ذكرى المسيرة الخضراء: ملحمة خالدة في مسار تحقيق الوحدة الترابية
اختتمت مساء يوم السبت 23 غشت الجاري فعاليات الدورة الثانية من مهرجان العنصرة بمدينة المضيق والذي نظمته جمعية المهرجان الدولي العنصرة، تخليدا للتقاليد والطقوس الاحتفالية لهذه المنطقة. وقد عاشت ساكنة المنطقة والسياح الوافدون عليها أربعة أيام ساحرة، خاصة أنه كان ناجحا قياسا بالإقبال الجماهيري عليه، حيث تنوعت فيه إيقاعات موسيقى العالم، فحضر العديد من الفنانين المتميزين ليلهبوا حماس الساكنة والسياح ، فكان لهم موعد مع ألمع الفنانين الذين أتوا من مختلف الدول، كالفنان التونسي لطفي بوشناق بقيادة المايسترو نبيل أقبيب، والفنان الجزائري فضيل، والمغربية رشيدة طلال، والموريتانية معلومة بنت الميداح، والمالي باسيكو كوياتي.. وغيرهم كثير من الفنانين المتألقين الذين أسعدوا وقدموا آخر أغانيهم على مناصات مدينة المضيق.
كما أن المهرجان لم يتوقف فقط عند سهرات فنية بل كان الجانب التراثي حاضرا بشكل كبير وذلك عبر الاحتفاء بالتراث الجبلي في جل مظاهره، فتم تكريم رواد وشيوخ العيطة الشمالية، و تنظيم لوحات فنية مستوحاة من الطريقة العيساوية وطقوسها الروحانية والصوفية عكست تراثا محليا بأبعاده الثقافية والاجتماعية والتضامنية.. وقد حضر هذا المهرجان شخصيات وازنة أمثال الوزيرة المنتدبة لدى وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة المكلفة بالماء السيدة شرفات أفيلال والتي تم تكريمها أيضا في مهرجان أصوات نسائية بالحمامة البيضاء تطوان.
ويرجع نجاح هذا المهرجان إلى المديرة الفنية السوبرانو “سميرة القادري” الغنية عن التعريف طبعا، فهي التي سهرت من أجل إنجاح هذا المهرجان، وهذا طبعا ليس غريبا عنها فهي لطالما أتقنت إداراتها للمهرجانات وخير دليل على هذا نجاح مهرجان العود الدولي بتطوان الذي تشرف هو الآخر على إدارته..
والجدير بالذكر أيضا أن الفنانة المتألقة “سميرة القادري” كانت قد شاركت يوم الأحد 17 غشت الجاري رفقة فرقة رباعي أحداف في أنشطة موسم أصيلة الثقافي الدولي في دورته 36 حيث أمتعت بحنجرتها الذهبية جمهورها التواق دوما لأغانيها ولجديدها الفريد من نوعه، فأمتعت جمهور موسم أصيلة في سفر فني جمع بين لونين الجاز والأندلسي.. لتبرهن على أصالتها وجماليتها وصوتها المؤثر في عالم الموسيقى.
هي فعلا فنانة من الزمن الجميل، ملتزمة بما تقدم، تخاطب جمهورها بثقة كبيرة، لأنها دائما تتحفه بجديدها المتميز. فهي المتخصصة في الموسيقى المتوسطية التي استمدت روحها من الموسيقات الأندلسية فسعت إلى التعدد وإيصال رسالة مفادها أن كل هذا المزج عنوانه المغرب الغني بلهجاته وثقافاته وأعرافه..فهي صوت رائع وإبداع لا حدود له، تنتقل بين الأوبرا والجاز وغيرها من المحطات الموسيقية، لا تتعب ولا تمل من العمل، لها آراء مميزة، وتجربة فريدة، لذلك نجدها في مدينة أصيلة بصوتها الدافئ وأدائها المعبر وحضورها المتميز وجمالها الهادئ، أسرت القلوب و الآذان وأتحفت الجمهور الذواق .. لتؤكد لهم أن الأصالة الفنية مازلت موجودة حتى الآن.
في الأخير ما يمكن إلا أن أقول أنها فعلا تزداد كل يوم إشراقا وإبداعا، وتمثل المغرب أحسن تمثيل، فجسدت بحق الصورة الراقية للفن الأوبرالي على الصعيد العربي والدولي، إنها فعلا سفيرة الفن الجميل.. وعن جديدها الفني حسب ما صرحت به الفنانة القادري لوسائل الإعلام فإنها تشتغل حاليا على تجربتين جديدتين: تتمثل الأولى في غناء قصائد صوفية قشتالية قديمة بعد أن وضعت لها الموسيقى بنفسها.. فيما ترتكز الثانية على المزج بين الموسيقى والشعر التراثي القديم بألحان عربية مطعمة بنغمات الجاز.