هلال: تقييم دور الأمم المتحدة في الصحراء المغربية اختصاص حصري للأمين العام ولمجلس الأمن
بسرعة قياسية ومثيرة للريبة وافق مؤتمر رؤساء المجموعات البرلمانية الأوروبية على برمجة تقديم مشروع قرار بشأن حرية الصحافة بالمغرب، للتصويت في جلسة الخميس 19 يناير بالبرلمان الاوربي، مع التخصيص بالذكر الصحفيين عمر الراضي وسليمان الريسوني وتوفيق بوعشرين، المسجونين على ذمة قضايا الحق العام، بينما يروج الداعون لمشروع القرار أنهم سجناء الرأي العام، وبنفس السرعة والريبة تم التصويت على القرار المدين للمغرب في غياب ادنى درجات العدل التي تقتضي الانصات للضحايا الحقيقيين، والى جانب موضوع حرية الصحافة أضاف المؤتمرون/المتآمرون بعض البهارات مثل بيغاسوس وقضية الرشاوى التى تورط فيها البرلمان الأوربي بهدف النفخ في بالونة الإدانة.
يجمع المتتبعون ان الأمر لم يكن مفاجئا بحكم الهجمة الشرسة والموازية التي تشنها اطراف معروفة، منذ مدة، على المغرب في نفس الوقت، والتي تتزعمها دول بعينها، غير راضية على المسار التطوري والتصاعدي للمغرب على كل المستويات، وتحوله لقوة جيوسياسية اقليمية وقارية، وتمدده في عمقه الافريقي محققا نجاحات اقتصادية ودبلوماسية نافس بها دولا كبيرة تعتبر نفسها المسيطرة تقليديا على المنطقة، ودولا اخرى مقزمة لكنها تتوهم نفسها قوة إقليمية ضاربة، لتتحالف جميعها على امر واحد، تحطيم المغرب، وما زاد حنقها انفتاح المغرب على تحالفات جديدة مكسرا بذلك الطوق الذي فرض عليه منذ الفترة الاستعمارية، مما جعلها اكثر تصميما على الإطاحة به.
اما ادانة البرلمان الأوربي اليوم للمغرب، بشأن المواضيع السالفة الذكر فهي أراجيف مردود عليها بالدليل القاطع، مما يؤكد أنها مجرد مسرحية للي ذراع المغرب وفرملة مساره، وتطبيق عملي لتوصيات عدد من التقارير الاستخباراتية لدول اوربية توصي بعرقلة تطور المغرب حتى لا ينافسها في مناطق نفوذها بإفريقيا، فأما قضية بيغاسوس فقد تحدى المغرب الجهات المروجة لأكذوبة استعماله برنامج التجسس بيغاسوس ولم يأتوا بدليل واحد، بل إنه واجههم امام محاكمهم وتهربوا من المواجهة بدفوعات واهية، اما قضية الفساد والرشاوى التي تورط فيها بعض البرلمانيين الأوربيين، والتي ابتدأت بتوجيه اتهام لدولة قطر لتتحول اصابع الاتهام بقدرة متآمر نحو المغرب، رغم ان التحقيقات بدأت ولم تنتهي ولا يوجد ما يورط المغرب، فعلى اي اساس قانوني يدين البرلمان الأوربي المغرب!؟
اما بالنسبة للصحفيين المسجونين الثلاثة، والذين اعتبرهم البرلمان الأوربي سجناء حق التعبير، مع التركيز غير المبرر على عمر الراضي، فمن الغريب ان يستفيق هذا البرلمان اليوم ويدين المغرب على عجل، خصوصا وانه المسجونين يقضون عقوبتهم منذ مدة طويلة بعدما تورطوا في تهم يجرمها القانون الجنائي المغربي، والتي لا علاقة لها بوضعهم كصحافيين، ولا بحقهم في حرية التعبير والرأي، وخضعوا لتحقيقات ومحاكمات بمختلف مراحلها طبقا للقانون، وتمتعوا بكل حقوقهم في الدفاع والمرافعات، لتثبت إدانتهم بالمنسوب إليهم والحكم عليهم، ولن تمنحهم مهنتهم كصحافيين وضعا اسمى عن جميع المواطنين المغاربة، فالمساواة أمام القانون مبدأ لا محيد عنه، واستقلالية القضاء لن يؤثر عليها الاستقواء بدول ومنظمات اجنبية، وللمغرب سيادته التي لن يفرط فيها.
يبدو مما سبق ان العملية برمتها مطبوخة، ففي الجوار وبقية العالم هناك دول تفوح منها رائحة القمع والاضطهاد ضد شعوبها، وتنعدم فيها الحدود الأدنى لحرية التعبير والرأي، خصوصا الدول البترولية، ولم يتطرق لها البرلمان الأوربي ولو بالإشارة، لأن الحاجة ماسة الآن لخيراتها، بل إنه (البرلمان الأوربي) مستعد لخدمة أجندتها كذلك، الأفضع من ذلك فهذا البرلمان الذي يدعي الدفاع عن الحقوق قد اغتصب حقوق ضحايا عمر الراضي وسليمان الريسوني وتوفيق بوعشرين، وامتنع عن الاستماع لهم وصم آذانه عن صرخاتهم وانينهم، وانتصر للظالم على حساب الضحية، لأنه ببساطة لا يعنيه لا الظالم ولا الضحية وإنما تنفيذ أجندة الاضرار بالمغرب.