ففي 23 يونيو، صوت البريطانيون بأغلبية ساحقة لصالح مغادرة الاتحاد الأوروبي بما يقرب من 52 بالمائة من الاصوات مقابل 48.1 في المائة للمعسكر المؤيد لأوروبا.
وفي المجموع، صوت 17.4 مليون شخص لصالح الخروج من الاتحاد الاوروبي مقابل 16.1 مليون يريدون البقاء في الاتحاد .
وقد تعرض رئيس الوزراء المحافظ السابق ديفيد كاميرون، الذي نظم الاستفتاء من أجل تكريس الانتماء الى الفضاء الاوروبي ، الى نكسة ، مما جعله يقدم استقالته من منصب رئيس الحكومة.
وبعد استقالة ديفيد كاميرون، عين المحافظون السيدة تيريزا ماي ، التي كانت تتولى منصب وزيرة الداخلية ، على رأس الحكومة ، وهي ثاني امرأة تتولى رئاسة الحكومة البريطانية بعد مارغريت تاتشر (1979-1990).
وقد شكلت “المرأة الحديدية” الجديدة، حكومة تتألف من شخصيات مؤيدة للاتحاد الأوروبي وأخرى مساندة للخروج منه ، ووعدت بمواجهة التحدي المتمثل في بناء ” دور جريء وإيجابي جديد” لبلادها خارج الاتحاد الأوروبي .
وبعد أكثر من ثلاثة أشهر على تصويت البريطانيين من أجل الخروج من الاتحاد الاوروبي ، قالت السيدة ماي إن المملكة المتحدة ستطلق آلية الخروج من الاتحاد قبل نهاية مارس 2017.
وفي كلمتها أمام المؤتمر السنوي لحزب المحافظين، وعدت الوزيرة الأولى البريطانيين بإطلاق مسلسل انتقال سلس ، وبمستقبل أفضل لمملكة متحدة “مستقلة تماما وذات سيادة”.
وأضافت ” لكننا لن نترك الاتحاد الأوروبي للتخلي عن السيطرة على تدفق الهجرة من جديد”، في إشارة إلى “موقفها القوي بشأن مسألة الهجرة”.
وتسعى الحكومة البريطانية إلى تخفيض معدل للهجرة، الذي يبلغ حاليا 330 ألف مهاجر في السنة، إلى أقل من 100 ألف مهاجر ، لكن أخر الأرقام الصادرة عن مكتب الإحصاء الوطني تبين أن عدد الرعايا الأوروبيين الذين يدخلون بصورة قانونية الى بريطانيا لا يزال يأخذ منحى تصاعديا، على الرغم من تشديد قوانين الهجرة.
ويعتبر هذا المشكل واحدا من المواضيع الرئيسية للخلاف بين لندن وبروكسل، حيث تطالب سلطات الاتحاد الأوروبي بريطانيا بضمان احترام حرية حركة التنقل إذا أرادت الحفاظ على استمرار ولوجها إلى السوق الأوروبية الموحدة.
من جانبه، يحاول وزير المالية فيليب هاموند طمأنة رجال الأعمال، مؤكدا ان الحكومة ستفعل كل ما في وسعها لتجنب أي اضطراب اقتصادي مرتبط بخروج بلاده من الاتحاد الأوروبي.
وتسعى لندن الى إبرام اتفاق مع بروكسل من أجل “استعادة سيادتها” والحد من الهجرة وتعزيز التجارة مع الاتحاد الأوروبي، ولكن الأوروبيون يصرون على ضرورة استمرار حرية التنقل داخل الفضاء الاوروبي.
وعلى الرغم من كل التحذيرات فإن الاقتصاد البريطاني تمكن من صد الصدمة ، بحيث أن الكارثة التي توقعها العديد من المحللين لم تحدث .
وبالإضافة إلى ذلك، فإن تراجع العملة البريطانية بعد الإعلان عن نتائج التصويت لصالح الخروج من الاتحاد الاوروبي ، مكنت من انتعاش اقتصادي جديد ، خصوصا في قطاعي السياحة والشركات المصدرة وغيرها من قطاعات الصناعة والخدمات والتجارة.