خلوة مجلس حقوق الإنسان بالرباط: اجتماع للتفكير وتبادل الآراء بشأن وضعية المجلس ومستقبله
علي عراس بريء و حوكم على أساس ملف مفبرك و اعترافات لم يدل بها، و تعرض للتعذيب و يجب إطلاق سراحه و هذا هو دليلنا، لقد جمعنا أكثر من 200 ألف توقيع تطالب بإطلاق سراحه في إطار حملة دولية همت 65 بلدا، كان هذا جوهر حجية الموقف الذي دافعت عنه أمنستي أنترناشيونال في زيارتها لمقر وزارة العدل أمس الأربعاء.
وفد منظمة العفو الدولية المتعدد الجنسيات المرفوق بمحمد السكتاوي رئيس فرع المنظمة بالمغرب، كان مزهوا بالتوقيعات التي جمعتها فروع المنظمة رغم أن حملتها في 65 بلدا لم تجمع إلا 200 ألف تمثل ماكينة المنظمة التي توقع بشكل آلي على كل بيانات المنظمة، على الرغم من أن عدد التوقيعات هذه المرة كان أقل بكثير مما عودتنا المنظمة عليه.
نقطة قوة مبادرة العفو الدولية المفترضة كانت في الحقيقة نقطة ضعف بإمتياز، لأن لعبة الأرقام لا تفيد أبدا الحقيقة، منظمة العفو الدولية تطلب إطلاق سراح إرهابي بحجة أنه غير إرهابي و دليلها في ذلك أن المعني بالأمر صرح لها بذلك.
غير أنه في إطار لغة الأرقام فهل تنتظر منظمة العفو الدولية أن يطلق المغرب سراح إرهابي محكوم عليه ب 12 سنة سجنا فقط لأن أخته تشهد له أنه غير إرهابي؟ و هل يقبل المغاربة بعدهم و عديدهم التي قد يتجاوز 36 مليون شخصا في إحصاء مندوبية الحليمي إطلاق سراح الرجل و تعطيل تنفيذ العقوبة التي حكم عليه بها القضاء المغربي؟ أكيد أن أعضاء فرع منظمة العفو بالمغرب لن يوقعوا على أي بيان مناهض لطلب منظمتهم، و أن نشطاء الجمعية المغربية لحقوق الإنسان التي يتحكم فيها النهج سيحذون حذوهم لأنهم أصلا متطوعون "بعينيهم مغمضين" في كل عمل مناهض للمغرب. Toujours et a jamais partant تحت شعار "الحيحة و التنوعير حتى النصر" إلى الحد الذي يدفع الجمعية إلى فبركة قضايا تعذيب فقط من أجل "تسخان الطرح".
لو كانت لعبة الأرقام تفيد الحقيقة كما تتصور أمنستي لجمع المغرب في أقل من شهر تواقيع أكثر من 36 مليون تطالب بإبقاء علي عراس في السجن لإستكمال العقوبة التي حكم عليه بها القضاء المغربي، و هو أمر يتجند له المغاربة بشكل طوعي، لأنهم مناهضون للإرهاب و لا يريدون أن يسقطوا في فخ الثورة الخلاقة التي أتت على الأخضر و اليابس في سوريا و العراق و اليمن و ليبيا و طال لهيبها بلدانا كثيرة في الشرق الأوسط و شمال افريقيا.
وفد أمنستي لم يستوعب عمق المشكل، أتى مزهوا بالتوقيعات التي جمعتها المنظمة، أراد في لقائه مع وزارة العدل أن تكون الجلسة بروتوكولية، جلسة تسليم و تسلم، وفد المنظمة الرفيع المستوى كان يتصور أن التوقيعات تشكل حكما بإطلاق السراح، و عندما سألهم الطرف المغربي عن الحجية التي تستند عليها التوقيعات وجدوا أن جعبتهم فارغة و أنهم لا يملكون من الحقيقة إلا لغو علي عراس، و كانت الصدمة التي جعلت الجميع ينصت لوزير العدل و خبراء الوزارة الذين لا يعرفون إلا فصول القانون و الأدلة المادية و الإجراءات المسطرية.
علي عراس موضوع مذكرة بحث دولية اعتقلته السلطات الإسبانية و سلمته للسلطات المغربية بتاريخ 14/12/2010، و بعد عشرة أيام بالتمام و الكمال تم تقديمه أمام استئنافية الرباط المختصة في قضايا الإرهاب، و لأن علي عراس يكذب فإنه يقول أنه قضى 12 يوما عند الشرطة القضائية لأن القانون المغربي يرخص لمدة حراسة نظرية تصل إلى 12 يوما، و هي مدة لم تستنفذها بالكامل الشرطة القضائية.
علي عراس يقول أنه تعرض للتعذيب، و وثائق ملفه لدى وزارة العدل تقول أنه بعد تقديمه أمام النيابة العامة يوم 24/12/2010 لم تلاحظ عليه النيابة العامة آثار تعذيب بالشكل الذي يدعيه، و أحالته على قاضي التحقيق الذي لم يلاحظ عليه شيئا، كما أن علي عراس لم يشتكي أمام النيابة العامة أو أمام قاضي التحقيق بتعرضه للتعذيب و أنه فقط طلب حضور محامي، و بعد 20 يوما و بحضور محاميه في إطار الإستنطاق التفصيلي لم يتقدم لا هو و لا محاميه بشكاية و لو شفوية حول التعذيب، و بعد إحالته للمحكمة حضر مرفوقا بمحاميه الجلسة الأولى و الجلسة الثانية و لم تكن مسألة التعذيب حاضرة، إلا أنه بعد الجلسة الثالثة وضع محاميه شكاية أمام النيابة العامة بالبيضاء و ليس في الرباط التي تتوكل ملفه من أجل التعذيب، و تم فتح تحقيق و إجراء خبرة تبين فيها أن ما يدعيه الرجل غير مؤسس على ما يفيد التعذيب و تم حفظ الملف، و تم فتح التحقيق مرة ثانية و كانت خبرة متعددة الأطراف و لم يخلص إلى أن الرجل تعرض للتعذيب، و اعتبرت النيابة العامة أن الإدعاء غير جدي و تنقصه وقائع تابثة لتأخذ المتابعة مسارها العادي.
وفد أمنيستي لم يكن يعلم "تقابي ملف عراس" و صدمهم خبراء وزارة العدل عندما شرحوا لهم أن المنظمة اتخذت موقفا بناءا على تصريحات يتيمة للمعني بالأمر و المعنية بالأمر بدون أن تكلف نفسها عناء البحث عن الحقيقة، أو على الأقل الإستماع إلى وجهة نظر السلطات المكلفة بإعمال القانون في المغرب، و تريد أن تفرض على المغرب أن يتجاوب مع قرار منظمة غير مؤسس على نتائج بحث، و هو أمر لا يعني السلطات المغربية في شيء خصوصا أن بحثا تكميليا فتحته السلطات القضائية المغربية و هي تنتظر نتائجه عندما يتم استكمال جميع الإجراءات.
أمنستي لا تعرف عن عراس إلا كونه متابع في إطار قانون الإرهاب، لا تعرف أنه كان مكلفا بالدعم اللوجستيكي و توريد الأسلحة داخل حركة المجاهدين في المغرب، لم تكن تعرف أنه سلم داخل المغرب أسلحة أدخلها عن طريق معبر مليلية، لا تعرف أن أمير حركة المجاهدين في المغرب هو الذي كشف لقاضي التحقيق في 2003 مخبأ السلاح الذي تسلمه منه في المنطقة الشرقية عبد الرزاق سوماح آخر أمير للحركة، و أن أمراء التنظيم السابقون أقروا جميعا أمام جميع مستويات التقاضي أن الأسلحة التي كان يتحوزها التنظيم في عملياته الإرهابية أدخلها للمغرب علي عراس، و هي أشياء لم يجبرهم على قولها أي كان، و أنهم اختاروا الحقيقة لأنهم لم يعودوا مقتنعين بالعمل السري و العمل الإرهابي.
أمنستي لا تعرف أن علي عراس كان يدير استتمارات حركة المجاهدين في الخارج، و أنه كان مكلفا بتمويل العمل الإرهابي في المغرب من عائدات الإستتمارات خصوصا في بلجيكا، و أن جميع الأموال التي وصلت إلى المغرب من الخارج و التي تسلمها الأمراء الذين تعاقبوا على تسيير الحركة الإرهابية أدخلها علي عراس إلى المغرب.
أمنستي لا تعرف أن علي عراس عندما تسلمته السلطات المغربية من نظيرتها الإسبانية كان ملفه القضائي بأدلته المادية و الملموسة كالأسلحة التي تم حجزها في المنظقة الشرقية و الأموال المسلمة للتنظيم المثبتة في محاضر الإستماع و الإنتقال و الحجز، و استنطاقات قضاة التحقيق، و جلسات محاكمة المسؤولين السابقين للتنظيم تنطق عن نفسها، و أن الشرطة القضائية في المغرب كان من الممكن أن تكتفي فقط بأن تسأله عن هويته و تقدمه أمام النيابة العامة لأن ملفه كان متخما بالوقائع و الأدلة، و أن حتى تصريحاته التي أقر فيها بما عمل كانت غير ضرورية، فلماذا سيتم تعذيبه و عناصر الإدانة كانت متوفرة في الملف حتى قبل أن تسلمه السلطات الإسبانية إلى المغرب.
لقد تحولت الجلسة التي كانت أمنستي تنتظر أن تكون بروتوكولية، جلسة تسليم و تسلم، إلى جلسة تفتت فيها ملف تعذيب علي عراس بالكامل، لم يجد معه أعضاء وفد منظمة العفو إلا خيار الصمت.
كنت سأكون ممنونا للمنظمة التي تهتم بالمغاربة من خلال إدراجها للمغرب ضمن مجموعة دول مستهدفة من طرفها كدول تمارس التعذيب، لو أنها تطوعت لتحمل إلى وزارة العدل الأمريكية ملف مغاربة غوانتانامو الذين لا زالوا يقبعون في سجون البانتاغون خارج أراضي الولايات المتحدة الأمريكية، و أن تحرك فروعها ال 65 في العالم، و ألا تضع في ملفها إلا تصريحات الرئيس أوباما التي إلتزم فيها بإقفال معتقل غوانتانامو قبل نهاية ولايته الأولى، و أن تذهب إلى الكونغريس و تأخذ تقارير البرلمان الأمريكي حول الفضاعات التي ارتكبتها القوات الأمريكية داخل و خارج معتقل غوانتانامو.
كنت سأكون ممنونا للمنظمة لو أنها في إطار محبتها و عطفها على بني جلدتنا، لو أنها حملت ملف عراس قبل أن تجمع تواقيع منتسبيها في العالم و أن تحرج السلطات المغربية حول قضية علي عراس نقطة نقطة، حتى تستكمل الصورة و تطلق حملة مبنية على وقائع عوض أن يتحول وفد المنظمة إلى سائق شاحنة حمل البضائع، يحمل توقيعات غير مؤسسة على وقائع و يلود بالصمت أمام حجية الموقف المغربي و البحث عن مخرج سياسي، كأن المغرب هو الذي أوقع منظمة العفو الدولية في هذا المطب.
فمتى يطلق المغرب سراح علي عراس؟ أكيد أن المغرب سيكون مجبرا على إطلاق سراح الإرهابي علي عراس عندما تطلعه أمنيستي على البيانات التي أصدرتها عقب العملية التي نفذتها القوات الخاصة التابعة للبحرية الأمريكية في عمق الأراضي الباكستانية، و بدون إذن من سلطاتها عندما هاجمت مقر إقامة أسامة بن لادن و حملت جثته و رمتها في أعماق البحر، ألم يكن للمجرم و الإرهابي العالمي أسامة بن لادن الحق في محاكمة عادلة بحضور محاميه و دفاعه؟
أكيد أن المغرب سوف يطلق سراح الإرهابي علي عراس عندما تطلعه أمنستي أنترناشيونال على بياناتها حول مقتل الإرهابي محمد مراح من طرف القوات الخاصة الفرنسية، و هو الذي كان وحيدا محاصرا في شقته و لم تكن معه متفجرات و لم يكن مسلحا إلا بدخيرة قيل أنها إستعملت بالكامل قبل أن يقتل، ألم يكن له الحق في الحياة لمواجهة محاكمة عادلة؟
أكيد أن المغرب سوف يطلق سراح الإرهابي علي عراس عندما تصدمه منظمة العفو الدولية و فروعها في العالم بالموقف الصارم الذي اتخذته ضد هجمات الطائرات بدون طيار الأمريكية في اليمن و الصومال و أفغانستان، و تقدم للمغرب على سبيل التحدي لائحة و لو أولية للأهداف المدنية و الضحايا غير الإرهابيين الذين طالتهم هجمات الطائرات بدون طيار الأمريكية، و المواقف الصارمة التي أخذتها منظمة العفو الدولية.
لعبة علي عراس البلجيكي لعبها قبله محمد حجيب الألماني، إنها لعبة المغاربة الحاملين لجنسيات أجنبية، عندما يستهلكون جميع درجات التقاضي أو عندما يتطوع للدفاع عنهم أجانب، ينصحونهم في إطار استراتيجية الدفاع باللعب على ورقة التعذيب حتى يجبروا السلطات المغربية على إطلاق سراحهم أو مقايضة القضاء المغربي بعدم متابعتهم أو التخفيف من الأحكام الصادرة ضدهم، إنها لعبة قديمة و مفروشة لعبها دفاعه حتى قبل أن يسلم إلى السلطات المغربية، و كانت حجته الوحيدة من أجل عدم تسليمه للمغرب هو أن المغرب بلد يعذب الناس، لكن القضاء الإسباني بعد اطلاعه على الحجج التي قدمها المغرب في إطار طلب التسليم اعتبرتها المحكمة العليا في مدريد كافية لكي تتم الإستجابة للطلب المغربي، و منذ يومها و الدفاع لا يلعب إلا ورقة التعذيب في مواجهة الأدلة التي تتبث تورط علي عراس في أعمال إرهابية، و هي لعبة شاركت فيها أمنستي بفرعها في مدريد و اليوم تجند فروعها ال 65 من أجل تحقيق نفس الهدف بعيدا عن الحقيقة.
لقد خسرت أمنستي معركة الحقيقة و لن تربحها بجمع توقيعات أعضاء فروعها في العالم، لأن المغرب دولة مستقلة و ذات سيادة و لا يطبق فيها إلا القانون المغربي، و لا يسمح بأي إجراء لا ينص عليه القانون المغربي، و لن تجد أمنستي يوما و لو واحدا من المؤتمنين على تسيير الشأن العام يقبل أن تخلق سابقة تمس بأمن و استقرار المغرب لأن المغرب و استقراره ملك لجميع المغاربة، و على أمنستي أن تجمع توقيعات جميع المغاربة ال 36 مليون لتحصل على إفادة تفيد أنهم تنازلوا عن حقهم في القصاص من الإرهابي علي عراس، أما جمع توقيعات "الذين لا كبدة لهم على المغرب و لا يعرفون شيئا عن عراس" فلا تعني شيئا عند أهلنا و لا تلزمهم في شيء، لأنهم وحدهم أهل العفو و القصاص.