خضن مجال الاتجار بالمخدرات لشراء ثلاجة أو ارضاء لحبيب أو سيرا على خطى والداتهن … فآلاف التايلانديات يقبعن في السجون بسبب الاتجار بالمخدرات في بلد غارق في دوامة الاتجار بالميثامفيتامين.
تمضي ماي البالغة من العمر 27 عاما عقوبتها الثانية في السجن بعدما عثر في حوزتها على حبوب ميثامفيتامين المعروفة في البلاد باسم “يابا” والتي يعني اسمها “الدواء المسبب للجنون” والتي ينتشر استهلاكها في تايلاند في أوساط الفئات جميعها.
وقد حكم عليها بالسجن ثلاث سنوات في سجن ايوثايا على بعد ساعة عن شمال بانكوك بعد العثور في حوزتها على 20 قرصا من الميثامفيتامين.
وشرحت ماي التي يمضي شريكها عقوبة سجن بعد إدانته بالتهمة عينها أن “كمية اليابا كانت تفوق تلك المحددة للاستخدام الشخصي. فأدنت بتهمة الاتجار”.
ومن المرتقب إطلاق سراح هذه المدمنة السابقة التي أنجبت طفلا وهي في السجن في ماي 2016، في ظل غياب الأمل في تخفيف عقوبتها في بلد يعتمد سياسة لمكافحة الاتجار بالمخدرات هي من الأشد صرامة في العالم.
وتعد عقوبة السجن لمدة ثلاث سنوات عقوبة “عادية” في هذا البلد الآسيوي الأكثر تأثرا بالاتجار بالميثامفيتامين بعد الصين. فقد ضبط في تايلاند أكثر من 95 مليون قرص من الميثامفيتامين في العام 2012، بحسب مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة الذي لديه فرع في بانكوك.
ويضم سجن ايوثايا صالونا لتصفيف الشعر وصالة للأطفال علقت الرسوم على جدرانها، لكن ماي لا تخفي قساوة الحياة فيه والمهام التي تنفذها مع 650 سجينة أخرى من دون مقابل مادي.
ويمنع زيارة قاعات النوم واستخدام الكاميرا في مشغل الحياكة حيث تجلس السجينات على الأرض لتزين قمصان بلالئ في مقابل 100 باهت في الشهر الواحد (2,5 يورو). وتخصص الأموال التي يتم جنيها من بيع هذه المنتجات لميزانية إدارة السجون.
وفي مسعى إلى تغيير نظرة التايلانديين إلى السجون في بلدهم، نظمت الكاتبة أوراسوم سودهيساكورن ورشات كتابة. وصرحت الكاتبة التي أعدت عدة أعمال تضم شهادات اشخاص، من بينها كتاب “فيسكوك” (كلمة كوك تعني السجن باللغة التايلاندية) الذي بيعت آلاف النسخ منه، “نريد ان ينظر المجتمع إلى السجينات باعتبارهن بشرا”.
وتخبر سجينة في هذا الكتاب كيف اضطرت إلى بيع اليابا بعد طلاقها لتربية ابنها، في حين تروي أخرى قصة حبيبها الذي كان يهرب المخدرات بواسطتها وتشرح سجينة ثالثة أن الاتجار بالمخدرات ممارسة متوارثة في عائلتها.
تشارك ساوابا (23 عاما) المسجونة بعد العثور في حوزتها على أقراص يابا في صف لتعلم استخدام الحاسوب مع 20 سجينة أخرى. وأكدت الشابة أن هذه الصفوف تساعدها على “التفكير بشكل أفضل واستذكار الماضي وعائلتي وطريقة عيشي”.
وتأمل والدة ساوابا أن تعاود ابنتها دراساتها، لكن هذه الأخيرة لن تخرج من السجن قبل 26 حزيران/يونيو 2018.
وقد أصبحت تايلاند إثر هذه العقوبات الصارمة المفروضة حتى على صغار التجار من البلدان التي تضم أكبر عدد من السجينات في العالم (14 % من العدد الإجمالي للسجناء).
ونصف السجينات يمضين عقوبات في السحن بسبب الاتجار باليابا أو حيازتها. وترتفع هذه النسبة إلى 80 % في سجن أيوتهايا، بحسب إدارة هذا السجن.
وأوراسوم سودهيساكورن هي بين قلة من الاشخاص يطالبون بتحسين الإشراف على السجينات، في حين يطالب بعض آخر بتخفيف العقوبات المفروضة على تهم الاتجار بالمخدرات لا سيما أن سياسة القمع الشديد لم تنجح في الحد من هذه الآفة المنتشرة في البلاد.