شكل موضوع الاستراتيجية الصناعية للمغرب على ضوء التطورات الأخيرة التي يعرفها العالم محور ندوة نظمها، مساء أمس الثلاثاء عبر تقنية الفيديو كونفرونس، مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد بشراكة مع جمعية قدماء طلبة مدرسة الحكامة والاقتصاد بالرباط.
وضمن مداخلة له في الموضوع، أبرز الباحث بالمركز يوري دادوتش أنه على المدى البعيد، فإن تأثيرات أزمة كوفيد 19 ستفرض تعزيز بعض التوجهات نحو العولمة وسلسلة القيم، مشيرا إلى أنه “حتى بعد كوفيد 19، فالمغرب عليه أن يواصل استراتيجيته في الارتباط بسلسلة القيم الشاملة، وخاصة تلك المتمركزة بأوروبا، الشريك الأكثر أهمية والأكثر قربا، وبالتأكيد مواصلة دوره كصلة ربط بين إفريقيا وأوروبا”.
وأضاف في هذه الندوة، المنظمة حول “أية استراتيجية صناعية من أجل مغرب الغد؟”، أنه يتعين على المغرب أن يستمر في سياساته اتجاه المتغيرات الاقتصادية الدولية وتلك المرتبطة بالعولمة، والتي حققت له فوائد كبيرة، مسجلا أنه “من الضروري الشروع في التفكير في الرهانات المتصلة بالصناعة، وكيفية الارتباط بسلسلة القيم الصناعية والتقليدية، دون أن نغفل أن المغرب يمتلك مؤهلات ضخمة خارج القطاعات الصناعية التقليدية”.
وشدد، في هذا الصدد، على أن المكاسب الكبيرة من حيث الوظائف في العالم لم تعد تحدث في قطاعات التصنيع حيث التقدم التكنولوجي واضح ، بل في القطاعات الدولية، مثل السياحة والنقل والصناعات الزراعية.
ومن جهته، أفاد الباحث الجامعي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة محمد الخامس بالرباط نور الدين العوفي أن السياق الجديد يفرض إعادة التفكير في العديد من النماذج المعرفية القائمة، بما فيها النموذج الصناعي.
وأشار إلى أنه “بالنسبة لي، فإن عملية التغيير ينبغي أن تركز على النظام الصناعي في أسسه، ولابد من صياغة جديدة للأولويات تشمل مشاكل الصحة والتربية والشغل والخدمات العمومية والابتكار والبحث والتنمية، أي كل ما يمكن أن نسميه اليوم باقتصاد الحياة”.
وبرأي هذا الباحث، العضو في اللجنة الخاصة بصياغة النموذج التنموي الجديد، فإن “التصنيع يجب أن يكون نتاجا للتنمية وليس النمو، وينبغي أن يتم تصميم مساره وقيادته ومواكبته وتسهيله من قبل الدولة”.
ومن جهته، أوضح مدير عام شركة (صوماكا) ونائب رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب محمد بشيري أنه “من المهم جدا بالنسبة للمغرب، ضمن السياق الحالي، القيام بحملة كبيرة للتواصل والتحسيس لدى المواطنين المغاربة للتعريف بالمنتجات المصنعة محليا وتعزيز ثقتهم فيها”.
ولفت إلى أنه يتعين، أيضا، تشجيع المرجع الوطني، لاسيما في الصفقات العمومية، والنهوض بالإدماج المحلي في العمق حتى الوصول إلى المادة الأولية وتحويلها، مشددا على أهمية بلورة صيغة جديدة لمخطط تسريع وتيرة النمو الصناعي، وتدعيم البحث العلمي والتقني بشراكة مع الجامعات ومدارس المهندسين والمقاولات.
فيما أكدت مديرة وحدة الأعمال بإفريقيا لدى مكتب الاستشارات ( Mazars Maroc) سناء لحلو أن كل الحكومات والمؤسسات الإفريقية متفقة على أن كسب الرهان الحقيقي لتحقيق التنمية بإفريقيا لن يتم إلا عبر التصنيع، معتبرة أن الطريق التي تسير فيها القارة اليوم لا يمكن إلا أن تكون مربحة بالنسبة للمغرب.
وخلصت إلى أنه “اليوم، وحتى إذا كان المغرب من بين الخمس دول الإفريقية الصناعية، فواجبنا تعزيز حضوره عبر خلق سلسلة قيم قارية قطاعية”.