ذكرى المسيرة الخضراء: ملحمة خالدة في مسار تحقيق الوحدة الترابية
نظم المركز المغربي للدراسات والأبحاث لوسائل الإعلام والاتصال مساء يوم السبت 23 أبريل 2016 بمدينة تطوان الدورة التاسعة للمؤتمر الدولي لصناعة الإعلام والاتصال، بمناسبة الذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء، حيث تم تكريم الأستاذ محمد العربي المساري الذي يعتبر أيقونة الصحافة المغربية وذاكرتها، وبفقدانه فقد المغرب مرجعا مهما وصوتا متمسكا بالحكمة والحوار.
أكورا بريس استقت مجموعة من الشهادات من طرف كبار المثقفين بمناسبة تكريم روح الفقيد الذين جمعتهم به علاقة متينة سواء علاقة عمل أو صداقة.
“شهادة الدكتور حمزة فارس” عميد الكلية المتعددة التخصصات بتطوان:
” محمد العربي المساري، هو أحد أبناء هذه المدينة، مدينة الحمامة البيضاء تطوان الذي بصم اسمه بأحرف من ذهب في مشواره سواء المهني أو الأكاديمي، فهو دبلوماسي مخضرم، كاتب وأديب كبير، أيضا هو سياسي بارز وقيادي محنك.
فالفقيد إعلامي ناجح، وبهذه المناسبة أريد أن أبشر بان الكلية المتعددة التخصصات في شخص عميدها تزف بشرى بإعطاء اسم لقاعة رقم 15 المخصصة لطلبة سلك الماستر في القانون والإعلام، وأيضا لطلبة الإجازة المهنية في الصحافة والإعلام، اسم المرحوم “محمد العربي المساري” وهذا أقل ما يمكن أن نقدمه لهذه الشخصية البارزة أبناء هذه المدينة”.
“شهادة الدكتور محمد عبد الوهاب العلالي”، منسق ماستر التواصل السياسي بالمعهد العالي للإعلام والاتصال:
“لا يمكن للشهادة القصيرة أن تفي بكل جوانب شخصية “محمد العربي المساري” الذي مزج في شخصيته أكثر من وجه كسياسي ملتزم، كصحافي مستنير، كرجل فكر، ترك لنا رصيدا مهما من الدراسات والأبحاث سواء في مجال الإعلام آو مجال الاتصال، كرجل دولة باعتبار المسؤوليات التي تبوئها من خلال وجوده في الدبلوماسية المغربية كسفير للمغرب في البرازيل في أوقات دقيقة من تاريخ المغرب المعاصر، ومدافعا للقضية الوطنية، كوزير أيضا للاتصال، وكفاعل إعلامي واكب كل التحولات الإعلامية وكل مرحلة دمقرطة الإعلام منذ المناظرة الوطنية للإعلام سنة 1993،
وأيضا كان نقابي ملتصق بهموم وقضايا الصحفيين باعتبار المسؤوليات التي تحملها في النقابة الوطنية للصحافة المغربية في أوج مرحلة الانتقال الديمقراطي، وأيضا كمثقف ومبدع ساهم في كثير من الإنتاجات التي تبقى راسخة في الذاكرة المغربية، كذلك أشير على أن الفقيد بتكونه الخاص باعتباره من النخبة الثقافية القليلة المتمكنة على نحو كبير من الثقافة واللغة الاسبانية ساهم على نحو كبير في محطات أساسية للحوار الايبيري المغربي والأورو العربي باعتباره كان دائما مساهما في اللقاءات والندوات والمؤتمرات .
إلى جانب هذا، فالعربي المساري متواضع، رجل عادي، بسيط، رغم انه ذو مسؤوليات عالية، لتقلده مناصب داخل الحكومة، يمكن أن تلتقيه في الشارع، أو في المقهى أو في الأحياء الشعبية، وقد كنا نستمتع به في مدينة تطوان في كثير من المناسبات كرجل عادي ورجل ممتع”.
“شهادة الصديق معنينو” صحفي وكاتب:
“شخصيا تجمعني معرفة بالفقيد منذ تقريبا خمسين سنة، فهو في صغره تتلمذ على يد والدي في مدينة طنجة، فالصداقة بيننا نحن الثلاثة كونت عملا عاطفيا أبويا مستمرا، وفي المدة الأخيرة قبل وفاته بعدة أشهر أعطاني صورة عن رسالة كان قد تلقاها من والدي سنة 1955، وقد وصفه بابني البار، كانت أجمل وآخر هدية منه.
وخلال عملنا كصحفيين اشتغل كل واحد في مجاله، وكنا نلتقي بين الفينة والأخرى إما كصديقين وإما في إطار أشغال الندوات التي كنا نحضرها في تطوان. وأذكر قبل الإعلان عن تشكيلات حكومة التناوب التي كان قد ترأسها عبد الرحمان اليوسفي زارني محمد العربي في منزلي ثلاثة أيام قبل الإعلان الرسمي عن اسمه وعندما جاء إلى منزلي قال لي لقد عينني جلالة الملك الحسن الثاني وزيرا للاتصال وأردت أن تكون أول شخص على علم بهذا وأتمنى أن نشتغل معا.
إذا بين عشية وضحاها، أصبح وزيرا، وقد سعدت لذلك لكنني تخوفت في أن يؤثر هذا التعيين على عمق الصداقة التي جمعتنا، لكن الرجل لم يتغير، بل زارني في مكتبي وفتح الباب ودخل، حينئذ اضطربت فوقفت احتراما للوزير، لكنه عاتبني على ذلك وقال لي اجلس في مكانك، لما هذا الوقوف وقد تطورت العلاقة فيما بيننا. حيث كنا نجتمع بين الفينة والأخرى ونذهب إلى مجموعة من المقاهي حيث كنا نبحث عن قهوة تسمى الكابوتشينو كانت هذه هي كلمة السر فيما بيننا. لكن جاء المرض اللعين وتغيرت الأحوال وقلت الاتصالات وأصبحت أحاديثنا مركزة حول الأطباء وأنواع الأدوية والمرض هكذا إلى إن ودعني “رحمه الله”.
“شهادة رضوان احدادو” كاتب وباحث في المسرح:
إنه رجل استثنائي في زمن استثنائي، لأنه انطلق من الصفر واستطاع أن يجعل من نفسه رمزا ورائدا من الرواد في مجالات متعددة. تعرفت عليه وظلت علاقتنا متواصلة يسودها الحب والمحبة والاحترام. عرفته كاتب عمود في جريدة يومية بتطوان، وانتقلت هذه المعرفة إلى الأسرة والى التنظيم الحزبي السياسي، عملنا معا في مجالات عدة، كانت تجتمع فيه مجموعة من الخصال التي توزعت في غيره، فهو خلوق، عنيد من أجل الحق، كان دائما يحمل هم تطوان وسكانها،وكانت هذه المدينة بكل ما فيها تسكنه.
فالعربي المساري له مواقف عنيدة في الحق، فيكفي انه لما كان سفيرا في البرازيل ووزيرا للاتصال طلب من جميع الموظفين والمستخدمين الذين كانوا ينادونه بالسيد الوزير أو معالي السفير أن ينادوه بالعربي المساري فقط، كان يقولوا لهم: الوزراء والسفراء كثيرون بالمئات والآلاف لكن العربي المساري واحد. لذلك فقد ظل محافظا على أخلاقه وظل متشبثا بقيمه لدرجة انه عندما يرى موقفا يخالف القيم التي آمن بها يقدم استقالته هكذا حصل وهو سفير ووزير وعضو اللجنة التنفيذية للحزب الذي كان فيه.
لقد عاش دائما رجل المواقف الثابتة. ولازلت اذكر اللحظات الأخيرة التي زرت فيها الفقيد وكان بينه وبين الموت يومان كان يشعر بعياء كبير فقال لي فور خروج زوجته من الغرفة: “خاي رضوان الوداع..” بعد ذلك بيومين هاتفني وقال لي بالاسبانية “ADIOS ” وأنا أقول له الآن، سلاما على روحك الطاهرة.
“شهادة الدكتور عبد القادر الخراز” أستاذ سابقا بالمدرسة العليا للأساتذة، وبكلية الآداب تطوان وحاليا أستاذ المعهد العالي لعلوم التدبير والإعلام:
كانت لنا معه جلسات متعددة، منها ما كانت جلسات عادية ومنها ما كانت مشاركات لنا معه في ندوات، وأتذكر ندوة كانت أقيمت في دار الثقافة بمدينة تطوان حول صحافة تطوان فشارك “رحمة الله عليه” بعرض حول مجلة السلام التي كان يصدرها محمد داوود وشاركنا نحن عن جريدة الأخبار لمحمد داوود، وتناول مجلة السلام بما احتوته وتضمنته من مواضيع متعددة في الجانب الأدبي، والتاريخي، وفي الجانب الفلسطيني، وهذه المجلة كانت تصدر سنة 1933 و1934. وناقشنا المواضيع التي كانت جاءت في كل من جريدة الأخبار ومجلة السلام باعتبارهما يرتبطان بنفس الفترة أي فترة الحكم الاشتراكي الاسباني الذي كان يستعمر المغرب آنذاك وهنا كذلك بجريدة الأخبار كانت بيننا مجموعة من التقربات وبعض الأشياء المختلفة خصوصا في سيرة الحكم الاسباني الاشتراكي في منطقة الحماية
ويبقى محمد العربي المساري رجلا وديعا سموحا، يتقبل الملاحظة ويبدي الرأي، فقد كانت به صفات ايجابية عديدة “رحمة الله عليه”.