بين جنبات هذا الفضاء الأثري المعتق بعبق التاريخ الروماني، في جو حميمي بسيط دون بهرجة ولا أضواء كاشفة، أخذ مطرب الأناشيد الفارسية محفوفا بعازفين ذوي مهارة فائقة، الجمهور الحاضر إلى عوالم روحانية.
لما يزيد عن ساعة من الزمن، انسجمت جماهير من مشارب متعددة مع تمايل الأنامل الذهبية لعازف “التار” ميلاد محمدي، التي نجح في تطويع هذه الآلة المنحدرة من آسيا الوسطى، آلة تعزف على أوتار الروح.
دقائق من المتعة، تبادل في الأدوار بين عازفي التار والطبل على نغمات صوت علي ريزا غورباني، لحظات أكثر من آسرة.
بفضل صوته المتميز، وأغان تنهل من التراث الفارسي وقصائد بديعة لجلال الدين الرومي، نجح غورباني في مد جسور تواصل مع الجمهور، متجاوزا عائق اللغة والحدود.
وبصم هذا الثلاثي على بداية جميلة للبرمجة الخاصة بمنصة شالة، التي تعد بعروض غنية بالإبداع والأحاسيس، من أبرزها حفل عازفة القيثار الشهيرة باتريسيا لاكيدارا غدا الأحد.
وعلي ريزا غورباتني (45 سنة) من مواليد العاصمة الإيرانية طهران، عازف ومنشد للقصائد الفارسية التقليدية، بدأ مشواره الفني منذ التحاقه بالفرقة الوطنية الإيرانية.
وعلى غرار الدورات السابقة، ستجعل الدورة السابعة عشر من مهرجان موازين إيقاعات العالم، التي تمتد لتسعة أيام من مدينتي الرباط وسلا، منصة التقاء وتناغم، يتقاسم فيها ومن خلالها الجمهور والفنانين على السواء لحظات فرح واحتفال، في صورة تعبر عن أسمى وأرقى مشاعر التعايش والتسامح التي تبناها المهرجان كشعار له منذ انطلاقه.
ويخصص موازين، الذي يساهم في الترويج للموسيقى المغربية، أكثر من نصف برمجته للمواهب المحلية، كما تمكن هذه التظاهرة الفنية التي تحمل قيم السلام والانفتاح والتسامح والاحترام، من الولوج المجاني ل 90 في المائة من حفلاتها الموسيقية، مما يجعل الوصول إلى الجمهور مهمة أساسية، كما يعد داعما أساسيا للاقتصاد السياحي الإقليمي وفاعلا في خلق صناعة الفرجة بالمغرب.