العام الثقافي قطر-المغرب 2024: عام استثنائي من التبادل الثقافي والشراكات الاستراتيجية
أكد مقال نشر مؤخرا على الموقع الإخباري (كيد.ما) أنه بات واضحا للرأي العام الدولي أن المغرب (…) من ضمن البلدان التي تفاعلت بأكبر قدر من الذكاء والاستباق والفعالية في مواجهة فيروس كورونا.
وكتب منير سراج، صاحب المقال بعنوان “الديمقراطية والمفارقة السياسية”، أن “هذه الميزة التي لا تضاهى نابعة من حقيقة أنه بمجرد ظهور الجائحة، مسك قائد الدولة، الملك محمد السادس، زمام الأمور وقاد بدينامية وجيهة الحكومة والمجتمع المدني، وأجهزة الدولة، والقوى الحية للأمة…”.
وفي هذا السياق، أشار إلى أن “النتيجة واضحة اليوم. الحجر الصحي يعطي أكله. النظام الصحي يستجيب. الكمامات تباع في الصيدليات. عدد المرضى الذين تماثلوا للشفاء في ارتفاع. عدد الفحوص كذلك. المواكبة الاقتصادية للأزمة شاملة تقريبا “، مسجلا أنه، في المقابل، “لم يبق سوى شيء واحد؛ ألا نفوت الفرصة السانحة أمامنا لإعادة صياغة ميثاق اجتماعي جديد لهذا البلد في إطار نموذج اقتصادي جديد”.
وأبرز السيد سراج أن بعض المعلقين زعموا، في ما يتعلق بالمغرب، على وجه الخصوص، من خلال كتاباتهم أو تحليلاتهم أو وجهات نظرهم، أن غياب الديمقراطية ساهم في مكافحة كوفيد-19. “إنه أمر مثير للاهتمام”، يجيب كاتب المقال بتهكم قبل أن يضيف بنفس النبرة أن “حقيقة تعامل المغرب بشكل أفضل من الآخرين: الاستباق، والاستشراف، وإغلاق الحدود +مبكرا+، والحجر في الوقت المناسب، وتوفير الكمامات، والفحص، والاختبارات، والتكفل الطبي وغيره، تعزى على الأقل إلى الصدفة أو بالأحرى إلى انحراف في تفشي الفيروس نفسه”.
وأكد أن المفارقة الصحية باتت مفارقة سياسية، مضيفا أنه “إذا قاومت فيروس كورونا، فهذا يعني أنك لست ديمقراطيا. وإذا دمرتك الجائحة فستكون إما بلدا متقدما وإما بلدا ديمقراطيا”.
وتساءل كاتب المقال، مستشهدا بمثال الكمامات، “لماذا حقق المغرب شبه اكتفاء ذاتي من هذا المنتج الحيوي في محاربة الجائحة ولم تحقق فرنسا ذلك؟ علما أن النسيج الصناعي الفرنسي هائل، ومهندسوه هم الأفضل في العالم، وأفضل العاملين على هذا الكوكب… لماذا تعثرت فرنسا بخصوص هذا المنتج الذي يعتمد على التكنولوجيا الأساسية؟”، مضيفا أن “البلد الذي اخترع طائرة “كونكورد”، وهو إنجاز مثير للإعجاب، لا يستطيع حماية سكانه بشكل صحيح من كوفيد-19”.
وأشار إلى أن فرنسا “قد تكون البلاد التي تتوفر على أفضل حماية صحية في العالم، لكنها قوضت نظام مستشفياتها بإجراءات ليبرالية”.
وسجل السيد سراج أن “فرنسا تنفق 3 آلاف أورو لكل فرد على الرعاية الصحية كل سنة، لكنها لا تتحمل وطأة فيروس مزعزع للاستقرار بشكل خاص”، متسائلا “هل حقيقة أن لوبيات الأدوية القوية تتخذ القرارات، حتى بمحيط الرئيس في قصر الإليزيه، من خلال اللجنة العلمية، هو مظهر أسمى للديمقراطية الفرنسية؟”.
وأضاف أنه “في نهاية المطاف، ما علاقة هذه الفوضى، وسوء التدبير، بالديمقراطية الفرنسية. هل يؤهل هذا فرنسا كذلك للسخرية من سياسات دول الجنوب الناشئة، ووصمها بازدراء وبدون أي مبرر وضع الصين، والحكم على الأفارقة بخوض غمار التجربة العشوائية للقاحات جديدة؟”.
وفي هذا الصدد، استشهد السيد سراج بمقالة للأكاديمي بيير فيرميرين، نُشرت مؤخرا في صحيفة “لوفيغارو”، يقول فيها إن “الشعور بالتراجع لدى العديد من الفرنسيين أخفى حقيقة لم يرغب البعض في معرفتها: القوة الاقتصادية العالمية الخامسة أو السادسة بلد في تراجع”. ويستند هذا التراجع إلى سوء فهم رهيب: “الوعد الذي قدم للفرنسيين بدولة حامية ومثقفة وذات رؤية ومهندسة، في كلمة واحدة “استراتيجية”، يتم تقبل إنفاقها العام الأول في العالم بسبب عقدنا الاجتماعي، تنزل إلى رتبة مسيرة مديونة ومتجاوزة”.
وفي هذا السياق “المفحم”، اعتبر الكاتب أن تداول الصحافة والقنوات التلفزيونية الفرنسية بدون توقف أكثر المقاربات “ازدراء” تجاه الدول ذات نظام سياسي مختلف مثل الصين، والتقييمات “الأكثر سخافة” للبلدان التي تمر بمرحلة انتقالية نحو الديمقراطية “الأكثر ثباتا”، مثل المغرب على سبيل المثال، والعبارات الأشد “عنصرية” مثل كل ما يتعلق بإفريقيا.
وختم كاتب المقال بقوله “نحن في وضع لا تمارس فيه الوجاهة أو العقلانية أو الذكاء على الذات، بل على الآخرين بشكل زائف”.