أكورا بريس- عادل الكرموسي
كشف تقرير صادم، صادر من معهد الدراسات الأمنية حول التنمية في أفق العام 2040، أن تصاعد التوترات الاجتماعية بالجزائر هو انعكاس لمنظومة “غير قابلة للحياة، لكنها تتشبث بالبقاء” في هذا البلد النفطي.
وأوضح التقرير، الذي يحمل عنوان “ركود أو نمو؟ مسار التنمية للجزائر في أفق العام 2040″، أنه “بالنسبة للكثيرين، فإن عدم اليقين السياسي وتصاعد التوترات الاجتماعية تعكس منظومة سياسية واجتماعية غير قابلة للحياة، لكنها تتشبث بالبقاء”.
وبعد أن ذكر بالأزمات الاقتصادية والسياسية المستفحلة، وكذا بإخلاف الوعود بإجراء إصلاحات، التي أدت إلى سقوط نظام عبد العزيز بوتفليقة بعد 20 سنة من الحكم، لاحظ التقرير أن هذا “الوضع أصبح أزليا”.
وأضاف التقرير، الذي نشرته وسائل الإعلام الجزائرية، أن “الجزائر توجد في مفترق طرق: فهي في حاجة لإصلاحات شاملة في جميع القطاعات، الاجتماعية والاقتصادية والتدبيرية، من أجل إعادة بناء العقد الاجتماعي بين الدولة والمجتمع الجزائري، للخروج من المأزق بين الحراك والنظام”.
وتوقعت وثيقة هذه الهيئة الإفريقية نسبة نمو ضعيفة للناتج الداخلي الخام للجزائر ب 1.8 في المائة ما بين 2020 و2040، مشددة على التحديات التي يتعين على هذا البلد مواجهتها، إذا أراد تصحيح الوضع، وتدارك، ولو بشكل جزئي، الفرص التي أهدرها عندما كانت أسعار النفط في أفضل مستوياتها.
وأفاد التقرير بأن معدل النمو ليس مرتفعا كثيرا لتحسين العائدات والأوضاع المادية بما فيه الكفاية لغالبية الجزائريين، بالنظر إلى منظومة اقتصادية مغلقة، تسيرها الدولة، وتبعية شبه مطلقة للمحروقات، وانهيار أسعار النفط، ومعدل بطالة مرتفع ونظام مساعدات سخي، لكن غير فعال.
وأكد المعهد أنه يتعين على الجزائر أيضا “تدبير تأثير جائحة كوفيد-19 وتلك الناجمة عن انهيار أسعار النفط، والتي جففت المداخيل العمومية، كما ينبغي عليها التقليص من ميزانية الدولة بحوالي 50 في المائة”.
وأوضح معهد الدراسات الأمنية أنه، ومن أجل معالجة هذا الوضع، “يتعين على النظام الجزائري الحالي الذي يوجد في وضعية صعبة، التعاطي مع الحراك”.
وشدد التقرير ذاته، فضلا عن القضايا السياسية والاجتماعية، أيضا، على أوجه النقص التي يعاني منها الاقتصاد الجزائري، الذي “يتميز بانتشار البيروقراطية والمحسوبية على نطاق واسع، وبضعف تنافسيته وتنوعه، وبمناخ تجاري غير مشجع، واستثمار مقنن بشكل مفرط”.
وأوصى المعهد أيضا بإصلاح شامل للحكامة والبنية الاقتصادية من أجل الوصول إلى الانسجام والتنمية الشاملة، وكذا الحفاظ على علاقات جيدة مع دول منطقة شمال إفريقيا، وعلى صعيد القارة.
واعتبر أنه يتعين إعطاء الأولوية “لإرساء ميثاق اجتماعي جديد يرتكز على الثقة والحكامة الجيدة”.
وذكر التقرير أنه “من الواضح أن الشعب الجزائري يبحث عن عقد اجتماعي جديد وحكومة متفاعلة، فعالة وأكثر ديمقراطية، وهو ما يتطلب تقديم خدمات أفضل، واجتثاث الفساد والمحسوبية، وإرساء نظام حكم عادل وشامل”.
ووجه التقرير أصابع الاتهام، في هذا الاتجاه، لـ”منظومة همشت فئات عريضة من الساكنة”، محذرا الجزائر من خطر الركود، في حالة عدم إجراء إصلاحات شاملة في جميع القطاعات، وأوصى كذلك بانفتاح الاقتصاد وتنويعه، وتحسين جودة التربية، والانتقال إلى الطاقات المتجددة.