السكاكري النصاب يعيد نشر ‘زابوره’ ظانا أن للمغاربة ذاكرة الأسماك
بقلم: احمد الشرعي
منذ تنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، ارتفعت بعض الأصوات ملوحة بإمكانية إلغاء الإدارة الجديدة في البيت الأبيض للقرار الرئاسي لدونالد ترامب، الذي يعترف بسيادة المغرب على الصحراء، منها ما عبرت عنه مخاوف مشروعة لمغاربة قلقون من إمكانية حدوث أمر مماثل غيرة على وطنهم، ومنها أصوات تشكل أقلية تتمنى أن يحصل الإلغاء فعلا. هؤلاء بالضبط لا يهمنا أمرهم البتة.
الإدارة الأمريكية الجديدة تسعى إلى العودة إلى توطيد العلاقات الدولية وهو ما تومئ إليه قراراتها الأولى، وهو ما يقتضي وضع حلفاء أمريكا في أولويات سياستها الخارجية، ولأن المغرب حليف تاريخي للولايات المتحدة الأمريكية، فإن مختلف الإدارات المتعاقبة على البيت الأبيض سواء من الحزب الجمهوري أو الديمقراطي تعاملت معه على هذا الأساس.
المغرب في الديبلوماسية الأمريكية دولة يعتمد عليها في إفريقيا الشمالية والشرق الأوسط والقارة الإفريقية، واستقراره رهان أساسي للسياسة الخارجية الأمريكية. ملك المغرب يحظى بتقدير خاص لدى الولايات المتحدة الأمريكية من أجل التزامه بالسلام واحترامه للقيم التي تتقاسمها المملكة مع أمريكا.
الإدارة الأمريكية الجديدة لا يمكنها أن تتنكر لكل هذا التراكم التاريخي، ولا تتحمل المسؤوليات من منطق إنكار لكل الوقائع. جو بايدن، الذي شغل منصب نائب الرئيس في ولايتين دامتا 8 سنوات، عارف دقيق بالقضايا الاستراتيجية، ودور حلفاء أمريكا الأساسيين في العالم كالمغرب.
كان بايدن واضحا في إعلانه برغبة إدراته الجديدة في كبح التوسع الصيني في وقت تستعمل فيه الصين بيادقها بكيفية مدروسة في إفريقيا، وهذا التطويق يتطلب بالضرورة تعبئة التحالفات الموسعة. في بعد متصل، هناك إعادة العلاقات الديبلوماسية بين المغرب وإسرائيل، وإذا كان بايدن يرغب حقا في إعادة مسلسل السلام إلى سكته عبر حل الدولتين، فلا بد له من المرور عبر المغرب اللاعب المحوري في هذا النزاع، لأن الملك محمد السادس هو رئيس لجنة القدس أولا، ولأن المغرب لعب دورا كبيرا في التحضير لكل اتفاقات السلام بين العرب وإسرائيل منذ كامب ديفيد مرورا بأسلو.
ومن يروجون لتصريحات الجناح اليساري للحزب الديمقراطي يقدمون رؤية غير مكتملة عن طريقة اشتغال المؤسسات الأمريكية، التي أظهرت أنها تمتلك مناعة كبيرة خلال أحداث اجتياح الكابيتول قبل أسابيع. وإذا كانت المؤسسات الأمريكية قد أبانت عن صلابتها فهذا راجع بالأساس إلى انفتاحها على كل أشكال التعبير في إطار القانون.
في هذا السياق، إذن، يصبح من المفهوم بل والعادي أن ترتفع أصوات مختلفة بالنظر لتشبعها باختيارات إيديولوجية مختلفة، لكنها لا تشكل ضغطا استثنائيا على جو بايدن، على الأقل مع القضايا الكبرى للسياسة الخارجية الأمريكية، لأن الرئيس الأمريكي الجديد منتوج خالص لتيار الوسط الديمقراطي.
لكل هذه الأسباب، يصبح من الثابت أن الديبوماسية الأمريكية لن تتراجع إلى الوراء.
(عن موقع: أحداث. انفو)