أكد خالد حاجي، الكاتب العام للمجلس الأوروبي للعلماء المغاربة أن المغرب يمد يده إلى أوروبا في إطار التعاون في مجال محاربة التطرف في صفوف الشباب المنحدرين من الهجرة، غير أنه لا يمكن أن يفرض نفسه في سياق يتجاوز صلاحياته وحدوده الوطنية.
ففي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، رفع حاجي اللبس عن مسألة تتعلق ” باتهام المؤسسات المغربية بالتقصير في واجبها في تأطير الشباب المسلم في أوروبا “، مؤكدا أن المؤسسات المغربية في الخارج لا يمكن لها في أي حال من الأحوال أن تمنح لها الصلاحيات التي تتمتع بها المؤسسات داخل المغرب.
وأوضح أن ” البعض يتحدث، خطأ عن المساجد المغربية في أوروبا” مشيرا إلى أن ” المساجد في أوروبا ليست مغربية. قد يتكفل مواطنون من أصل مغربي بتسييرها في بعض الحالات، لكن في الغالب تكون هذه المساجد عبارة عن جمعيات تنظمها القوانين الأوروبية “.
وأشار إلى أنه يمكن أن يتعايش في نفس المدينة بأوروبا مسجد تشرف عليه حركة إسلامية، وجامعة للعلوم الدينية يدعمها أحد الأشخاص، وهيئة رسمية معينة من قبل الدولة الأوروبية، ومدارس تلقن إصلاح الإسلام، أو فضاء للصلاة يكتريه منشقون إسلاميون، دون أن ننسى المواقع الإلكترونية التي لها حصتها من المساهمة في عملية التواصل وتشكيل الضمير المسلم في أوروبا“.
وأكد الكاتب العام للمجلس الأوروبي للعلماء المغاربة أن المغرب لا يمكنه في هذا الإطار ” سوى أن يقترح نفسه لمواكبة المغاربة في مجتمعات الاستقبال “، حيث أنه مقتنع بأنه ليس من مسؤوليته ” الحلول محل الأوروبيين، غير أن التعاون يجد صدى طبيعيا في سياق من الشمولية، والرهانات المتقاطعة والتعاون على تقاسم التجارب “.
وحرص على التذكير بأن العمل المنجز من قبل المؤسسات المغربية في السياق الأوروبي لا يمكن إنكاره.
واعتبر أن هذا العمل ” أساسي ويندرج في إطار الاستمرارية ” مشيرا إلى أن ” المجلس الأوروبي للعلماء المغاربة يساهم منذ إنشائه، في تكوين الأئمة، ومواكبة الشباب المسلم وخاصة النساء المسلمات من أجل تحسين شروط التوازن والازدهار في السياق الأوروبي “.
وأشار السيد حاجي إلى أن العديد من الأوروبيين يثمنون العمل الذي يقوم به المجلس وينوهون بفعالية تدخلاته. غير أنه اشار في نفس الوقت إلى أنه ” لا يمكن في أي حال من الأحوال أن نلوم المجلس بعدم المساهمة في محاربة التطرف، حيث أن هذا الدور يتطلب تظافر جهود الجميع “.
وفي محاولة منه لوضع تشخيص لظاهرة التطرف في أوروبا، قال خالد حاجي ” إن العديد من الشباب المسلم الذي يعيش في أوروبا يرون الدين كعبء بدل أن يكون رافعة للارتقاء الروحي “مشيرا إلى أن ” الخطاب الديني المهيمن يركز على الشعور بالذنب، مما يمنع التسامح مع روح العصر، أو عرقلة الاندماج في مجتمع غير مسلم “.
كما وجه أصابع الاتهام لمدارس تعليم اللغة العربية التي ” تلقن دروسا للأخلاق الدينية لدى الأجيال المسلمة من خلال مضامين مثيرة للنقاش “والمساجد ” التي يتم تدبيرها في إطار غير مؤهل بما فيه الكفاية أو غير مؤهل تماما “.
فالحرب على الإرهاب، بالنسبة إليه، ” تضعنا جميعا أمام تحدي المعرفة المشتركة ” مضيفا أن الثقافة الرقمية في طريقها إلى إزاحة السلطات التقليدية مما سيؤدي إلى تنافر كبير“.
وأوضح أن هذه الثقافة الرقمية ” تضع رهن إشارة شباب يفتقدون إلى المعرفة، مجموعة من خيارات الوعظ، حيث يكفي اختيار مما يتلاءم مع حالتهم النفسية، وتوجهاتهم الإيديولوجية وتوجهاتهم المتطرفة أو السلبية “.
واعترف بأن الإرهاب لا يمكن دراسته أو تحليله أو فهمه بعيدا عن الظرفية الراهنة التي يعيشها العالم، مشيرا إلى أن الحرب على هذه الظاهرة يستدعي مبادرة جماعية ، وإرادة صارمة من قبل جميع الفاعلين، سواء كانت جهات حكومية، أو محلية، أو وطنية، أو دولية ” مشددا على أنه ” وأمام عالم متعدد الأقطاب، وبرهانات متقاطعة ومعقدة، حان الوقت لتطوير اقتصاد لتدبير المؤهلات والمساهمات المتبادلة التي تتجاوز الحالات الطارئة والقراءات المتسرعة “.