أشار بنكيران، في كلمة تلاها نيابة عنه وزير الدولة عبد الله باها، بأن الأمن القانوني بصفة عامة، والأمن التعاقدي بصفة خاصة، أصبح إحدى المعايير الأساسية المعتمدة في تقييم أداء اقتصاديات الدولة وحسن حكامتها ودرجة تنافسيتها ومدى جاذبيتها، كما يتجلى ذلك من خلال العديد من المؤشرات المعتمدة دوليا في هذا الشأن.
تنوع وتطور حاجيات المتعاملين على مستوى توثيق العقود
وأضاف ابن كيران، خلال انطلاق أشغال اليوم الدولي حول “الأمن التعاقدي وتحديات التنمية”، الذي تنظمه محكمة النقض بالرباط، والهيئة الوطنية للموثقين على مدى يومين، إلى تنوع وتطور حاجيات المتعاملين على مستوى توثيق العقود، وخاصة بفعل التطور الهائل لتكنولوجيات الإعلام والتواصل من جهة، وانفتاح الدول على بعضها في إطار العولمة الاقتصادية والقانونية والثقافية من جهة ثانية، حيث ظهرت الحاجة إلى إطار يضمن المرونة والسرعة والسلاسة في توثيق العقود مع الحرص على أمن المعاملات في الوقت نفسه، من خلال إرساء ضوابط قانونية وآليات ومؤسسات تعطي للعقد هيبته وتضمن لآثاره القوة على النفاذ، وخصوصا في ظل واقع أصبح يتسم بانتشار العقود التي تبرمها شرائح عريضة من المستهلكين وتَعَقُّدُ شروط وتقنيات التعاقد وتطور العقود ذات الطابع الدولي واتساع ظاهرة العقود النموذجية وتنامي ظاهرة التعاقد الإلكتروني.
المغرب انخرط في اصلاحات هادفة لارساء ظروف توفير الامن القانوني
وأبرز أن المغرب، وعيا منه بأهمية هذا المعطى، انخرط في مسلسل طويل، ومتعدد المشارب، من الإصلاحات الهادفة إلى إرساء الظروف المواتية لتوفير الأمن القانوني عامة، والتعاقدي خاصة، وذلك من خلال مراجعة الترسانة القانونية، وإصلاح القضاء، وتأهيل مختلف المهن ذات الصلة، حيث تمت مباشرة مجموعة من الإصلاحات، من أهمها تطوير الإطار القانوني للالتزامات والعقود بالتكريس التشريعي للتوقيع الإلكتروني، وتنظيم التعاقد عن بعد، وإرساء الأجهزة التي تسهر على حسن إعماله، وتنظيم حجيته القانونية والإثباتية، وسن ضوابط جديدة لحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة معطياتهم ذات الطابع الشخصي، وإرساء منظومة متكاملة لحماية حقوق المستهلك بصفته طرفا ضعيفا في العديد من العلاقات التعاقدية، وبالتالي إعادة التوازن لهاته العلاقة على أسس قانونية جديدة تضمن له الاستفادة بالقدر الكافي من الأمن التعاقدي، وإطلاق ورش إصلاح منظومة العدالة، وتطوير الأداء المهني للموثقين بمختلف أصنافهم، وإعادة النظر في مدونة الحقوق العينية ومسطرة التحفيظ العقاري.
الاجراءات تستدعي عملا متواصلا
وأشار إلى أن هذه الإجراءات والتدابير تستدعي عملا متواصلا من قبل الهيئات المهنية والمؤسسات ذات الصلة، كل من موقعه، لتقوية قدراتها وتأهيل الممارسين وتوعية المتعاملين، وذلك لتحقيق الأمن التعاقدي على أرض الواقع، وهو ما ينبغي التعبئة المتواصلة لإنجازه.
ويناقش هذا اللقاء، على مدى يومين، الأمن التعاقدي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والأدوار الجديدة للموثق، والأمن التعاقدي والضمانات المهنية، ونظرات متقاطعة حول الأمن التعاقدي.