تم اليوم الأحد تكريم الجنود المغاربة الذين دفعوا حياتهم ثمنا للدفاع عن حرية بلجيكا سنة 1940، وذلك خلال الاحتفالات المخلدة للذكرى الـ75 لمعركة "جومبلو".
وقد كان الاعتراف بالتضحيات التي بذلها المغاربة الذين جاؤوا للدفاع عن أرض لم تكن لهم، حاضرا بقوة سواء أمام النصب التذكاري آيم في جومبلو أو داخل مقبرة شاستر (40 كلم جنوب بروكسيل) حيث ترقد جثامين المئات من المحاربين المغاربة الذي سقطوا في ساحة الحرب لتحرير أوروبا من نير الاستعمارين النازي والفاشي.
فبهذين المكانين الحافلين بالذكرى، تم تسليط الضوء على التضحيات الجسام التي بذلها الجنود المغاربة الشجعان الذين حاربوا إلى جانب قوات التحالف، وكذا ضرورة الحفاظ على هذه الذاكرة التاريخية المشتركة بين المغرب وأوروبا، والحافلة بالأعمال البطولية المفعمة بالقيم النبيلة الإنسانية والكونية.
وقال وزير الدفاع البلجيكي السابق والرئيس الشرفي لجمعية المحاربين القدامى ببلجيكا، أندري فلاهو، "إن دورنا اليوم يتمثل في إطلاع الأجيال الشابة على أهمية هذه التضحية"، مسجلا أن واجب حفظ الذاكرة ضروري لمواجهة تنامي التطرف والتعصب الوطني بجميع أشكاله في كافة أنحاء أوروبا وفي العالم.
من جهته، قال عمدة جومبلو، بونوا ديسبا، إن الجنود المغاربة الذي قاتلوا إلى جانب رفاقهم في السلاح، الفرنسيين والبلجيكيين، "حاضرون بقوة في أذهاننا وقلوبنا"، مبرزا أن التكريم الكبير، المؤثر والرسمي والصادق، الذي يخصص لهم اليوم، ينبع "من كوننا نشعر اليوم، كمواطنين أحرار، بالعرفان الدائم لتضحيتهم".
من جانبه، أشاد عمدة شاستر، كلود جوسار، بشجاعة وبطولة الجنود المغاربة، مشيرا إلى أن مدينته تواصل بشكل مستمر حفظ ذاكرة التضحيات التي بذلوها لتحرير بلجيكا وأوروبا. أما سفير المغرب لدى بلجيكا ودوقية لوكسمبورغ، سمير الدهر، فقد تطرق إلى التضحية الكبرى التي بذلها الجنود المغاربة في جومبلو ما بين 13 و16 ماي 1940 وأهمية حفظ الذاكرة حتى لا تصير الأعمال البطولية التي قاموا بها طي النسيان.
وشدد المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، مصطفى الكثيري، من جهته، على ضرورة حفظ الذاكرة تكريما للجنود المغاربة، مستعرضا قيم الوطنية والتضحية وحس الواجب وكذا المثل العليا للحرية والكرامة الإنسانية والتعايش التي دافع المغرب عنها على الدوام.
من جهته، أشار رئيس جمعية ذاكرة المحاربين المغاربة القدامى ببلجيكا، أحمد القروتي، إلى ضرورة التذكير بأن آلاف الجنود المغاربة حاربوا خلال الحرب العالمية الثانية إلى جانب قوات التحالف، استجابة لنداء جلالة المغفور له الملك محمد الخامس، مسجلا أن معركة جومبلو ستظل في الذاكرة كأول هزيمة للجيش الألماني النازي منذ غزو بلجيكا، وذلك بفضل شجاعة فيالق الجنود المغاربة الشجعان.
وقد تميزت هذه الاحتفالات المخلدة، بتحية الأعلام الوطنية للمغرب وبلجيكا وفرنسا، وعزف النشيد الوطني لكل بلد فضلا عن وضع أكاليل الزهور تكريما لذاكرة الجنود الذين سقطوا في ساحة الحرب.
وقد سقط حوالي 233 جنديا مغربيا خلال معركة جومبلو-شاستر، المعركة البرية الوحيدة التي انتصر فيها الجيش الفرنسي خلال حملة ماي 1940، وأول معركة بالدبابات في التاريخ العسكري العالمي.