افتتحت، اليوم الأربعاء بالداخلة، أشغال “المنتدى الدولي الأول حول الصحراء المغربية”، الذي ينظمه المعهد الجامعي للدراسات الإفريقية والأورو متوسطية والإيبيرو أمريكية بجامعة محمد الخامس بالرباط ومركز إشعاع للدراسات الجيو سياسية والاستراتيجية، بمشاركة ثلة من الخبراء والأكاديميين والباحثين.
وينعقد هذا المنتدى، المنظم بشراكة مع مجلس جهة الداخلة – وادي الذهب والمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بالداخلة، تحت عنوان “الصحراء المغربية كإرث حضاري وفضاء للاندماج في المحيط الإفريقي الأطلسي، انطلاقا من الرؤية الملكية المتبصرة”.
ويندرج الملتقى في سياق مسايرة التحولات التي تعرفها المملكة في إطار محيطها الجهوي والقاري والدولي، والجهود الرامية إلى المساهمة في استشراف توجهات الأحداث الدولية والإقليمية الجارية، ومتابعة خريطة التفاعلات الجيو-سياسية للمملكة مع هذه الأحداث، في إطار تموقع المغرب كقوة إقليمية صاعدة تضطلع بدور حيوي في محيطها القاري والدولي.
كما يهدف إلى فتح نقاش علمي أكاديمي وتحليل استشرافي حول الرهانات الجيو-اقتصادية قيد التشكل في هذا الفضاء الجيوسياسي الجديد، الذي ستشكل فيه الأقاليم الجنوبية للمملكة نقطة أساسية لانطلاق العديد من المشاريع التنموية ذات الإمدادات الإقليمية والقارية، مما سيساهم في إنجاز مشاريع تنموية مهيكلة تستفيد منها ساكنة المناطق الجنوبية وباقي شعوب المنطقة.
وفي كلمة افتتاحية، أبرز رئيس مجلس جهة الداخلة – وادي الذهب، الخطاط ينجا، أن هذا الملتقى العلمي الهام يسعى إلى إبراز رؤية صاحب الجلالة الملك محمد السادس للتنمية الناجحة في الأقاليم الجنوبية للمملكة وإسقاطاتها على محيطها القاري، لاسيما منطقة إفريقيا جنوب الصحراء وبلدان الساحل.
وأضاف السيد ينجا أن هذا المنتدى يعد فرصة للتقييم الإيجابي للنموذج التنموي للأقاليم الجنوبية للمملكة، ومناسبة لتقديم لمحة عن الرؤية الاستراتيجية لجلالة الملك في ما يتعلق بتنمية إفريقيا، وجعل الأقاليم الجنوبية، بما وصلت إليه اليوم من تنمية، نقطة إشعاع وتعاون لاستكشاف مزيد من فرص التنمية، بتعاون مع البلدان الإفريقية.
من جانبه، قال المدير بالنيابة للمعهد الجامعي للدراسات الإفريقية والأورو متوسطية والإيبيرو أمريكية بجامعة محمد الخامس بالرباط، محمد ظافر الكتاني، إن هذا المنتدى يشكل مناسبة للمشاركين، من خبراء وجامعيين، للتباحث ومناقشة السبل الكفيلة بدعم وتعزيز أسس التنمية المستدامة في الصحراء المغربية، من خلال التركيز على ثلاثة محاور رئيسية.
وأوضح أن المحور الأول يتطرق إلى الدور الحيوي الذي يمكن أن تضطلع به الصحراء المغربية في تشكيل الفضاء الإفريقي الأطلسي والساحلي، من خلال موقعها الاستراتيجي الذي يجعل منها نقطة انطلاق لمشاريع التنمية الاقتصادية والبنية التحتية التي تستهدف تعزيز التعاون الاقتصادي والتكامل الإقليمي.
ويهم المحور الثاني الرهانات الجيو-اقتصادية للمشاريع التنموية بالصحراء المغربية في إطار الفضاء الإفريقي الأطلسي، والتي تشمل تعزيز البنية التحتية، وتطوير الطاقات المتجددة، والزراعة الذكية والمستدامة والزراعة في البيوت المحمية، والسياحة المستدامة، وإيلاء الاهتمام للتعليم والتكوين المهني.
أما المحور الثالث، يضيف السيد الكتاني، فيتطرق إلى الرهانات الجيو-سياسية للفضاء الأطلسي والساحلي في ظل المخاطر الأمنية ذات الجوانب المتعددة، مثل الهجرة والأمن الحدودي، والإرهاب والتطرف العنيف، والصراعات الداخلية أو الإقليمية، حيث يشكل التعاون منطلقا للتوصل إلى حلول سلمية ولتعزيز الحوار والتفاهم بين الأطراف المعنية.
من جهته، أكد رئيس مركز إشعاع للدراسات الجيو سياسية والاستراتيجية، محمد الكيحل، أن هذا اللقاء العلمي، الموجه بالأساس إلى فئة الطلبة باعتبارهم السواعد التي ستضطلع بأدوار طلائعية في المجتمع، يأتي ثمرة تضافر جهود عدد من الفعاليات الأكاديمية لمناقشة المبادرات والسبل الكفيلة بإدماج الصحراء المغربية في محيطها الإفريقي الأطلسي.
وأوضح السيد الكيحل أن المنتدى يهدف إلى تسليط الضوء على المبادرة الملكية الأطلسية “الجريئة” و”الاستباقية” وذات الدلالات والأبعاد الاقتصادية والجيو-سياسية والاستراتيجية، مبرزا أن هذه المبادرة أعادت المنطقة إلى دورها التاريخي بالنظر إلى أن الصحراء المغربية كانت على الدوام محددا أساسيا يشكل العمق الاستراتيجي للمملكة.
وأضاف أن الدور الذي يضطلع به المغرب في فضائه الأطلسي الإفريقي لم يكن وليد اليوم، بل يتأسس على مقومات حضارية وثقافية ودينية وروحية، كما يرتكز على أسس اقتصادية باعتبار أن المغرب، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، هو رائد التعاون جنوب – جنوب الذي يعتمد على المنفعة المتبادلة (رابح – رابح).
من جانبه، قال مدير المركز النيجيري للبحوث العربية بنيجيريا، الخضر عبد الباقي محمد، إن انعقاد المنتدى يمثل فرصة للالتئام من أجل بحث قضايا استراتيجية ذات أهمية قصوى، ومناقشة العديد من التحديات التي تواجه البلدان الإفريقية جنوب الصحراء، وفي مقدمتها التنمية والتعاون.
وأبرز أن السياسة الإفريقية للمغرب هي “سياسة متكاملة” تشمل جوانب التعاون الاقتصادي والديني والثقافي لكل دولة إفريقية مع المملكة، في تناغم ينبع من مصدر واحد هو الرؤية المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، مؤكدا أن الحضور الإفريقي يظل “متأصلا” و”متواصلا” في الخطاب الثقافي المغربي.
وثمّن السيد عبد الباقي محمد المبادرة الأطلسية، التي أطلقها المغرب بقيادة جلالة الملك محمد السادس، باعتبارها استمرارا للرؤية الملكية للتعاون جنوب – جنوب، مشيرا إلى أن هذه المبادرة ستمكن البلدان الإفريقية من استغلال الموارد والإمكانات المتاحة لها بشكل أفضل.
وخلص إلى القول “إنها ليست المرة الأولى التي يقدم فيها المغرب يد العون لأشقائه الأفارقة، فالمملكة في صدارة البلدان التي تهتم بكل ما يعود على المنطقة بالأمن والاستقرار”، مشيدا بالدور الذي يضطلع به المغرب في التصدي للإرهاب في البلدان الإفريقية والتمكين لخطاب الإسلام الوسطي، من خلال معهد محمد السادس للأئمة والمرشدين والمرشدات ومؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة.
ويتضمن برنامج المنتدى مناقشة عدد من المحاور التي تتناول “الصحراء المغربية محدد أساسي في تشكل الفضاء الإفريقي الأطلسي والساحلي”، و”الرهانات الجيو-اقتصادية للمشاريع التنموية بالصحراء المغربية والفضاء الأطلسي والساحلي”، و”الرهانات الجيو-سياسية للفضاء الأطلسي الساحلي في ظل المخاطر الأمنية”، و”العلاقات المغربية مع دول الساحل: فرص النجاح ومخاطر التطويق”.
وجرى، على هامش هذا اللقاء، التوقيع على ثلاث اتفاقيات للتعاون بين مركز إشعاع للدراسات الجيو سياسية والاستراتيجية وكل من المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بالداخلة، والمركز النيجيري للبحوث العربية بنيجيريا، ومركز البحوث والدراسات الإقليمية والدولية بتشاد.
حضر الجلسة الافتتاحية لهذا المنتدى، على الخصوص، مدير المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بالداخلة عزيز سير، ومدير مركز البحوث والدراسات الإقليمية والدولية بتشاد صالح أبكر علي، وعدد من رؤساء المصالح الخارجية، وفعاليات ثقافية وجمعوية، بالإضافة إلى أساتذة وطلبة المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير.