يومية بريطانية تسلط الضوء على المؤهلات التي تجعل من المغرب الوجهة السياحية الأولى في إفريقيا
دعم الدولة للصحافة، عملية معمول بها في أغلب بقاع الأرض. مبدئيا لم يكن الغرض، يوما، من هذا الدعم الحد من حرية التعبير من خلال الصحافة.
في المغرب، بادرت الدولة إلى دعم هذا القطاع الحيوي والمتنور، المرئي والمسموع والمكتوب، فلا ديمقراطية بدون صحافة قوية متنوعة جادة هادفة، تضمن الإخبار والتوعية والتسلية. تنتقد، تُشيد لما لا، تُقيّم الأوضاع وتُقوّم الاعوجاج.
الجديد في مغربنا أن الحكومة الحالية، ومن خلال وزارة الاتصال، أدخلت في إستراتيجيتها دعم صحافة جديدة من حيث طبيعة “الحامل” Le support، الأمر يتعلق هنا بالصحافة الرقمية.
كان من بين أهم أهداف هذه المبادرة، هو محاولة التعرف على كل المبحرين في عالم الانترنت، خاصة المهتمين بـ”الخبر” و”النقد” و”التحليل”، لذلك كان “فخ” ملتقى مارس 2012 بمقر وزارة الاتصال، حيث طفا على سطح بحر “الانترنت المغربي” أزيد من 500 “موقع إلكتروني”، وطبعا هناك الآلاف من الفاعلين الافتراضيين الذين عرفوا بأنفسهم وهوياتهم بفضل ذكاء وزير الاتصال وأعوانه.
لسنا هنا بصدد الحكم على النوايا. برنامج وزارة الاتصال بخصوص تنظيم الصحافة الرقمية وتنظيم عالم المدوّنين والفاعلين الافتراضيين، جدي ومسؤول.
نحن بصدد الترافع حول طبيعة تصريف خطوات هذا البرنامج. كنا نقول أن التنظيم القانوني للصحافة الرقمية مسألة حتمية، لكن ماذا بعد “الحصر” و”التنظيم” والتشاور والتشارك في وضع القوانين؟
لا ينكر أحد أن وزارة الاتصال تمكنت من تحقيق الأهداف التي رسمتها بخصوص هذا الملف، حصرت وتعرفت على كل “المبحرين” وحتى “الغطّاسين” في بحر الانترنت. “تشاورت” و”تشاركت” مع المهنيين وتم وضع مشروع قانون الصحافة الرقمية، بعدها رُفعت الأقلام.
تفضلت وزارة الاتصال ودعتنا إلى أغلب لقاءاتها الخاصة بالإعداد لبنود قانون الصحافة، الخاصة بالصحافة الرقمية، إلا أنها “جمعت وطوت”، حين انكبت على تحديد معايير الواجب توفرها للاستفادة من الدعم.
15 معيار (كلها من العيار الثقيل)، أكاد أجزم أن المؤسسة الإعلامية الوحيدة المتوفرة على المعايير الـ15، وبشكل مهني وشفاف هي مؤسسة “إيكو ميدا”.
لا أعرف كيف تم تغييب معيار أن الدعم يجب أن يكون على أساس المصاريف الضخمة التي تصرفها أغلب الواقع “المشهورة” على الترويج بالفيسبوك، وليس على أساس كتلة الأجور؟ أتحدى أي موقع مهما كانت شهرته أن يوقف الترويج لروابط أخباره عبر الفيسبوك؟ أتحدى أي موقع مهما كانت شهرته أن لا يكون صرف على إنشاء صفحة خاصة به على الفيسبوك بالملايين؟ أتحدى أيا كان، أن يُطلق موقعا إخباريا رقميا ويدعه دون أن يصرف الملايين ليصل إلى القراء..
العملية كلها مرتبطة بالقدرة المالية على الترويج للموقع، وما تبقى “كلام في كلام”.
لا أدري كيف تم تغييب أن مؤسسي المواقع الرقمية، نوعان: ذاتي ومعنوي. فكيف يتساوى الشخص الذاتي بشركة ضخمة تُطلق موقعا رقميا؟
الأشخاص الذاتيين، صحافيون قضوا أنصاف أعمارهم في هذه المهنة “المميتة”، وحين تمكنوا من إطلاق مواقع رقمية “بما أعطى الله”، وجدوا أنفسهم أمام معايير “هتشكوكية” للاستفادة من دعم /هزيل أصلا/، هم أولى به بقوة المنطق، إن وُجد لمنطق في تسيير شؤون هذه البلاد.
لا أفهم كيف توضع معايير شبيهة لتلك المطروحة على مؤسسات متكاملة الهيكلة ومتوازنة مالية؟ لماذا نتحدث عن “دعم الاستمرارية”، ولا نستحضر دعم “الانطلاقة وتحقيق الحد الأدنى من التوازن”؟
هذه تساؤلات وغيرها كثير، ليست بهدف استجداء أحد، أيا كان. هي ملاحظات لابد منها من منطلق أننا مهنيون ليس بالضرورة بالبطاقة، التي لم تعد لها قيمة منذ زمان. هي ملاحظات لا ترمي على الضغط على اللجنة الثنائية الصارمة/صرامة حق أريد بها باطل، فنحن مستعدون لرفض الدعم بما حمل، والله الغني الحميد، وهو الرزاق الكريم.