فيديو: المفوض الأممي لحقوق الإنسان: المغرب نموذج يحتدى به في مكافحة التطرف
واكبنا مساء الأربعاء 29 يناير 2013 لساعات طوال ملف الملقب ” ولد الهيبول” المعروض أمام محكمة الاستئناف بحي الرياض بالرباط في كراسي مهترئة ووسط مُواءِ مزعج للقطط من حين لآخر، وضجيج بعض الاصلاحات، حيث أمر رئيس الجلسة بإيقاف الأشغال لكي تتمكن الهيئة القضائية من الاستماع لاستنطاق المتابعين.
كما أننا بحثنا عن مرحاض فلم نجد إلا واحدا أقمنا حوله الصَّف لكي نتمكن من قضاء حاجاتنا الطبيعية.
وقد سبق أن تطرقنا لوضعية الكراسي المهترئة الموجودة بأغلب قاعات هذه المحكمة وظروف اشتغال رجال الأمن، ولاشك أن فضاء اشتغال القضاة هو الآخر غير مريح من حيث توفير مكاتب في المستوى وقاعات للمداولة ووسائل التدفئة وغيرها مما هو معلوم لدى مسؤولي وزارة العدل والحريات.
إن محكمة الاستئناف بالرباط ليست استثناء وهناك العديد من المحاكم ومراكز القاضي المقيم توجد في وضعية أقل ما يقال عنها إنها لا تُشرف القاضيات والقضاة في وقت تتحدث فيه الوزارة عن محاكم رقمية مرتقبة عام 2020، وورش لإصلاح “القضاء الشامل والعميق لمنظومة العدالة”، والذي سمعت به منذ التحاقي بالصحافة عام 1990، بما في ذلك تقرير مُفصل حول وضعية بنايات المحاكم في عهد الدكتور عمر عزيمان وإحداث سمي ب “صندوق خاص بتوسيع المحاكم وتجديدها”.
كما أن الوزير الحالي المصطفى الرميد أنجزه والآخر تشخيصا لوضعية المحاكم بمناسبة مناقشة ورش إصلاح منظومة العدالة الأخير.
في هذا السياق ندعو وزير العدل والحريات أولا إلى مراجعة وضعية هذا “صندوق تحديث المحاكم وتجديدها” المحدث في التسعينيات، والذي تعددت مهامه، لكي يصبح خاصا ببنايات المحاكم وتجهيزها، والتي يفترض أن تُشيَّد على شكل مجمعات تكون بمثابة قصور للعدالة، وثانيا إعادة النظر في تجهيز هذه المحاكم، بما في ذلك تفقد مقتنيات التجهيزات المعلوماتية التي توصلت بها الوزارة أيضا بدعم من مؤسسات أجنبية، حيث كُنَّا قد لاحظنا وجود حواسيب بجلسات لا تستعمل “ديكور”.
ملحوظة:
نتمنى أن تكون مثل محاكمة “ولد الهيبول” مناسبة لوزارات العدل والداخلية والدفاع، ومن خلالهم الإدارة العامة للأمن الوطني والدرك الملكي لإعادة النظر في وسائل العمل المادية والبشرية والتقنية، بما في ذلك وضعية سيارات المصلحة والبنزين المخصص لكل سيارة، وعدد رجال الأمن لكل ساكنة وغير ذلك مما هو معلوم بالضرورة بالنظر لطبيعة هذه المهنة.
إن الأحكام القضائية كما أقول دائما مرآة لما يروج في المجتمع، وبالتالي يتعين من جهة أولى أن نعيد قراءة الملفات لاستخلاص ما هو آني، ومن جهة ثانية ربط الإصلاح الإداري، إذا كان هناك إصلاح، بإحالة القضايا على المحاكم لسد ثقب كبيرة ظلت مُغيبة عن المعالجة، مما أدى مثلا إلى تفشي الاختلاسات ونهب المال العام من الملايين إلى الملايير دون حتى الحرص على استرجاع المحكوم منه قضائيا بموجب أحكام تكتسي قوة الشيء المقضي به، من قبيل ما صدر عن محكمة العدل الخاصة بالرباط المحدثة بتاريخ 20 مارس 1965 والملغاة سنة 4004، ومن جهة ثالثة إن الأحكام القضائية تشكل مادة “طازجة” للمؤرخين والمهتمين لما تتضمنه من رصيد في المعلومات وتوثيق للمعاش في إبانه، لكن قبل ذلك يجب العناية بأرشيف محاكم المملكة، وهو جانب نرجو أن تهتم به وزارة العدل والحريات، التي ما زالت وصية على القطاع لحدود يومه، علما أن موضوع الأرشيف هذا مُغيبا حتى من النقاش.