يومية بريطانية تسلط الضوء على المؤهلات التي تجعل من المغرب الوجهة السياحية الأولى في إفريقيا
، أنه “يتعين أن تكون إفريقيا، في ظل العولمة، أولوية في أجندتنا”. وقال السيد العمراني، خلال الندوة التي تنظم على مدى يومين في إطار الدورة 31 لجامعة المعتمد بن عباد الصيفية، إنه “يتعين أن تكون إفريقيا أولوية في أجندتنا، لأننا نعتقد، كأفارقة، أننا نوجد وسط عالم معولم وأننا القارة التي تنمو بشكل أكبر ونتوفر على موارد ضخمة يمكن أن تشكل فرصة لجميع شركائنا”.
واعتبر أنه يجب أن يبقى الاستقرار والأمن في إفريقيا، بطبيعة الحال، في صلب الأولويات من أجل مواجهة عدد من الأزمات والنهوض بالسلام والاستقرار في القارة، بهدف إحداث أرضيات لتشجيع السلام والازدهار المشترك، مع السهر على احترام المبادئ الأساسية، من قبيل التسوية السلمية للنزاعات والوحدة الترابية للدول. وقال السيد العمراني “ينبغي لنا، كأفارقة، أن نقوم بعملنا الخاص في مجالات الديموقراطية والحكامة الجيدة، والاندماج الإقليمي، والإصلاحات البنيوية، وفي مجال التربية، ومكافحة التغيرات المناخية”، مشيرا في هذا السياق إلى أن “شراكتنا يجب أن تتجذر على مستوى التعاون الإقليمي والدولي، من أجل جلب مساهمات خاصة لازدهار قارتنا”.
وأكد على الاهتمام الذي يوليه المغرب لتنمية التعاون جنوب – جنوب، مشددا على أن “ضرورة تقاسم النمو، طبقا لمقاربتنا التضامنية، تنبثق من قناعتنا بأنها لا يمكن أن تكون فعلية إلا إذا كانت جماعية”. وقال “ننبذ المفاهيم القدرية المتعلقة بإفريقيا. ونعتقد، بالفعل، أن قارتنا تتوفر على الموارد اللازمة لتحقيق نموها والاستجابة لحاجيات ساكنتها”، مضيفا أنه “يتعين علينا نحن، بلدان الجنوب، إيجاد الوسائل من أجل إعادة انطلاق إقليمية شاملة، عبر مجهود في الداخل وتشجيع أشكال التآزر في إطار مقاربة متعددة الأبعاد تستند إلى أربع ركائز. ويتعلق الأمر بالركيزة السياسية من خلال تعزيز المسلسل الديموقراطي الوطني والإصلاحات السياسية التي تسهم في توسيع حقل الحريات المدنية، والركيزة الاقتصادية عبر تكثيف الجهود لمكافحة الفقر، والفوارق والإقصاء الاجتماعي، والركيزة الأمنية من خلال المكافحة المنظمة والفعالة للإرهاب والجرائم العابرة للأوطان والجهات، والركيزة الإنسانية من خلال تطوير التعليم والنهوض بالقيم الدينية والثقافية.
وفي ما يخص رؤية المغرب، أشار السيد العمراني إلى أنه في سياق إقليمي يتميز بعدم اليقين، والشروخ الحضارية، ومخاطر الانكماش على الهوية، ورفض الانفتاح على المنابع المتعددة للحضارة، اختار المغرب مبكرا التنوع الثقافي والروحي، بحيث يمنحه التشبث بقيم الانفتاح والتسامح والحوار تميزا خاصا. وقال إن المغرب ظل متشبثا بتاريخه ووحدته الوطنية وسيادته الترابية تحت قيادة ملك موحد، مع التزامه لصالح بناء دولة القانون الديموقراطية، وتعزيز مؤسسات الدولة الحديثة، مضيفا أنه “بفضل تجذرنا الإفريقي وقربنا من أوروبا والمتوسط، فإن المملكة انكبت على تنميتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، بجعلها العنصر البشري في صلب اهتماماتها، في إطار احترام هويتها القائمة على الوحدة والتعددية والانفتاح كما نص على ذلك الدستور الجديد لسنة 2011”. وهو الدستور الذي يحدد المغرب باعتباره “دولة إسلامية ذات سيادة كاملة، متشبثة بوحدتها الوطنية والترابية”. مغرب يحرص على الحفاظ على هويته الوطنية، في كليتها وتنوعها، واحدة لا تتجزأ، بإقامة وحدته بانصهار كل مكوناتها، العربية – الإسلامية، والأمازيغية، والصحراوية الحسانية، والغنية بروافدها الإفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية.
وهي كلها مزايا تشكل، حسب السيد العمراني، غنى لا يضاهى وضمانة لانفتاح المجتمع المغربي، وكذا للتفاهم المتبادل بين كل حضارات الإنسانية. وبالنسبة للسيد العمراني، فإن الوحدة الوطنية والترابية والتوازن والتضامن والممارسة الديموقراطية يتجسد أيضا من خلال تحولات بنيوية مهمة، تمت بفضل ريادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس . وأكد أنه في هذا الاتجاه واصلت المملكة تطورها السياسي في مناخ ملائم لتقوية وتشييد دولة القانون، بإبراز تشبثها غير المشروط بالمبادىء الديموقراطية كما هو متعارف عليها عالميا، في انسجام تام مع تقاليدها في التسامح والانفتاح متمثلة في الحرية والوحدة والديموقراطية والتضامن وحقوق الإنسان.
وأبرز في هذا الصدد تطبيق نموذج الجهوية المتقدمة، الذي يشرك مختلف مكونات الشعب في تدبير الدولة والذي يهدف إلى الأخذ بالاعتبار حاجيات وتطلعات المواطنين، مع الحرص على الخصوصيات الجهوية للبلاد، وكذا تقليص الفوارق بين مختلف جهاتها، وتسهيل الولوج إلى الخدمات الاجتماعية، في سياق يرتكز على النشاط الاقتصادي وإيجاد مناصب الشغل. وحسب السيد العمراني، فإن استقرار الدولة وازدهارها يرتكز أيضا على عدد من المباديء الأساسية، من بينها احترام الوحدة الترابية للدول، وآليات الحكامة والنهوض المتوازي بتنمية اقتصادية اجتماعية وقوية.
وشدد في هذا الإطار على ضرورة اندماج جهوي حقيقي لمواجهة التحديات المشتركة، خاصة أن قدرات إفريقيا ومزاياها ومواردها الطاقية تعرقلها غالبا التحديات الأمنية، وأحيانا السياسية التي تنضاف إليها المخاطر العابرة للأوطان والمناطق، والمتمثلة في الجريمة المنظمة والإرهاب والتهريب بمختلف أشكاله والتطرف الديني. وتتضمن الدورة الحالية لموسم أصيلة الثقافي الدولي، المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، بالخصوص ثلاث ندوات أخرى في مواضيع “الحكامة ومنظمات المجتمع المدني” (21-23 يوليوز) و”النخب العربية والإسلامية.. الدين والدولة” (24 -26 يوليوز) و”الرواية العربية وآفاق الكتابة الرقمية”(27 يوليوز).