العام الثقافي قطر-المغرب 2024: عام استثنائي من التبادل الثقافي والشراكات الاستراتيجية
احتفاء بالذكرى 46 لعيد المسيرة الخضراء والذكرى 66 لعيد الاستقلال، نظم المجلس الفيدرالي المغربي الألماني بألمانيا كما دأب على ذلك وفي كل المناسبات الوطنية والدينية، أمسية خالدة بمدينة دوسلدورف تحت شعار “حب الوطن يجمعنا”.
اعتبارا لما تحظى به هاتان المناسبتان الغاليتان على قلوب المغاربة تطوعت شخصيات من مختلف أطياف المجتمع المدني وجمعيات أبناء صحراءنا المغربية، المقيمين بالديار الألمانية والمراكز الثقافية المغربية بألمانيا، للمشاركة في هذا الحدث تعبيرا منهم على مدى ارتباطهم الراسخ بوطنهم المغرب وولاءهم للعرش العلوي المجيد.
وبهذه المناسبة ألقى علي السعماري، الأستاذ الباحث ورئيس المجلس الفيدرالي المغربي الألماني كلمة جاء فيها، “نحتفل اليوم جميعا نحن المغاربة، بالحدث التاريخي الذي اظهر الله فيه الحق، وتوج نضال الملك والشعب، باسترجاع صحرائنا المغربية، انطلاقا من مقولة المغفور له، الملك الحسن الثاني، طيب الله ثراه، حين قال (علينا أن نقوم بمسيرة خضراء من شمال المغرب إلى جنوبه ومن شرق المغرب إلى غربه، علينا شعبي العزيز أن نقوم كرجل واحد بنظام وانتظام، لنلتحق بالصحراء ونصل الرحم مع إخواننا في الصحراء).
وأضاف رئيس المجلس الوطني الفيدرالي المغربي الألماني، أن تخليد الشعب المغربي الذكرى الـ 46 لانطلاق المسيرة الخضراء، مكنت المملكة من إنهاء الوجود الاستعماري بأقاليمها الجنوبية، في مناسبة تعيد الأذهان إلى حقبة تتشاركها الذاكرة الجماعية في المغرب بفخر واعتزاز.
مستحضرا بالمناسبة، ما جاء في خطاب الخامس من نونبر من سنة 1975، للملك الحسن الثاني الذي وجهه للمغاربة الذين تطوعوا للمشاركة في هذه المسيرة قائلا “غدا إن شاء الله ستخترق الحدود، غدا إن شاء الله ستنطلق المسيرة الخضراء، غدا إن شاء الله ستطؤون أرضا من أراضيكم وستلمسون رملا من رمالكم وستقبلون أرضا من وطنكم العزيز”. ولبى المغاربة النداء، وشارك في المسيرة الخضراء يوم السادس من الشهر ذاته، 350 ألف مغربي ومغربية ممن توجهوا صوب الأقاليم الصحراوية لتحريرها من الاحتلال الإسباني، في “زحف” مكن من استرجاع تلك الأقاليم ووضعت حدا لحوالي 75 عاما من الاستعمار والاحتلال الإسباني للصحراء المغربية.
واعتبر على السعماري، أن حدث المسيرة الخضراء، قلبت الموازين لدى خُصوم المملكة آنذاك، وقلبت الموازين لصالح المملكة المغربية، خاصة وأنه كان قراراً غير متوقع. مشيرا إلى أن نحاج الحدث التاريخي المغربي إقليميا ودوليا، توج بخطاب للملك المغربي الراحل الحسن الثاني حين قال “أيها المتطوعون لكم التنويه الوطني من مواطنيكم ومني على ما قمتم به من عمل، وعلى ما جسدتموه من قوة سلمية فكرية قدرت على شق الأحجار وتمكنت من لفت الأنظار إليها من جميع أنحاء العالم لفته نظر الإعجاب والتقدير والإعظام”.
مشاركة الدول العربية الشقيقة في مسيرة الخضراء
واستحضر على السعماري، الحدث التاريخي لجلالة الملك محمد السادس نصره الله، في كلمته بالقمة المغربية الخليجية في الرياض، حول هذا الحدث بالقول ” في عام 1975، شاركت في المسيرة الخضراء لاسترجاع أقاليمنا الجنوبية، وفود من السعودية والكويت وسلطنة عمان والإمارات، التي تميزت بحضور أخينا سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الذي كان عمره آنذاك 14 عاما”. إذ أبى الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، إلا أن يتقاسم هذه اللحظة التاريخية مع أشقائه المغاربة، حيث انتدب فلذة كبده الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لتمثيل دولة الإمارات في هذه المسيرة.
واليوم، وبعد مرور 46 عاما على هذا الحدث التاريخي الذي قاده الملك الراحل الحسن الثاني، لازال جلالة الملك محمد السادس نصره الله، يقود ملحمة البناء والتشييد، بالأقاليم الجنوبية المغربية، لتعزيز التنمية وجعلها منارة على غرار باقي أقاليم وجهات المملكة.
وقد انطلقت المسيرة الخضراء، بمشاركة 350 ألف متطوع من جميع مناطق المغرب، بشكل سلمي، وبدون أي سلاح، ما عدا القرآن الكريم والعلم الوطني، وحب الوطن والإيمان بوحدة أراضيه الترابية، الشيء الذي تكلل بنجاح هذه المسيرة، حيث حرص الراحل الحسن الثاني على أن تكون للمرأة مكانة مهمة جداً في هذه المسيرة، مُشدداً على ضرورة أن يكون 10 بالمائة من المُشاركين نساء، حاملين الأعلام الوطنية والقرآن على متن القطارات والحافلات والشاحنات، وقد كان يرافقهم أطباء وممرضون وأفراد من القوات المساعدة والدرك وغيرهم من الكوادر والعناصر التي وفرت لتأطير وحماية المشاركين الذين كان من بينهم أيضا بعض الوفود الممثلة لبعض البلدان العربية والإسلامية.
وفي سياق متصل، عبر المجلس الفيدرالي المغربي الألماني عن امتنانه بالخطاب الملكي السامي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس أعز الله أمره، مشيدا بمضامينه التي كان لها وقع مؤثر في نفوسهم باعتباره خطاب مسؤول وحازم جاء في ظرفية دقيقة مليئة بالتحديات.
هذا الخطاب أكد على استمرار المغرب في ملحمة البناء في مختلف أبعادها الاقتصادية والسياسية ولاجتماعية، من أجل تحقيق تنمية كفيلة بالاستجابة لمتطلبات الشعب المغربي، وذلك رغم الظرفية الصعبة التي يجتازها المجتمع الدولي. ومن أجل تحقيق هذا المبتغى، أكد على وجوب تعبئة شاملة لكل مكونات المجتمع وتظافر الجهود للسير قدما لتوطيد أسس ديمقراطية وتشاركية وتنموية كفيلة بان تحفظ للمغرب المكانة التي تبوأها بين الأمم الراقية والحديثة.
وتميزت هذه الأمسية، بمداخلات المشاركين التي تمحورت حول، تاريخ الصحراء المغربية ووطنية القبائل الصحراوية الأبية التي تتشبث بالوحدة الوطنية وتطمح إلى ترسيخ المقومات الأساسية لمجتمع متماسك ومتحد وراء موحد البلاد جلالة الملك محمد السادس نصره الله.
ومن بين النقاط التي تم التطرق إليها، بيعة وولاء القبائل الصحراوية لسلاطين وملوك المغرب منذ القدم، مما يؤكد ارتباط هذه القبائل بالوطن الأم المغرب. وهذا المعطى هو الذي حذا بمحكمة لاهاي بالاعتراف بهذا الارتباط التاريخي بين قبائل صحرائنا والعرش العلوي المجيد. كما تناولت المداخلات طريقة استرجاع الصحراء المغربية وتحريره من براثين الاستعمار الاسباني بدون إراقة ولو قطرة دم بفضل حنكة وعبقرية المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه مبدع المسيرة الخضراء التي أذهلت العالم كله.
وعلى هامش المداخلات، تساءل بعض الشباب عن المواقف العدائية لحكام الجزائر تجاه بلادنا، أعطيت لهم توضيحات عن التضحيات الجسام التي ضحى بها المغرب من أجل استقلال الشعب الجزائري الشقيق. حيث احتضن المغرب قادة الثوار ومدهم بالسلاح والعتاد وكل ما يلزم من ضروريات الحياة. بل أكثر من ذلك، أن المغفور له جلالة الملك محمد الخامس رفض الإغراءات التي قدمتها له فرنسا المتمثلة في إعادة ترسيم الحدود كما كانت قبل استعمارها للجزائر، مقابل التخلي عن دعم الثورة الجزائرية.
وفي إطار الدبلوماسية الموازية، قام المجلس الفيدرالي المغربي الألماني بتوجه طلب للسيد الأمين العام للأمم المتحدة، ملتمسا منه فك سراح إخواننا المغاربة من أصل صحراوي المحتجزين في مخيمات العار، وإجراء إحصاء شفاف لهؤلاء المحتجزين المغلوب على أمرهم والذين يرغبون في العودة إلى وطنهم.
كما قام المجلس الفيدرالي المغربي الألماني بتكريم المشاركين في المسيرة الخضراء وبعض رجال الأعمال بشواهد تقديرية على مجهوداتهم في نصرة القضايا الوطنية والقضايا ذات الصلة بمصالح الجالية المغربية المقيمة بالديار الألمانية. كما أشاد بيدهم الممدودة للمجلس الفيدرالي الذي لا يدخر أي جهد من أجل تلبية وخدمة المصلحة الوطنية والاهتمام بشؤون أفراد جاليتنا بمختلف أنواعها، وعلى رأسهم، أمال لمشرق على سخائه و دعمه المادي المعنوي لمجلسنا.