يمثل تصور توسيع شبكة خط السكة الحديدية نحو الأقاليم الجنوبية للمملكة أحد تجليات الطموح الملكي المفعم بروح عالية من الواقعية والإرادة الملكية السامية في التفعيل العملي لورش الجهوية المتقدمة.
وقد جسد الخطاب السامي الذي ألقاه صاحب الجلالة الملك محمد السادس ، مساء اليوم الأربعاء ، بمناسبة الذكرى ال44 للمسيرة الخضراء، هذا الطموح الملكي في تعزيز البنيات التحتية، إذ رسم جلالته معالم مشاريع ضخمة تقوم على مقاربة اقتصادية محكمة لا تستثن أية جهة. .
إنها مقاربة كونها تتماشى ، بكل تأكيد ، مع روح التكامل الإقليمي وضرورة التفاعل والربط مع الفضاء المغاربي والعمق الإفريقي.
وفي سياق التأكيد على هذا التكامل، يدعو جلالة الملك إلى تعزيز مكانة جهة سوس-ماسة وجعلها مركزا اقتصاديا يربط شمال المغرب بجنوبه، عبر الطرق البرية والسكك الحديدية.
لهذا، فالأجندة الملكية لا تسعى فقط إلى فك العزلة الجهوية أو الولوج إلى الخدمات الأساسية، ولكن أيضا تقديم إجابات لتحديات التنمية.
لقد تم رسم الطريق بدقة من أجل إعطاء نفس جديد لمشاريع البنيات التحتية لنقل الأشخاص والبضائع وتثمين الموارد المحلية وتحفيز أنشطة التصدير والإمكانات السياحية الضخمة لجنوب المغرب برمته.
وتندرج هذه الفلسفة ومفاتيح العمل الكفيلة بإنجاح هذا الورش الضخم المتمثل في الجهوية المتقدمة، في إطار “التوزيع العادل للثروات بين جميع الجهات”.
إن تجسيد هذه الرؤية الجريئة والعملية رهين بتأكيد الأقاليم الجنوبية للمملكة لوضعها التاريخي كصلة وصل بين المغرب والفضاء المغاربي وإفريقيا.
لذلك، أكد صاحب الجلالة حرصه على جعل المغرب فاعلا أساسيا في بناء إفريقيا المستقبل، وذلك في أفق دينامية مغاربية يطبعها الانفتاح والتفاعل.
وفي هذا الصدد، عبر جلالة الملك محمد السادس عن الأسف لحالة الجمود والتأخر الحاصل في مجال التكامل الإقليمي الذي تعاني منه ، بكل وضوح ، البلدان المغاربية المدعوة ، أكثر من أي وقت مضى ، إلى العمل الجماعي لمواجهة التحديات المعقدة.
لقد ولى زمن الانكفاء على الذات، خاصة في وقت يطالب الشباب المغاربي ومجتمع الأعمال بالمنطقة بفضاء منفتح للتواصل والتبادل وتوفير الظروف للنهوض بالتنمية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الدول المغاربية مدعوة للاضطلاع بدورها كشريك موثوق وجدي تجاه كل من الأوروبيين وإخوانهم الأفارقة، خاصة وأن انتظارات هؤلاء كبيرة لمساهمة بلدان المغرب الكبير في البرامج والتحديات الكبرى للقارة.
ومن دون شك، فإن الجهات تتموقع كفاعل لا محيد عنه في البعد الإقليمي والدولي حيث أن التحديات جمة وملحة.
وبكل تأكيد فإن المقاربة التي دعا إليها جلالة الملك، في هذا الصدد، تحمل إجابات وتجسد الطموح الذي يعبر عنه جلالة الملك منذ اعتلائه عرش أسلافه الميامين.