بيان مشترك: المغرب و’سانت لوسيا’ عازمان على تعميق تعاونهما الثنائي
نشرت الجريدة الالكترونية “الجزائر تايمز” مقالا حول الأمير المنبوذ، عنونته بـ” الأمير هشام جُزءٌ من “المخزن” المغربي حسب المفهوم الملتبس للمصطلح”.
في ما يلي المقال كما جاء في الجريدة المذكورة:
هشام بن عبد الله بن محمد الخامس المسمى بالأمير الأحمر خانه ذكاؤه واختار أن يكون ابن عرفة الثاني في تاريخ الدولة العلوية المغربية، فالأمير محمد بن عرفة بن محمد بن عبد الرحمان العلوي، هو الذي جاء به الاستعمار الفرنسي بعد نفي محمد الخامس في 20 غشت 1953 ووضعوه على عرش المملكة المغربية قسرا وضد إرادة الشعب المغربي فكرهه الشعب المغربي إلى الأبد …
واليوم في 2014 يخرج علينا الأمير هشام المغربي مرة أخرى ليبيع الوهم للمغاربة ويتملقهم قبل أعدائهم ، خرج ليبيع كتابا صور فيه المملكة المغربية صورة افتراضية عتيقة يردد فيها ما يحب أن يسمعه أعداؤها عنها ، دون أن تهز صورته الافتراضية تلك ولو شعرةً من رأس الذين دفعوا دماءهم وحياتهم منذ عشرات السنين لبناء المغرب الحديث وتطوير دواليب الدولة العصرية عبر عشرات السنين ، ورسخوا ذلك التطور الفعلي والحتمي للمملكة من داخلها وليس الترويج – من خارج المملكة – لصورة افتراضية عتيقة نَبَعَتْ عناصِرُهَا من صلب ذاتية الأمير وانفعالاته ووجدانياته التي رسبت في أعماقه يعلم الله أسبابَها ودوافعَهَا وخباياها مما ذكره في كتابه المنبوذ ، أما العناصر التي لم يجد الشجاعة ليذكرها فقد تَعْصِفُ بشخصه إن فَعَل ، وقد تُمَرِّغُ سمعته في الوحل …
أولا: الأمير هشام يلعب على المفهوم الملتبس لمصطلح “المخزن” في المغرب:
لقد بنى الأمير هشام بن عبد الله كتابه ” الأمير المنبوذ ” على مصطلح “المخزن ” .. ولا يمكن لأحد في الألفية الثالثة أن يجزم بأنه مُلِمٌّ بالمعنى الدقيق لمصطلح ” المخزن ” المتداول في القاموس السياسوي – وليس السياسي – في المغرب لأنه مصطلح غامض وفضفاض ومائع … فمن تعاريف المخزن مثلا :
1. يقال إن كلمة ” المخزن ” في معناها البسيط تعني المستودع الذي تُخزن فيه الحبوب التي كان الحاكم يجمعها من ضمن جِباياته ، وقد كان الحاكم أحيانا يفتح تلك المخازن للفقراء أيام القحط والجفاف لدرء أخطار أي تمرد
2. وقيل أيضا إن معنى ” المخزن ” يتأرجح كمصطلح في القاموس السياسوي في المغرب بين مفهومين متقابلين قديمين يضربان في عمق الدولة المغربية قيل ربما منذ عصر الموحدين : الأول أطلقه المُسْتَظِلُّون تحت ظِلِّ السلطة القوية التي تضمن الأمن والأمان للناس وتحمي أموالهم وأعراضهم ومصالحهم ضد الخارجين عن طاعة هذه السلطة ، ويقابله مفهوم مضاد أطلقه الخارجون عن هذه السلطة وينعتون به الحاكم الذي يبطش بهم والأيادي القوية التي تطاردهم وتقمعهم أينما حلوا وارتحلوا ، وعليه فمن كان تحت ظل السلطة الحاكمة فهم مستظل بـــظــل “المخزن ” المحبوب ، ومن كان لا يعترف بهذه السلطة الحاكمة وقاومها فهو مطارد من طرف ” المخزن ” الكريه …وقد يحدث أن ينتصر الخارجون عن السلطة ويصبحون هم ” مخزنا ” جديدا مثلا حينما خرج المرينيون عن سلطة الموحدين فقد كانوا ضد ” المخزن ” الموحدي ثم أصبحوا ” مخزنا ” مرينيا ، وكذلك الأمر مع ” مخزن” السعديين الذين خرجوا على المرينيين وهكذا إلى الدولة العلوية الحاكمة اليوم في المملكة المغربية ، إذن من هنا اكتسب مصطلح “المخزن ” التباسه وميوعته .
3. وقد تردد أيضا في كثير من الكتب أن مصطلح ” المخزن ” كان يعنى البلاد التي يحكمها حاكم ويحمي ساكنيها مقابل بلاد أخرى لا سلطة فيها وتسمى بلاد ( السيبة ) أي البلاد السائبة التي تَعُمُّها الفوضى …
4. والأغلبية من الباحثين يؤيدون الرأي الذي يقول بأن هذا المصطلح حديثٌ جاء مع الاستعمار الفرنسي للمغرب بعد توقيع معاهدة الحماية عام 1912 حيث شرعت السلطة الفرنسية المستعمِرة في انتقاد دواليب النظام الإداري الذي وجدوه في المغرب وسموه ” المخزن ” تمييزا له عن نظامهم البديل الجديد الذي شرعوا في تطبيقه في المملكة الشريفة ، وقد ركزوا في انتقاداتهم على تقليدانية منهج تسيير وتدبير شؤون المملكة وشرعوا في تجديد هياكل الدولة المغربية وتطويرها منذ 1912 وهو ما سارت عليه المغرب لبناء الدولة الحديثة وتوحيدها بعد الاستقلال …
5. كل الباحثين في مصطلح ” المخزن ” الملتبس – وخاصة الفرنسيين – وذلك قبل دخول المستعمر الفرنسي للمغرب ، كلهم يضعون الأمراء وحاشية السلطان وقواد الجيش والأعيان والتجار والأغنياء والفلاحين الإقطاعيين وزعماء القبائل والزوايا ( وهي طوائف دينية أوصوفية ) والشرفاء وفقهاء السلطان وغيرهم من المقربين للسلطان يضعونهم على رأس أعمدة ” المخزن” الحاكم في الدولة …
ثانيا: الأمير هشام المغربي جزء من “المخزن”:
بما أن كل المؤلفات المتداولة التي تبحث في هذا المصطلح الملتبس تضع الأمراء في قمة هرم ” المخزن ” ، وإذا سلمنا جدلا بأن بنية النظام المغربي الحالي ( ونحن في عام 2014 ) قد تجمدت ولا تزال كما كانت قبيل الاستعمار الفرنسي فإن هشام بن عبد الله بن محمد الخامس العلوي أمير من الأمراء العلويين في المملكة المغربية فهو جزء لا يتجزأ من المخزن ، والأمير هشام لم يتنازل قط عن صفة الأمير هذه أبدا بل كان ولا يزال يستثمرها في كل أنشطته السياسية والاقصادية والتجارية والإعلامية ( وضع صفة الأمير بالبنط العريض في كتابه ” الأمير المنبوذ ” ) … فهو جزء من المخزن المغربي حتى وإن اعتقد أنه لا علاقة له ب ” المخزن ” وأخرج نفسه منه بحجة أنه لا يتحمل أية مسؤولية في السلطة المغربية لكنه نسي – المسكين – أن صفة الأمير ملتصقة بجلده وتجري في عروقه مجرى الدم وتلازمه أينما حل وارتحل ولن يستطيع التخلص منها ما دام متشبثا بها ولم يتنازل عنها علانية ، فطالما أنه أمير مغربي فهو جزء من ” المخزن ” المغربي ولن يستطيع التملص من ذلك أبدا ، فهو هي ، وهي هو.. فتارة هو أمير أحمر وتارة هو أمير ثوري ومرة أخرى أمير منبوذ ( حسب اعترافه بنفسه ) المهم أنه هو أمير من أمراء المغرب لا يمكن أن ينكر ذلك أبدا ، فهو أمير وهو جزء من المخزن ، فعلى من يضحك ؟
وحتى لو رفض ذلك من باب كونه أميرا ينتمي للبلاط الملكي فإن صفة المخزن ستلبسه من جهات عدة : أولا كونه من أكبر أعيان المغرب لأنه يُعَامَلُ معاملة خاصة ، وكونه ثانيا من الإقطاعيين الفلاحيين في المغرب له ضيعات وحقول وأراض فلاحية لا تحدها العين ، وكونه ثالثا من أكبر المستثمرين في المغرب في عدة شركات حيث كلما ذكرت شركة إلا وكان له فيها نصيب ، وكونه من أكبر الملاك العقاريين في المغرب… وكونه وكونه وكونه الخ الخ … إذن فهو ليس مواطنا مغربيا عاديا ….إنه جمع صفة المخزني من كل جوانبها من حيث المركز الاجتماعي المميز كأمير ، ومن حيث الثروات المكدسة ، ومن حيث امتلاك مئات الآلاف من الهكتارات الفلاحية في المغرب … حتى دور النشر والصحافة أراد أن يتربع على عرشها … لكن !!
ثالثا: مصطلح ” المخزن ” يوحد الأمير هشام وحكام الجزائر في العداوة للمغرب:
بخصوص استعمال كلمة ” المخزن ” لا فرق بين هذا الأمير وبين حكام الجزائر في عدائهم للمغرب والمغاربة ، فحكام الجزائر وحدهم هم الذين لا يزالون يعتبرون مصطلح ” المخزن ” سبة في حق النظام المغربي ، فهم مثلا يدافعون عن حقوق الإنسان في الصحراء المغربية بقولهم ” إن المخزن يعذب الصحراويين ” فحكام الجزائر كالذباب الذي يقف على تلة من الأزبال و يخطبون في الناس خطبة عصماء عن النظافة ويعطون النصائح في ذلك للمغرب وهم معدن القاذورات وصانعوا الميكروبات والجراتثيم ، كذلك الأمير الأحمر هذا فهو يتحدث عن حيوانية المخزن المغربي وهو جزء منه لا يمكن أن يتخلص من مخزنيته بل هو يجمع صفات ” المخزن ” من كل النواحي : من حيث الحظوة الاجتماعية بصفته من سلالة الدولة العلوية ومن حيث الحظوة الاقتصادية والتجارية والإعلامية ، ولنا فيما فعله بعمال ضيعة تارودانت حينما قطع عنهم أجورهم شهورا وطردهم شر طردة ، لنا في ذلك الفعل الشنيع خير مثال..
رابعا : الأمير هشام يمسح أكثر من قرن من تاريخ تطور المغرب الحديث:
والآن ما مصداقية إسقاط صفة ” المخزن ” على النظام الحالي في المغرب حتى يكون لآراء هذا الأمير المنبوذ تأثير في الساحة السياسية المغربية ؟
فهل يُعْقَل أن نحكم على نظام ما من خلال الشكليات والبروتوكولات التي يعتمدها كرموز للدولة ؟ وهل يوجد في الدنيا أعقد من بروتوكولات ملكة ابريطانيا ؟ وهل انجلترا دولة متخلفة ؟ واليابان وهولاندا وغيرها من الدول الملكية التي تحافظ على كثير من الشكليات والبروتوكولات في مظاهرها فهل هي دول متخلفة ؟
إن تحنيط مغرب اليوم في نظام اسمه ” المخزن ” هو احتقار لذكاء الشعب المغربي قبل أن يكون احتقاراً لذكاء النظام الحاكم نفسه…
لقد ركب الأمير هشام في كتابه ” الأمير المنبوذ ” على المفهوم الملتبس لمصطلح ” المخزن ” ليضحك على ذقون الجاهلين بحقائق الأمور ويقول لهم ما يُحِبُّونَ أن يسمعوه ويتلذذون به ، وليرمي في سوق المهاترات السياسة السياسوية كلاما حتى يرقص له أعداء المملكة المغربية فرحا ويقولون ” وشهد شاهد من أهلها ” وقد كان الأمير – في مذكراته – يمشي على رؤوس الحراب وهو لا ينظر إلى موطئ قدميه ، لأنه استهوته الشعارات التي يطلقها خصوم المملكة المغربية دون أن يعرفوا – وهو معهم – معانيها الحقيقية فتبناها الأمير دون تمحيص وبلا وعي منه ( قيل والله أعلم إنه ليس هو من كتب ذلك الكتاب بل دفع مالا لمن كتبه له ) …..
فمصطلح ” المخزن ” له سياقه التاريخي ، ومن المؤكد أنه جاء مع المستعمر الفرنسي عام 1912 ليفرق بين نظام دواليب الدولة المغربية القديمة قبل الحماية وما شرعت في تنفيذه السلطة الفرنسية في إطار تحديث دواليب مغرب ما بعد الحماية ليتماشى مع العصر … فهل يقبل عقل سليم أن يقتنع بأن عجلة التطور قد توقفت في المغرب عند مرحلة ما قبل عهد الحماية أي عند عصر المخزن ؟
هل يقبل عاقل (حسب مفهوم المخزن الملتبس) أنه لا يزال في المملكة المغربية إلى اليوم 2014 ما يسمى بالصدر الأعظم ( وهو رئيس الحكومة ) ، ووزير البحر ( وهو وزير الخارجية ) وأميــن الأمــناء ( وهو وزير المالية ) والعلَّاف الكبير ( وهو المكلف برواتب الجيش وتموينهم ) ووزير الشكايات ( وهو الذي يتلقى شكايات المظلومين من الناس ) ؟؟؟؟؟؟؟؟….فهل يعقل أن نمسح أكثر من قرن من الزمان من عمر النظام الحاكم في المغرب حتى نعتبر أن المغرب لا يزال يعيش في نظام المخزن العتيق ، إنه الكذب والبهتان والضحك على الناس وخاصة الذين يعشقون سماع القدف والسباب المجاني ( مثل سامر رياض صاحب قناة نوميديا نيوز الجزائرية والفم الأبخر المسمى بوقطاية ) الذين لا هَمَّ لهم سوى شتم وسب النظام المغربي ونعته بأقذع النعوت ، إن الشتم المجاني من أجل التفريغ النفسي قد يسمن المقدوف ويُلَمِّعُ صورته أكثر مما ينال منه ، أما النقد الموضوعي الذي نتوخى منه تعرية الأنظمة الفاسدة فله شروطه التي تكسبه المصداقية وما أكثر نواحي الخلل في النظام المغربي التي يمكن أن يعريها محلل سياسي وناقد نزيه نذكر منها انتشار الفساد والرشوة والبطالة وسوء توزيع الثروات واتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء وهي كلها نواقص تعاني منها عشرات الدول وليس المغرب وحده … لكن أن ينكفئ الأميرعلى نفسه ويعصر ذاكرته ليستخرج منها قطراناً من بعض سويعات الشقاء التي عاشها داخل القصور والبلاطات متملقا و مستجديا عطف الشعب المغربي فذلك يدخل في باب تأكيد الذم بما يشبه المدح … إن الأمير هشام يذم الشعب المغربي باعتباره شعبا وقف عند نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين … فليرحم هذا الأمير نفسه وليتذكر مصير ابن عرفة الذي اغتصب الاستعمار عرش المغرب باسمه وليعرف أن الشعب المغربي لن يغفر أبدا لمن يحتقر ذكاءه فسيكرهه إلى الأبد ….