العام الثقافي قطر-المغرب 2024: عام استثنائي من التبادل الثقافي والشراكات الاستراتيجية
سلط مركز روبرت شومان للدراسات المعمقة، التابع للمعهد الجامعي الأوربي، الضوء على الطابع المتميز للنموذج التنموي الجديد الذي اعتمده المغرب، مؤكدا أنه مثال يحتذى بالنسبة للبلدان الأخرى في المنطقة، ولا سيما ليبيا.
وفي تحليل تم نشره مؤخرا تحت عنوان “النموذج التنموي الجديد للمغرب.. دروس لليبيا”، تطرق الخبير السياسي عبد الله الترابي بتفصيل إلى مسار النموذج التنموي الجديد الذي تم إطلاقه تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، وكذلك إلى المخرجات الرئيسية للتقرير العام الذي أعدته اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، والذي ترأس صاحب الجلالة الملك محمد السادس مراسيم تقديمه في 25 ماي 2021، بالقصر الملكي بفاس.
وهكذا، اعتبر تحليل المركز الأوروبي المرموق أن النموذج التنموي الجديد، الذي أعدته اللجنة الخاصة برئاسة السيد شكيب بنموسى، يعد “مثالا للطريقة التي يمكن لليبيين اتباعها لإعداد خارطة طريق شاملة ودامجة”، مضيفا أن خارطة الطريق هاته “يمكن أن تقدم رؤية مشتركة لليبيا، على الرغم من تنوعها الديموغرافي وانقساماتها السياسية”.
وأوضح م عد هذه الدراسة، أن الدور الموجه لمؤسسات الدولة في التجربة المغربية، وبعده التشاركي، وأخذه بعين الاعتبار تنوع البلد، يمكن أن يكتسي، بشكل خاص، أهمية بالنسبة لليبيين”، مؤكدا أنه “على الرغم من أوجه الاختلاف التاريخية والسياسية بين البلدين، والتباين من حيث طبيعة الحكومات والمؤسسات السياسية في كليهما، فإن التجربة المغربية تشكل مثالا هاما”.
وسجل في هذا السياق، أن “الملكية في المغرب، اضطلعت بدور استراتيجي من خلال إعداد مخططات طموحة لمستقبل البلاد مع الحرص على تنفيذ هذه الأهداف طويلة المدى”، داعيا الفاعلين السياسيين في ليبيا إلى الاستلهام من النموذج المغربي في إعداد خارطة الطريق الخاصة بهم وبلورة رؤيتهم التنموية.
وبالنسبة لمركز الأبحاث الأوروبي، فإنه يجب إيلاء الأولوية للمصلحة العامة، من خلال قبول اختلاف وجهات النظر والرؤى، والإنصات لكل الأطراف وإشراكهم في إعداد خارطة طريق من شأنها توفير تمثيلية حقيقية ،حتى لو كان الأمر يبدو صعبا، وعلى الرغم من أن هذه التصورات تتعارض مع بعض المصالح الخاصة أو الفئوية.
وأوضح مركز الأبحاث، من ناحية أخرى، أنه يجب إسناد مهمة الإشراف على إعداد خارطة الطريق أو هذا النموذج الشامل للأشخاص الذين أبانوا عن نزاهة وكفاءة وقدرة على خدمة الصالح العام.
وذكر أن “هؤلاء الأعضاء يتعين أن يمثلوا مختلف الحساسيات ووجهات النظر، وأن يعكسوا التكافؤ بين الجنسين ويضمنوا مشاركة المواطنين الذين يعيشون في الخارج والذين يمكنهم إغناء المناقشات وتقديم رؤى ومقاربات جديدة بفضل التجربة التي راكموها والأدوار المهمة التي اضطلعوا بها في الخارج”، مشددا على ضرورة التفاعل مع المواطنين في جميع أنحاء البلاد والإنصات لآرائهم.
وبعد أن نوه بالمقاربة الشاملة والتشاركية التي اعتمدها النموذج التنموي الجديد للمغرب، اعتبر مركز الأبحاث أنه “لا يمكن إعداد الحلول في مكاتب الخبراء أو عبر لجان مغلقة. كما لا يمكن استيعاب الاحتياجات الخاصة والخصوصيات الإقليمية للسكان إلا من خلال إشراك هذه المجتمعات”.
وأبرز في هذا الإطار، أن اللجنة الخاصة للنموذج التنموي المغربي تمكنت من مقابلة أزيد من 9700 شخص بشكل مباشر، كما عقدت 1600 جلسة استماع، بالإضافة إلى تلقي 6600 مساهمة مكتوبة، مؤكد أنه من المفيد الاستعانة قدر الإمكان بالتكنولوجيات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي بهدف التفاعل مع المواظنين، وإشراكهم في البحث عن حلول.
وخلص المركز الأوربي إلى أنه من الضروري إخضاع خلاصات خارطة الطريق أو النموذج الذي ستتم بلورته للنقاش العمومي قصد التعرف على مختلف ردود الفعل، سواء الإيجابية أو المنتقدة.