هلال: تقييم دور الأمم المتحدة في الصحراء المغربية اختصاص حصري للأمين العام ولمجلس الأمن
(بقلم : عمر عاشي)/و م ع/
واشنطن – تشي سلسلة التغريدات اللاذعة التي أطلقها الرئيس الامريكي دونالد ترامب في الأونة الاخيرة، على موقع تويتر، بالحالة المزاجية لقاطن البيت الأبيض وبالاحتقان السياسي السائد حاليا في واشنطن.
فقد أخذت علاقة ترامب المتشنجة مع الديمقراطيين الذين يشكلون الأغلبية في الكونغرس، منحى تصعيديا لافتا مع تفجر ما بات يعرف اليوم باسم “القضية الأوكرانية”.
وبدأت فصول هذه القضية بكشف عميل مجهول عن كون الرئيس الأمريكي مارس ضغوطا على أوكرانيا لإجراء تحقيق بشأن جو بايدن، نائب الرئيس السابق لباراك أوباما، والمنافس المحتمل لترامب خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة، سنة 2020.
وقام البيت الأبيض على خلفية الجدل الذي أثارته هذه القضية ، بنشر مضمون المكالمة الهاتفية التي جرت في 25 يوليوز الماضي و التي طلب خلالها الرئيس الأمريكي من نظيره الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، “خدمة” موردا اسم بايدن ونجله.
وأكدت شكاية تقدم بها مسرب مكالمة ترامب والرئيس الأوكراني، وهو عميل يشتغل لحساب وكالة المخابرات الأمريكية المركزية “سي آي إيه”، أن الرئيس الأمريكي سعى إلى تدخل أوكرانيا من أجل التأثير على انتخابات الرئاسة الأمريكية لسنة 2020، كما تدخل البيت الأبيض لمنع الاطلاع على نص المكالمة الهاتفية.
وكتب المسؤول المجهول الهوية في الشكاية التي نشرها الكونغرس “تلقيت معلومات من عدة مسؤولين أمريكيين بأن رئيس الولايات المتحدة يستخدم سلطات منصبه للحصول على تدخل من دولة أجنبية في انتخابات 2020″، مضيفا أن مسؤولين في البيت الأبيض أعربوا عن خشيتهم من خطورة مكالمة ترامب ونظيره الأوكراني وأبلغوه أنهم على الأرجح “شهدوا استغلال الرئيس لمنصبه للحصول على مكسب شخصي”.
وبعد طول امتناع عن الرضوخ لضغوط الجناح اليساري للحزب المطالب بمباشرة مسطرة عزل الرئيس ترامب على إثر التحقيق في قضية التدخل الروسي المحتمل في رئاسيات 2016، قررت زعيمة الديمقراطيين نانسي بيلوسي ، في ضوء هذا المستجد، الإقدام على هذه الخطوة .
وتطال التحقيقات التي اتسع نطاقها، قائمة عريضة من كبار المسؤولين، سواء بالبيت الأبيض أو بوزارتي الخارجية والعدل، حيث تم توجيه مذكرات استدعاء لكل من رئيس الدبلوماسية، مايك بومبو، وهو أحد الأشخاص الذي استمعوا للمكالمة، وإلى محامي ترامب، رودي جولياني، الذي أمرته لجان التحقيق بمجلس النواب بتسليمها وثائق تتعلق بقضية أوكرانيا بحلول 15 أكتوبر.
وحذر الديمقراطيون جولياني من أن رفضه أو عدم امتثاله لهذا الأمر الزجري “سيكون دليلا على عرقلة التحقيق الجاري في مجلس النواب”.
ويؤكد ترامب أن مكالمته مع الرئيس الأوكراني “كانت مثالية”، متهما الشخص الذي أبلغ عن هذه الواقعة بتقديم عناصر “غير دقيقة”.
وفي خضم هذا الجدل، أميط اللثام عن قضية أخرى سببت حرجا أكبر للرئيس ترامب، حيث كشفت صحيفة “نيويورك تايمز”، في عددها ليوم 30 شتنبر المنصرم، أن الرئيس الأمريكي طلب مساعدة رئيس وزراء أستراليا، سكوت موريسون، لجمع معلومات تساعد في ضرب مصداقية تحقيق المدعي الخاص روبرت مولر حول التدخل الروسي المزعوم في الرئاسيات الأمريكية لسنة 2016.
وحتى الآن، يصطف المنتخبون الجمهوريون إلى جانب الرئيس، ما يقلل من فرص نجاح إجراءات عزله. ويرى المحللون أن كشف النقاب عن هذه القضايا وإطلاق الديمقراطيين لمسطرة العزل سيلقي بظلاله على الحملة الانتخابية الرئاسية المقبلة. لكن بالنسبة للمعسكرين، لا يزال من الصعب التنبؤ بتداعيات هذه التطورات.
وسجلت الحياة السياسية الأمريكية، على مدى الخمسين سنة الماضية، حدوث محاولتين جادتين لإقالة أو عزل رئيس قبل انصرام ولايته.
فقد أسفرت الأولى، التي انتهت سنة 1974، عن استقالة الرئيس ريتشارد نيكسون، في حين انتهت الثانية، التي بدأت سنة 1998 ضد الرئيس بيل كلينتون، باستقالة الرجل الذي دبر هذه الحملة، رئيس مجلس النواب حينها، نيوت جينغريتش.
وصرح بيل غالستون، المحلل في معهد “بروكنغز” المرموق بواشنطن، “لقد باشرنا اليوم المرحلة الأولى من محاولة ثالثة للإقالة، تستهدف هذه المرة الرئيس دونالد ترامب. هل سيفضي ذلك إلى نصر أو إلى كارثة بالنسبة للديمقراطيين؟ وهل سينهي ذلك رئاسة ترامب أم سيمهد الطريق لإعادة انتخابه؟ لا ندري. لكن التاريخ يحيلنا على مؤشرات حول ما قد يحدث خلال هذه العملية”.
وأوضح أن المؤشر الأول يرتبط بالأهمية البالغة التي تكتسيها نظرة الشعب الأمريكي للرئيس، مع تقدم التحقيق، في حين يرتبط المؤشر الثاني بمدى دعم الأمريكيين لمسطرة العزل في حد ذاتها، والثالث بمدى دعم الحزبين للإقالة على مستوى الكونغرس.
وفي الوقت الراهن، يبقى مجلس النواب منقسما على نفسه بشكل كبير، حسب الانتماء السياسي. حيث أبدى أزيد من 90 في المائة من الديمقراطيين بمجلس النواب حتى الآن تأييدهم لإجراء تحقيق، في حين لم يعرب أي جمهوري عن تأييده لهذا الأخير.
ويرى البعض أن إطلاق مسطرة للعزل يشكل سيفا ذو حدين، خصوصا وأنه يأتي عشية انطلاق حملة انتخابية يتوقع أن تشهد مواجهة ضارية في بلد يعيش حالة انقسام .