عندما اطلق ليونيل ميسي تسديدته الساحرة في الوقت القاتل من مباراة ايران وقادت بلاده الى الدور الثاني لمونديال البرازيل 2014 لكرة القدم وجه رسالة لكل من يعنيه الامر: “أنا هنا!”.
شكك كثيرون بقدرة افضل لاعب في العالم بين 2009 و2012 في الارتقاء الى مستوى الحدث العالمي الكبير على غرار الاسطورتين البرازيلي بيليه بطل العالم ثلاث مرات ومواطنه مارادونا المتوج في 1986، لكن ما قام به “بعوضة” برشلونة في مباراتين، على الاقل من حيث الارقام، كان كافيا للتذكير بان “العبقري” يمهد لما هو اعظم في المباريات المقبلة.
كان مدربه اليخاندرو سابيلا اول المبادرين للاشادة بمن سجل هدفي الفوز امام البوسنة والهرسك وايران في الدور الاول: “لحسن حظنا أن ميسي أرجنتيني، إنه عبقري. فرضت ايران رقابة لصيقة عليه، لكن بفضل المثابرة والصبر بحث دوما على التسجيل. لم يستسلم أبدا ونجح في مسعاه. لقد طاردوه طوال الوقت، وكرته الاخيرة لم يكن احد قادرا على صدها حتى لو وقف حارسان بين الخشبات”.
يخضع ميسي للمراقبة 89 دقيقة ويتعرض لثلاثين خطأ لكنه قادر بلمحة قاتلة على سحب فريقه من عنق الزجاجة واعادته على رأس قائمة المرشحين لاحراز اللقب، وهو ما لم يتمكن نجوم كبار من القيام به في النسخة الحالية.
قال مبتهجا بعد الهدف: “كان صعبا علينا ايجاد ثغرة والجو حار، عندما استلمت الكرة هاجمنا جميعا، فكنت سعيدا بتلك التسديدة. سمعت الناس تصرخ وتضحك فكانت لحظة مبهجة”.
من كان ليجرؤ ويعلن امام الملايين في كاس العالم ان خطة مدربه 5-3-2 لا تناسبه، فيعود المنتخب الذي بني على قياسه ليطبق لعبا هجوميا مفتوحا بطريقة 4-3-3، ويكون الشاب القصير مرتاحا وراء صديقه سيرخيو اغويرو وغونزالو هيغواين الذي رحب صانع الالعاب بالانضمام اليه في برشلونة؟.
حتى تبرير سابيلا لانتفاضة ميسي خارج غرف الملابس لم يكن مقنعا: “سبق لميسي ان صرح اكثر من مرة بانه يحب اعتماد اسلوب 4-3-3. لم يقل اي شيء جديد، وعلى اي حال فقد ابدى رأيه باحترام وهذا الامر لا يزعجني. نعيش في جو من الالفة والجميح يحترم الجميع، هناك روح عالية ضمن صفوف الفريق”.
العودة الى سجل ميسي التهديفي في برشلونة، وما اغزره، لا تدهش من رآه يسجل هدفين في البوسنة وايران، لكن ابن روزاريو يبحث منذ عام 2006 عندما كان احتياطيا في تشكيلة “البي سيليستي” الى سحب تألقه مع الفريق الكاتالوني الى الساحة العالمية، فسجل في مباراتين حتى الان أي اكثر من مشاركتيه السابقتين في 2006 و2010.
القاب، اشادات وجوائز فردية لا تعد ولا تحصى، هطلت على ابن السادسة والعشرين في السنوات الماضية اثر تألقه مع برشلونة، وبرغم مشاركته في تشكيلة الارجنتين الذهبية في اولمبياد بكين 2008، الا ان النجاح في كوبا اميركا وكاس العالم لم يحالفه الحظ.
لا يمكن لاي عاقل ان يشكك في نوعية، قدرة وبراعة ميسي، بعد تحليقه ببرشلونة الى القاب الدوري المحلي، دوري ابطال اوروبا، لكن نجمة المونديال تبقى الاغلى من بين نواقص خزانة ميسي المدججة.
شارك مرتين في المونديال حتى الان برغم صغر سنه، في الاولى لم يحصل على فرصة حقيقية اذ كان بديلا في 2006 وسجل مرة في شباك صربيا ومونتينيغرو، وفي الثانية خرج مع زملائه بطريقة صادمة امام المانيا تحت اشراف مارادونا من دون ان يسجل اي هدف.
تحتاج الارجنتين الى تعادل مع نيجيريا لتضمن حسابيا صدارة المجموعة السادسة وتفادي مواجهة فرنسا في في الدور الثاني، ومن افضل من ميسي ليستمتع بمباراة من دون ضغوط ويطارد الشباك مرة ثالثة متتالية ويقول مجددا “أنا هنا!”.