنفتحة التي ينهجها جلالة الملك محمد السادس، والتي كان لها الفضل في خلق مشاريع استثمارية كبرى وتهافت الشركات الكبرى على الاستثمار في المملكة المغربية.
كما شدد على أهمية استغلال الذكاء الاصطناعي لتطوير السياحة بالمغرب من خلال برامج مستقبلية وشراكات بين ممثلي القطاع في البلدين.
في ختام هذا الحدث الدولي الكبير، تفضل السيد على السعماري رئيس المجلس الفيدرالي الديمقراطي المغربي الألماني، بتوزيع شهادات تقديرية على كل المشاركين في اغناء الندوة من أساتذة ودكاترة وسياسيين ورجال أعمال.
الشهادات التقديرية أيضا لكل من ساهم في انجاح الملتقى سواء من قريب أو بعيد. ليسدل الستار عن الدورة الأولى التي كان لمدينة دوسلدورف شرف احتضانها والإعلان عن بداية جديدة لترافع مغاربة العالم عن قضايا المغرب علي السعماري استاذ باحث في شؤون الهجرة والثقافة ورئيس المجلس الفيدرالي الديمقراطي المغربي الألماني بألمانيا.