فيديو: المفوض الأممي لحقوق الإنسان: المغرب نموذج يحتدى به في مكافحة التطرف
منذ أول خطاب للعرش، أكد صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، عزمه على “مواصلة مسيرة التطور والنماء”، لفائدة جميع فئات شعبه الوفي، لاسيما المحرومة منها، “التي يستأثر مصيرها باهتمامنا، والتي نوليها عطفنا وحنونا”.
وعلى مر السنين، ما فتئ جلالة الملك يؤكد هذا الالتزام الملكي من خلال الأعمال والمبادرات التي تضمن لجميع فئات المجتمع الحق في حياة كريمة، وبالتالي إشراكها في مسيرة البناء والنماء التي تشهدها المملكة.
ويعتبر تخليد الذكرى الـ24 لاعتلاء جلالة الملك محمد السادس عرش أسلافه الميامين، مناسبة سانحة لتسليط الضوء على المشاريع الكبرى التي أطلقها جلالته لمكافحة الفقر والإقصاء لصالح كل فئات المجتمع، وضمان ولوج عادل وعلى قدم المساواة لكافة الخدمات الاجتماعية الأساسية، وفي مقدمتها الصحة والتعليم والإسكان والعدل.
وتعتبر المبادرة الوطنية للتنمية البشرية إحدى المبادرات الرئيسية التي أطلقها جلالة الملك، في 18 ماي 2005، والتي بلغت مرحلتها الثالثة.
وتروم هذه المبادرة، التي حظيت بإشادة عالية على المستوى الدولي، توسيع نطاق الولوج إلى الخدمات الاجتماعية الأساسية، والنهوض بالأنشطة المدرة للدخل، وبفرص الشغل، وكذا تحسين ظروف عيش الأشخاص في وضعية هشاشة، وذوي الاحتياجات الخاصة. كما تستهدف المرحلة الثالثة بشكل خاص تدارك الخصاص المسجل على مستوى البنيات التحتية، ومواكبة الأشخاص في وضعية هشاشة، وتحسين الدخل والإدماج الاقتصادي للشباب، والتنمية البشرية للأجيال الصاعدة.
وتنضاف إلى المبادرة الوطنية للتنمية البشرية أوراش كبرى، لا تقل أهمية، ويتعلق الأمر بمشروع تعميم الحماية الاجتماعية وتفعيل السجل الوطني للسكان والسجل الاجتماعي الموحد، وهي مشاريع تعتبر من أبرز آليات التنفيذ الناجع والهادف لمشاريع الدعم الاجتماعي.
ففي ما يتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية، يعمل المغرب على قدم وساق لإنجاح هذا المشروع، الذي سيمكن كافة المواطنات والمواطنين من الولوج إلى التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، وتوسيع قاعدة المنخرطين في نظام التقاعد من بين الساكنة النشيطة، وتعميم التعويضات العائلية والتعويض عن فقدان الشغل.
ويسجل تفعيل السجل الوطني للسكان والسجل الاجتماعي الموحد في جميع جهات المملكة معدل إنجاز متقدم للغاية، بفضل التعبئة القوية لمختلف الأطراف المعنية على المستويين المركزي والإقليمي.
وينضاف، أيضا، إلى هذه المشاريع المجتمعية الهامة، ورش إصلاح منظومة الصحة الذي جعله جلالة الملك ركيزة أساسية في مسلسل تعزيز المواطنة وتحقيق التنمية البشرية الشاملة والمندمجة.
ويظل الرهان الأبرز في هذا الصدد، هو ضمان صحة جسدية ونفسية جيدة للساكنة، وكذا ضمان ظروف صحية ملائمة لهم بما يمكنهم من المساهمة الكاملة والناجعة في الأنشطة المنتجة وتطوير مجتمعهم.
وفي هذا الإطار، ما فتئ جلالة الملك يكثف المبادرات السامية الرامية إلى ضمان الولوج العادل للعلاجات الصحية لفائدة المواطنين، في إطار سياسة القرب، وتحسين الحالة الصحية للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، والمسنين، والأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة، بالإضافة إلى تأمين السيادة الصحية للمملكة.
وتعززت هذه المشاريع بتدشين جلالة الملك في 28 أبريل الماضي للمركز الاستشفائي الجامعي “محمد السادس”، وهو قطب طبي للتميز سيمكن، بفضل كلية الطب والصيدلة التابعة له، من هيكلة عرض العلاجات على صعيد جهة طنجة تطوان الحسيمة، وجلب كفاءات طبية جديدة وتوفير تكوين متطور لفائدة الأجيال الجديدة من المهنيين.
كما تم خلال نفس الشهر، تدشين مركز إعادة التأهيل النفسي الاجتماعي للمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد بالدار البيضاء، ومركز صحي للقرب- مؤسسة محمد الخامس للتضامن بالمدينة الجديدة الرحمة، بجماعة دار بوعزة (الدار البيضاء)، وهما مشروعان تضامنيان يجسدان الدور المركزي الذي يوليه صاحب الجلالة لتعزيز الخدمات الصحية الأساسية وتقريبها من المواطنين.
واعتبارا للعلاقة القائمة بين التنمية الاجتماعية والنمو الاقتصادي، فقد أولى جلالة الملك على الدوام عناية خاصة بالنهوض بالقطاع الصناعي، الذي يعد رافعة أساسية ومحفزا لتنمية سوسيو-اقتصادية مندمجة ومستدامة.
وخلال العقدين الأخيرين، تمكن المغرب بفضل الرؤية المستنيرة لصاحب الجلالة من تحقيق إنجازات ملموسة في هذا القطاع، اعتمادا على استراتيجيات طموحة، تم تصميمها من أجل جعل الصناعة قطاعا منتجا لفرص الشغل، ومحفزا للاستثمار المنتج وعاملا للتنمية والتطور.
وقد أضحى المغرب اليوم وجهة عالمية في قطاعات متطورة، مثل صناعات الطيران التي يشكل المغرب فيها منصة ذات جاذبية، أو قطاع السيارات الذي بلغ المغرب فيه موقع الريادة على المستوى القاري.
ويتجلى هذا التطور في مجمل المبادرات التي أطلقها جلالة الملك، وآخرها ميلاد أول علامة سيارة مغربية موجهة للعموم، والتي تم تقديم أول نموذج لها أمام جلالته في 15 ماي الماضي، بإشراف كفاءات وطنية، واعتمادا على منظومة محلية لتجهيز السيارات تطورها المملكة.
والواقع أن هذه النتائج لا يمكن بلوغها دون الاعتماد على رأسمال بشري مؤهل وقادر على مواكبة تنفيذ مختلف الاستراتيجيات القطاعية للتنمية، وفي هذا الإطار تندرج خارطة الطريق الجديدة الرامية إلى تطوير قطاع التكوين المهني التي ترتكز على برنامج مدن المهن والكفاءات.
ويهم هذا البرنامج، الذي يكلف مبلغا استثماريا بقيمة 4,4 مليار درهم، إنجاز 12 مدينة للمهن والكفاءات على مستوى مختلف جهات المملكة، والتي ستعد بمثابة منصات متعددة الأقطاب والتخصصات للتكوين المهني، ستستقبل كل سنة 34 ألف متدرب.
وتميزت سنة 2023 بإشراف صاحب الجلالة بمدينة تامسنا، على تدشين مدينة المهن والكفاءات لجهة الرباط- سلا – القنيطرة، البنية الرابعة من نوعها التي تفتح أبوابها لاستقبال الشباب في طور التكوين، بعد مدن المهن والكفاءات لسوس – ماسة، والشرق، والعيون – الساقية الحمراء، التي شرعت في تقديم التكوين للمستفيدين بين أكتوبر ونونبر 2022.
وهكذا، لم يفتأ صاحب الجلالة الملك محمد السادس يجدد التزامه القوي من أجل تحقيق تنمية متوازنة، وحاملة للعدالة الاجتماعية والمجالية وطموحه ل”بناء مغرب التقدم والكرامة ” (خطاب العرش، 30 يوليوز 2022).