فيديو: المفوض الأممي لحقوق الإنسان: المغرب نموذج يحتدى به في مكافحة التطرف
يأتي انعقاد القمة العربية العادية الـ30 المرتقبة في تونس، في ظروف صعبة، يمر بها الوطن العربي، تستدعي، أكثر من أي وقت مضى، توحيد المواقف والرؤى، وتعزيز الجهود، لمواجهة التحديات المشتركة غير المسبوقة التي تعصف بالمنطقة العربية خلال الفترة الدقيقة الراهنة.
فقمة تونس، المقرر عقدها يوم 31 مارس الجاري، تتأرجح بين التطلعات لتحقيق المصالحة العربية-العربية والدفع بالعمل العربي المشترك إلى الأمام، وبين العقبات الحقيقية التي تلف الواقع العربي الصعب. ولأن الظرفية الحالية على الصعيد العربي تتميز بصعوبتها البالغة، بسبب الأوضاع المعقدة إقليميا، سيكون لزاما على القادة والزعماء العرب، إيجاد حلول لمعظم الأزمات العربية، أبرزها الأوضاع المضطربة في سوريا واليمن والأمر نفسه بالنسبة لليبيا، ناهيك عن الأزمة الخليجية، وتنامي حدة الإرهاب والتطرف، دون إغفال قضية العرب المركزية، القضية الفلسطينية التي تمر بأصعب مراحلها، خاصة مع الأنباء التي تشير إلى قرب الإعلان عن الخطة الأمريكية المعروفة بـ”صفقة القرن”.
من هنا، يرى خبراء ومهتمون بالشأن العربي، أن مسؤولية القادة العرب خلال قمة تونس المرتقبة “تبدو دقيقة ومصيرية لانتشال الوضع العربي من حالته الصعبة والمعقدة”، معتبرين أن الأزمات العربية “لابد أن تكون حاضرة وأن يكون هناك اختراق حقيقي لها وإيجاد حلول للخروج من تلك المآزق التي أضرت بالمصالح العربية وتهدد الأمن القومي العربي في أكثر من منطقة.
وفي هذا الصدد، أكد مدير مركز دراسات الشرق الأوسط بعمان، بيان العمري، أن انعقاد قمة تونس، يأتي في ظل “بيئة سياسية عربية مشوبة بحالات انقسام وتوترات، وتنامي حدة الاقتتال والاحتراب الداخلي على المستوى المجتمعي”، مما له انعكاس سلبي على دور الجامعة العربية ومؤتمراتها واجتماعاتها في التنسيق والعمل المشترك وتوحيد الرؤى تجاه القضايا الرئيسية للعالم العربي، وعلى رأسها القضية الفلسطينية وما يعانيه الشعب الفلسطيني من احتلال إسرائيلي على مدى عقود، إضافة إلى إشكالية العلاقات العربية مع قوى إقليمية ممثلة في إيران وتركيا.
وأشار العمري، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إلى أن المأمول من القمة العربية بتونس حيال ذلك، الاضطلاع بدور كبير لوقف التطبيع مع إسرائيل، وتوحيد الرؤى تجاه القضية الفلسطينية، والمحافظة على اعتبارها قضية العرب المركزية، والتي من خلالها تواجه الأمة مشاريع الاحتلال والاستعمار، بما لا يقلل من إشكالية الأزمات العربية الأخرى التي لا ترقى لمستوى إشكالية الاحتلال الإسرائيلي ومشروعه الذي يهدد الأمن القومي العربي ويسعى لفرض هيمنته على المنطقة والإقليم، بل ويسعى لتفتيت العلاقات بين الأشقاء العرب عبر إثارة الفتن والمشاكل الداخلية.
ومن المتوقع من القمة، بحسب العمري، دعم الجهود أمام محاولة تصفية القضية الفلسطينية ضمن ما يسمى بـ “صفقة القرن”، ومواجهة تهديدات تهويد المقدسات.
وشدد على أن تحقيق مصالحات عربية وتجاوز الخلافات واستثمار كافة الطاقات السياسية والاجتماعية هو الطريق الأمثل نحو واقع عربي ومشروع عربي موحد يستطيع التقدم ويحقق المصالح العليا للأمة العربية وشعوبها ودولها، ويواجه المشاريع الإقليمية والدولية التي تهدد الأمة والمنطقة والدول العربية.
وسجل الأكاديمي الأردني أن الشارع العربي ينتظر من القادة العرب في هذه القمة، تحقيق قفزة نوعية لمصالحات عربية تساهم في عودة الدفء إلى العلاقات بين الأشقاء، وتحقيق خطوات للمضي قدما في تعزيز الاستقرار بالدول العربية، والتوافق نحو استثمار الطاقات العربية كافة، سواء من الأحزاب والقوى السياسية أو من مؤسسات المجتمع المدني أو من الشباب العربي، وفتح المجال لتعزيز المشاركة السياسية، بما يتيح إرساء شراكة حقيقية بين جميع القوى، دون إقصاء أو تهميش.
وفي هذا السياق، يرى العمري أن المهم في هذه البيئة السياسية العربية، إيلاء أهمية كبرى لبناء تعاون اقتصادي وتجاري وتعاون علمي وصحي وخدمي مشترك بين كافة الأقطار العربية، واستثمار الموارد البشرية الشابة التي تنعم بها البلاد العربية، لا سيما أن القمة تعقد في ظل ظروف مواتية للدفع باتجاه حلول لعدد من أزمات المنطقة والخروج بحد معقول من التوافق العربي.
من جانبه، أكد أحمد سعيد نوفل أستاذ العلوم السياسية في جامعة “اليرموك” الأردنية، أن القمة العربية بتونس تنعقد في أوج الخلافات العربية-العربية، ولاسيما الأزمة الخليجية، وفي ظل الأوضاع المتفاقمة في سوريا والعراق واليمن وليبيا، إلى جانب القضية الفلسطينية التي كانت ولاتزال تمثل محور انشغالات الشعوب العربية.
وأضاف في تصريح مماثل، أن الظروف الحالية في الوطن العربي “صعبة للغاية”، وبالتالي آن الآوان، وخاصة أمام مبادرة الإدارة الأمريكية المعروفة بـ “صفقة القرن”، التي تريد من خلالها تطبيع علاقات الدول العربية مع إسرائيل قبل حل القضية العربية الأولى، لتوحيد الاهتمام بالقضية الفلسطينية والدفع بزخمه بنفس القدر من قبل جميع الدول العربية، واستعادة روح الائتلاف والتعاون التي كانت تطبع معالجة هذه القضية في وقت سابق.
أما أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية ورئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية، محمد مصالحة، فأكد في تصريح للوكالة، أن القمة العربية تنعقد في ظروف استثنائية ومقلقة بسبب الأزمات التي تضرب أركان المنطقة العربية وتغلغل أدوار الدول الكبرى وتنافسها حول المصالح النفطية والاقتصادية.
وأشار إلى أن جدول أعمال القمة حاشد بموضوعات سياسية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية وما يتهددها من خطر يستهدف تصفيتها، مما يؤكد ضرورة توحيد الموقف العربي على أجندة الحل الضامن لحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة على ترابها الوطني وعاصمتها القدس.
وأضاف مصالحة أن مكافحة الإرهاب وحركات التطرف وما يتعرض له الإسلام والمسلمون والعرب والأقليات، كلها قضايا تستدعي وبإلحاح الانكباب عليها بشكل فعلي، خاصة في ظل ما شهدته الفترة الأخيرة من تطرف وعنصرية وأعمال إرهابية في عدد من العواصم الغربية أسفرت عن عشرات الشهداء والمصابين كما حصل مؤخرا في نيوزيلندا.
وبحسب مراقبين، فإن الظرفية الدقيقة التي يمر بها الوطن العربي، تحتم أيضا على قمة تونس، ومن خلالها القيادات العربية، أن تحقق الحد الأدنى من التضامن العربي وحل الخلافات البينية وفتح صفحة جديدة قوامها التكامل الاقتصادي الذي سوف يساهم بشكل فعال في إعادة العمل العربي المشترك بشكل إيجابي لتحقيق الأهداف الكلية للمنظومه العربية.
وتبقى قمة تونس، برأي الكثيرين، مهمة لكونها تأتي في مرحلة دقيقة من تاريخ الأمة العربية، تتطلع فيها شعوبها إلى بارقة أمل في أن تكون بداية حقيقية لعمل عربي فاعل، يتوج بحلول واقعية للأزمات والقضايا العربية الراهنة.