وزير الخارجية الشيلي: العلاقة الشيلية المغربية توفر إمكانيات كبيرة للتعاون
لفتت التجربة المغربية في مجال مكافحة الإرهاب وما تتسم به من شمولية وجدية اهتمام دول أوروبية خاصة فرنسا وبلجيكيا وبريطانيا، التي تسعى في ظل تصاعد وتيرة الأنشطة الدعوية الجهادية فوق أراضيها إلى ضبط المجال الديني والإشراف عليه اعتمادا على خبرات دول نجحت في تحجيم الفكر المتطرف مثل المغرب.
فمنذ أشهر أعلن وزير الخارجية البلجيكي، ديديي رينديرز، خلال لقائه بامباركة بوعيدة، الوزيرة المنتدبة لدى وزير الخارجية المغربي، أن بلاده ترغب في الاستفادة من التجربة المغربية في الإشراف على المساجد وعقد المجالس العلمية الشرعية.
نفس الاهتمام أبدته بريطانيا أثناء لقاء جمع بين وزيري خارجية البلدين، في حين تجري فرنسا لقاءات مع المسؤولين المغاربة للتنسيق من أجل تكوين الأئمة الفرنسيين، وقد توّجت هذه المباحثات بتوقيع اتفاقية تتعلق بتأهيل الأئمة الفرنسيين في المغرب، بحسب وكالة الأنباء المغربية الرسمية.
وأضافت وكالة الأنباء الرسمية في المغرب، أن لوران فابيوس وزير الشؤون الخارجية والتنمية الدولية الفرنسي، وقع على اتفاقية التعاون الثنائي المتعلقة بتأهيل الأئمة الفرنسيين في المغرب، فيما وقع عليها عن الجانب المغربي أحمد التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية.
وأكد أحمد التوفيق، أن توقيع الإعلان المشترك المغربي الفرنسي حول تكوين الأئمة، الذي جرى تحت رئاسة العاهل المغربي الملك محمد السادس والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الذي يجري زيارة “عمل وصداقة للمملكة”، هو “حدث دبلوماسي مهم”. وتنص الاتفاقية الموقعة، على أن يتولى المغرب تكوين أئمة لفرنسا، على أن يختارهم المغرب وفق مقاييس معهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدات، وبتوافق مع مساجد فرنسا وجمعيات المساجد، مع حرص باريس على أن يكون هناك تكوين تكميلي في فرنسا حسب ما تقتضيه قوانينها ومساطرها.
وترزح التجربة المغربية في الحقل الديني، خاصة ما يتعلّق بإعداد الأئمة، تحت دائرة الضوء في مختلف البلدان الأفريقية والأوروبية، في ظل تنامي أعمال الإرهاب. وأعادت الهجمات الإرهابية المتصاعدة في السنوات الأخيرة الماضية، طرح قضية تكوين الأئمة باعتبارهم من الفاعلين المحوريّين إمّا في نشر قيم التسامح والاعتدال أو في نشر الخطابات التحريضية التكفيرية.
قبل أن تتبنى المملكة المغربية، الخطاب الصوفي بشكل رسمي كمكون مفترض للهوية الدينية الوطنية، كانت المساجد في المغرب رهينة تعدد الخطاب الديني، وكان العديد منها خاضعا إلى سيطرة السلفيّين الذّين حاولوا الترويج لخطابهم المتشدّد، لكن الهيكلة الجديدة للشأن الديني التي أعلن عنها العاهل المغربي الملك محمد السادس سنة 2004 مكّنت الدولة من إعادة السيطرة على المساجد والإشراف بشكل مباشر عليها.
وأقرّ الملك محمد السادس إجراءات قانونيّة جديدة لمراقبة المساجد وضبط مصادرها الماديّة، حيث تمّ إصدار قانون متعلّق أساسا بالأماكن المخصّصة لإقامة شعائر الدين الإسلاميّ وتمّ المصادقة عليه سنة 2006 من قبل مجلس المستشارين.
ويهدف هذا القانون إلى الحدّ من نشاط الجمعيات التي لا تسير في الخط المذهبي للدولة، وقد تمّ بموجبه محاصرة الجمعيات السلفية المتشددة ومنع نشاط بعضها وإعادة ضمّ المساجد التي كانت تحت سيطرة المتطرفين.
إلى ذلك، أجرى الملك محمد السادس، مباحثات في مدينة طنجة شمالي المغرب، مع الـرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند. وقال الرئيس الفرنسي، في تصريحات صحفية، إنه تحدوه رغبة كبيرة في أن يدخل المغرب وفرنسا “مرحلة جديدة من الشراكة”. وأضاف “قدمت إلى طنجة في إطار زيارة عمل وصداقة، تم الإعداد لها منذ عدة أشهر، وتحدوني الرغبة في أن يدخل البلدان مرحلة جديدة من الشراكة”.
وأكد هولاند أن “المغرب وفرنسا تجمعهما العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، الاقتصادية، والثقافية، واللغوية، كما يجمع البلدان ليس فقط تاريخ طويل مشترك، بل وأيضا المستقبل المثمر جدا”، وفق تعبيره.
وأضاف قوله، “منذ زيارتي للمغرب، قبل سنتين، حقق البلدان معا تقدما كبيرا بعد مرحلة صعبة، ونسعى معا إلى أن نعطي لهذه الزيارة بعدا دوليا، لأن المغرب وفرنسا يمتلكان إرادة للعمل المشترك في أفريقيا، ومكافحة الإرهاب، الذي لا يزال يشكل بالنسبة لنا مصدر قلق كبير”.
ويرافق الرئيس الفرنسي عدد من أعضاء حكومته على رأسهم لوران فابيوس وزير الخارجية وسيغولين روايال وزيرة البيئة ونجاة فالو بلقاسم وزيرة التعليم العالي والأبحاث ومريم الخمري وزيرة العمل وجون ماري لوجن كاتب الدولة المكلف بالعلاقات مع البرلمان وعدد من المسؤولين الفرنسيين.
وكانت العلاقات المغربية الفرنسية، شهدت العام الماضي توترا، إثر توجيه القضاء الفرنسي استدعاء إلى مدير جهاز المخابرات الداخلية المغربي عبداللطيف الحموشي، بناء على اتهامات له من طرف منظمات حقوقية فرنسية، بالمشاركة في عمليات تعذيب.
وكان لتوقيع اتفاقية التعاون في المجال القضائي بين البلدين مطلع العام الجاري، وقع كبير على عودة الدفء إلى العلاقات الثنائية بينهما، حيث أعقب التوقيع زيارة أجراها كل من رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس، ووزير الخارجية لوران فابيوس، إلى المملكة المغربية.