ذكرى المسيرة الخضراء: ملحمة خالدة في مسار تحقيق الوحدة الترابية
أكد رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، الثلاثاء 05 دجنبر بالرباط، مجددا رغبة المغرب في المضي قدما بالارتقاء بتعاونه مع البرتغال ليشمل جميع المستويات، خاصة في الميدان الاقتصادي والتعاون القطاعي، مثمنا التقدم الذي تم إحرازه منذ الدورة الأخيرة للاجتماع رفيع المستوى المغربي-البرتغالي التي انعقدت سنة 2015.
وأضاف العثماني، في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية للدورة الثالثة عشرة للاجتماع رفيع المستوى المغربي-البرتغالي التي ترأسها إلى جانب الوزير الأول البرتغالي السيد أنطونيو لويس سانطوس دا كوسطا، أنه “نظرا لحجم التحديات التي نواجهها، فإننا نجدد عزمنا على مواصلة الحوار الاستراتيجي، خاصة في شقه البرلماني حيث نأمل في خلق آلية حوار دائمة على شاكلة المنتدى البرلماني، تجعل مشاورات برلمانيينا أكثر انتظاما وعمقا، وترفع من مشاركتهم وانخراطهم في تثمين شراكتنا وتجويدها”.
وأبرز أن هذا الاجتماع يتيح الفرصة للاحتفاء بالعلاقات التاريخية وأواصر الصداقة والقيم المشتركة التي تجمع بين المغرب والبرتغال، وكذا بالتعاون الذي ما فتئ يترسخ ويتجدد في كل الميادين، مشيرا إلى أنه تم على المستوى السياسي تكثيف الحوار والمشاورات السياسية وكذا الزيارات رفيعة المستوى كزيارة رئيس الجمهورية البرتغالية إلى المغرب في يونيو 2016 “التي كانت مناسبة لتكريس الصداقة التي تجمع البلدين وتجديد الرغبة المشتركة في تكريس هذه الدينامية”.
وقال العثماني “إن الاستمرار في تعزيز هذه الديناميكية سيقوي موقف البرتغال كشريك اقتصادي لبلدنا، وسيسمح للفاعلين الاقتصاديين في كلا البلدين، في ظل محاور النمو الجديدة في المغرب، بمضاعفة شراكات مبنية على الربح المشترك والمقاربة التنافسية، ودمج الأنشطة وتقاسم ثمار النمو”، داعيا الفاعلين الاقتصاديين وتمثيلياتهم المهنية إلى تعزيز التعاون الاقتصادي عبر إبرام شراكات ناجحة.
كما نوه بالمنتدى الاقتصادي الذي يلتئم اليوم في دورته الجديدة على هامش هذا الاجتماع، والذي يعد فرصة لتعزيز الشراكة الثنائية بين البلدين، وتوسيعها لتشمل مجالات أخرى توفر فرصا هامة للشراكة، كقطاع السيارات والنسيج والصناعة والطاقات المتجددة والفلاحة والصيد البحري والسياحة.
واعتبر العثماني أن العلاقات المغربية-البرتغالية الاستثنائية لا تنحصر في البعد الثنائي فقط، بل تتعداه لتشمل التنسيق والتشاور وتقاسم وجهات النظر بشأن العديد من القضايا والتحديات الإقليمية والدولية، ذات الطابع متعدد الأطراف، موضحا أن التعاون النموذجي بين البلدين يشمل أيضا قضايا مكافحة الإرهاب والتطرف والتغيرات المناخية والهجرة.
وفي هذا السياق، أعرب العثماني عن شكر وتقدير الحكومة المغربية للدعم الذي ما فتئت تقدمه الحكومة البرتغالية للمغرب ومواكبته في طموحه نحو تقارب أفضل مع الاتحاد الأوروبي، مبرزا، في هذا الصدد، أن المغرب قد حسم اختياره الاستراتيجي في الشراكة والتقارب مع المشروع الأوروبي الكبير وفي سبيل ذلك بذلت المملكة المغربية مجهودات كبيرة وحرصت على الوفاء بالتزاماتها مما يجعل منها شريكا مميزا”.
وأشاد، بالمناسبة، بموقف البرتغال الداعم باستمرار للمقاربة المنفتحة للمغرب للتوصل إلى تسوية نهائية لقضية الصحراء، والذي تجسده المبادرة المغربية من أجل الحكم الذاتي في الصحراء، الذي يشكل الأساس الجاد والواقعي لأي حل عادل ومستدام. كما ثمن التعاون الثنائي في آليات التعاون الأورو-متوسطى الأخرى خاصة حوار 5+5 والاتحاد من أجل المتوسط، حيث يعتبر المغرب والبرتغال فاعلين مهمين يسعيان إلى جعل حوض المتوسط منطقة للأمن والاستقرار والتنمية.
من جهة أخرى، أبرز رئيس الحكومة أن مسار العلاقات الثنائية بين المغرب والبرتغال يتزامن مع التطور النوعي الذي تعرفه المملكة على جميع المستويات بفضل الإصلاحات والأوراش الكبرى التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، والهادفة إلى ترسيخ دولة الحق والقانون والحريات وتنفيذ الإصلاحات السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية، خاصة تلك التي جاء بها الدستور الجديد لسنة 2011، والتي جعلت من التنمية البشرية محركها الرئيسي.
وأضاف أن المغرب، وإيمانا منه بالدور الرئيسي للجهوية الموسعة واللامركزية في تفعيل هذا النموذج الجديد للتنمية، قرر أن يجعل منهما دعامتين أساسيتين في سبيل تحقيق تنمية شاملة ومتوازنة.
وانطلاقا من مبدأ التضامن الفعال المؤسس للسياسة الإفريقية للمملكة، أبرز العثماني أن المغرب التزم منذ الاستقلال بتقاسم تجربته المكتسبة في سياق عملية التنمية مع الدول الإفريقية الشقيقة والصديقة، مؤكدا في هذا الشأن أن عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، وسعيه إلى الانضمام إلى التجمع الإقليمي (سيداو) “لا يمكن إدراجه إلا في سياق الرغبة الأكيدة للمملكة المغربية في الاستمرار في خدمة القارة الإفريقية والمساهمة في تنميتها واندماجها بفعالية”.
وشدد على أن نفس الرغبة الأكيدة تشمل كذلك شراكة المملكة مع دول أمريكا اللاتينية، التي تجمعها بالمغرب والبرتغال علاقات صداقة وتعاون متميزة عبر نفس المنهج المتمثل في تطوير التعاون الثلاثي.
وأضاف أن طلب المغرب للحصول على صفة عضو مراقب في مجموعة البلدان الناطقة بالبرتغالية يندرج في هذا الاتجاه “حيث نعتبر ولوجنا لهذا الفضاء الهام، بالإضافة إلى تكريس الروابط التاريخية الثقافية المشتركة، مساهمة في رفع التحديات الآنية التي نتقاسمها مع جل بلدان المجموعة”.