وتقع هذه الحاوية التي تربى فيها الأسماك في باحة معبدة لحانة سابقة في العاصمة الألمانية، وقد وضعت على سقفها دفيئة تزرع فيها الطماطم والفليفلة.
وهي تقوم على مبدأ بسيط يقضي بتحويل البكتيريا الأمونيوم في روث الأسماك إلى نيترات يستخدم كسماد لمزروعات الدفيئة.
وكانت حضارة الأزتك تستخدم هذه المنهجية التي لا تنبت المزروعات في إطارها في التربة بل في أرضية مختلفة، مثل الرمل والصخور، يتم ريها بانتظام.
وتسمح هذه التقنية للزراعة بالتخلي عن شرط الأرض الخصبة والانتقال بالتالي من الريف إلى المدن. وهذه الميزة جد مهمة في ظل النمو الحضري المتزايد على الصعيد العالمي.
أسس نيكولاس ليشكيه شركة “إي سي اف” (“إفيشنت سيتي فارمينغ” أي الزراعة الفعالة في المدن) سنة 2012 مع شريك له. وقد نالت الشركة جائزة في كاليفورنيا العام الماضي تقديرا لحسها الابتكاري.
وشرح مؤسسها “يقضي هدفنا بتوفير المواد الغذائية المزروعة بصورة مستدامة لسكان المدن”.
ولا تسمح هذه التقنية بتخفيض استهلاك المياه وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون الصادرة عن الأسماك والتي تمتصها النبتات تخفيضا ملحوظا فحسب، بل إنها تساعد أيضا على تخفيض التكاليف المالية والبيئية لنقل الأغذية والحفاظ عليها.
وهذه المزرعة الحاوية هي نموذج قيد الاختبار على نطاق ضيق. وقد باعت الشركة ثلاثة نماذج من هذه المزرعة المصغرة لأفراد. وليس الهدف من نشاطاتها أن تصبح الزراعة هواية رائجة في أوساط سكان المدن، على حد قول نيكولاس ليشكيه.
فالشركة تسعى إلى بيع مزارعها على نطاق واسع لمجموعات عقارية وشركات زراعية كبيرة. وأكد مؤسسها “نتلقى طلبات من أنحاء العالم أجمع”.
ومن المرتقب أن يبصر أول مشروع واسع النطاق النور العام المقبل. فقد اشترت الشركة قطعة أرض في جنوب برلين وهي ستشيد مزرعة من هذا القبيل تمتد على 1800 متر مربع. وقد حظيت الشركة في مشروعها هذا بدعم مصرف الاستثمار في مدينة برلين (آي بي بي).
وسيفتح إلى جانب المزرعة متجر تباع فيه الخضار والفواكه المزروعة فيها. وسيتسنى لسكان برلين تلقي الطلبات في منزلهم بموجب نظام اشتراكات. وستباع الأسماك أيضا بحسب الطلب، للمطاعم مثلا أو حتى الأفراد.
ويأمل نيكولاس ليشكيه أن تحقق هذا المزرعة رقم أعمال سنوي بقيمة 55 ألف يورو تقريبا.
وحتى لو كانت مزروعات “إي اف سي” عضوية بالكامل، لا تحمل منتجات الشركة علامة المزروعات العضوية إذ أنها لم تنبت في التراب.
لكن ذلك لا يشكل أي مشكلة بالنسبة إلى الشركة بل إنه قد يعود عيلها بالنفع إذ أن الموقع الجغرافي لنشاطات المؤسسة بات أهم في نظر المستهلكين من الطابع العضوي لمنتجاتها، بحسب ما كشفت دراسة أجرتها العام الماضي مجموعة “إيتيكيرني” الاستشارية في ألمانيا وسويسرا والنمسا.