فيديو: المفوض الأممي لحقوق الإنسان: المغرب نموذج يحتدى به في مكافحة التطرف
(و م ع)
لم تتغير علاقته بالبحر منذ أن كان طفلا يمارس شغبه الطفولي الجميل على سفوح الجبال المحيطة بقرية تانمرت المطلة على المحيط الأطلسي في منطقة مير اللفت (إقليم سيدي افني)، سحر اليم وجمال غروب الشمس الذي تتملى به المقلتين كل مساء من أعالي قريته كل مساء جعلت منه فنانا بالفطرة يكبر بطموح لا حدود له..وأضحى اليوم اسم المخرج السينمائي والمسرحي، يوبا أوبركا، مقترنا بأحد أهم المهرجانات السينمائية الدولية التي تعالج تيمة البحر سينمائيا والذي ينظم كل سنة بسيدي إفني.
عشق يوبا البحر منذ الطفولة، ويراه مصدرا للحياة قبل أن يكون مصدر إلهام للإبداع والفن، كما حمل شغفا للفن السابع لا تحده جبال سيدي إفني بل هو شغف بحجم المحيط الذي ينفتح على عوالم خفية تحفز المبدع للتماهي معها واكتشاف ما ورائها هناك في الآفاق البعيدة.
تخرج يوبا، المولود بقرية تنامرت التابعة إداريا لجماعة مير اللفت، ضمن أول دفعة من المعهد المتخصص لمهن السينما بورزازات، وارتبط شغفه الفطري بالبحر، الذي يكتب أسراره ومكنوناته بلغة الصورة السينمائية، كفضاء مغري وجذاب يغذي الخيال ، وديكور رحب أغرى مخرجين كبار لتصوير أشرطة دخلت التاريخ من أبوابه الواسعة مثل الفيلم الرومانسي الشهير (تيتانيك).
وترسخت في ذهن يوبا مشاهد أفلام مغربية، أيضا، اتخدت في البحر تيمة وفضاء للتصوير، منها فيلم “ريح البحر” للمخرج عبد الحي العراقي ،و”شاطئ الأطفال الضائعين” لجيلالي فرحاتي وغيرها…
بدأ يوبا مشواره الفني مبكرا، كما أكد في دردشة مع وكالة المغرب العربي للأنباء، والبداية من رحم أبي الفنون، وبالضبط داخل لجان التنشيط و المسرح في جمعيات كثيرة بسوس.
إلا أن البداية الفعلية كانت في مسرح الهواة، عبر تأسيسه فرقة “محترف تاماينوت للمسرح” سنة 2003 بمدينة أكادير، وبعدها فرقة “أباراز” سنة 2006، كما قام بإخراج عدد من المسرحيات للكبار و للأطفال، أيضا، آخرها مسرحية ألوان الشوق.
وبعد التخرج بدأ عشق السينما الذي يسكنه يطفو من جديد، حيث كان ليوبا أوبركا الفضل في إخراج عدد من الأفلام الأمازيغية الناجحة جماهيريا كالفيلم الكوميدي “أبيقس” و “أوماجوج”.
كما قام بإخراج فيلم “كارط ميموار”، والفيلم القصير السينمائي “إرافان” الذي نال جوائز كثيرة أهمها الجائزة الكبرى بمهرجان الراشيدية وأورير، و نال سنة 2014 جائزة أفضل صناعة سينمائية من طرف المركز السينمائي المغربي بمهرجان السينما للجميع.
وأشرف على إخراج أول سلسلة فيديو كليب أمازيغية للأطفال بعنوان “أمور ءينو” (وطني ) بمشاركة الفنانة فاطمة تباعمرات، ثم سلسة أغاني مصورة موجة للأطفال.
و اشتغل للتلفزيون لسنوات، وكان وراء نجاح عدد من الأعمال التلفزية مثل سيت كوم “البخيل و المسراف”، و سلسلة “في خاطر الواليد” وغيرها، كما اشتغل لفائدة قناة العيون الجهوية، في مجموعة من الاعمال ابرزها السلسة التاريخية “غزي انيمش” التي انتجتها القناة.
وليوبا، الذي “يتمرد” على الأنماط التقليدية في الإبداع، فلسفة خاصة به في هذا المجال، حيث يعتبر أن الإبداع هو “عملية تنبع من الذات والى الذات”، معتقدا أيضا و”بثقة” فنان مبدع أنه لا يجب تنميط الابداع في قوالب جاهزة.
وفي هذا السياق، كما يقول، لقيت مسرحيته الأخيرة “ألون الشوق” نجاحا بفضل توظيفه لتقنية “سيني تياتر” وهي تقنية في الاخراج الفني تمزج بين السينما و المسرح في ذات الوقت.
وقد قامت فرقته المسرحية “أبراز” بجولة لعدد من مسارح أوروبا عارضة العمل المسرحي “ألوان الشوق” في اطار جولة فنية بداية العام الجاري، بشراكة مع الوزارة المنتدبة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة.
وتقدم السرحية قراءة في حياة وسيرة الفنان والشاعر الراحل علي صدقي أزايكو، وتناولت مجموعة من قصائده ودواوينه، ك “تيتمتار” و ” أزمولن”.
وتستعد ذات الفرقة، كما أكد يوبا، لجولة ثانية من هذه العروض، ستقوم بها في بعض البلدان الأوروبية لتقريب المسرح من مغاربة العالم .
وعودة الى السينما، التي لا يكاد يوبا يغادرها الى المسرح حتى يعود إليها، يقول إن السينما والابداع بوجه عام، يستلزم ربطهما على الدوام بالتنمية، متحدثا في هذا السياق عن مهرجان السينما والبحر الذي يسهر منذ سنوات على تنظيمه بمير اللفت والذي يبرز من خلاله المؤهلات الطبيعية والسياحية للإقليم، ويساهم في تنشيط الساحة الثقافية بالاهتمام بتيمة البحر ومواضيعه، نظرا لما يمثله البحر من ركيزة أساسية بالنسبة للمنطقة على الصعيد الاقتصادي (الميناء) والسياحي.
ويرى يوبا (مؤسس ومدير المهرجان) أن المهرجان يحمل التيمة الأقرب الى منطقته التي يمكن ان تتعايش معها، البحر، و”أن لا مستقبل تنموي لإقليم سيدي إفني بدون الصيد البحري والسياحة بأنواعها، في منطقة تتوفر على واجهة بحرية مهمة ووجهة مفضلة لعشاق الرياضات البحرية ومرشحة أيضا لتكون قبلة مستقبلية لصناع السينما من خلال بلاتوهات طبيعية ساحرة”.
وبالنسبة ليوبا فإن المهرجان الدولي للسينما والبحر، هو “وليد الموجة الجديدة للمهرجات الموضوعاتية بالمغرب” ومن “التظاهرات السينمائية القليلة” التي تولي أهمية للبيئة على اعتبار أن “البحر هو قلب البيئة.
وفي علاقة بالمهرجان ، يؤكد، أن الاستعدادات للدورة السادسة من المهرجان الدولي للسينما والبحر بسيدي افني، متواصلة بوتيرة سريعة، مع الحرص على حضور فنانين كبار داخل المغرب وخارجه وعرض أفلام تسلط الضوء على كل ما له علاقة بالبحر من مهن ورجالات يحملون قصص بطلها البحر .
يذكر أن الدورة الخامسة للمهرجان الدولي للسينما والبحر، التي استضافت الفنان المصري الكبير أحمد بدير، قد احتفت بالصيد البحري وحياة البحارة وكرمت عبر فقرة “ليلة البحار” عددا من المشتغلين بقطاع الصيد البحري.