بلاغ للديوان الملكي حول ترؤس الملك محمد السادس لجلسة عمل خُصصت لموضوع مُراجعة مدونة الأسرة
ارتبط اسم حي درب السلطان بالعاصمة الاقتصادية الدار البيضاء بأسماء “جهادية” كثيرة، منها من قاتل في أفغانستان والعراق ثم الشيشان، ومنها من قرر فجأة “الهجرة” لسوريا والقتال في شوارعها ودروبها، كحال “إبراهيم الدروي” الملقب بأبو عمران نسبة لابنه الذي خرج للحياة قبل شهور معدودة، ليدخل اسمه الذي اختاره له “الأخ إبراهيم” إلى قائمة “الجهاديين” المغاربة. لم يكن “أبو عمران” الذي عاش تجربة السجن عقب أحداث 16 ماي 2003، يتحدث مع الأهل والعشيرة والأصدقاء عن “الجهاد” في سوريا، أو حتى مناقشة الفكرة، بل كان شابا في عقده الثلاثين، مقبلا على الحياة، بشوش الوجه، خفيف الظل، لا تفارق الابتسامة محياه، يحب طفلتيه ريحانة وعائشة، كحبه لزوجته ذات العقدين…. لم يعتقد يوما أصدقاؤه وأبناء الحي الذين قابلهم موقع “أكورا”، أن “الأخ إبراهيم” سيفكر في القتال في سوريا، بل إقباله على الحياة، خاصة بعد اقتناء سيارة كورية الصنع، رسم صورة الإنسان المنفتح، التي قطعت مع الصورة التي رسمت عنه بعد اعتقاله على خلفية أحداث 16 ماي.
من العبايات إلى ساحة المعارك
ارتبط “أبو عمران”، كثيرا بحي البلدية بدرب السلطان، حيث كان يدير محلا لبيع العطور والملابس القادمة من الخليج (العبايات والأقمصة…)، حيث كان يقضي أغلب وقته في المحل. لم يستطع “الأخ إبراهيم” إقناع زوجته بـ”الجهاد” في سوريا، وكذلك المقربين منه، لكن إصراره على الفكرة، قوبل بتعنت من الأصدقاء والزوجة، رغم النقاشات الثنائية الطويلة لدفعه لاستبعاد فكرة الذهاب لسوريا. لم يستشر “أبو عمران” زوجته في القرار، بل أخطرها به، ووضعها أمام الأمر الواقع، وذلك بعدما باع سيارته التي اشتراها حديثا، لتغطية تكاليف السفر، وشراء بزة عسكرية من المغرب يصطحبها معه استعدادا لمعارك لا يعلم عنها شيئا سوى ما ينقله “اليوتوب” أو ما تجود به بعض الفضائيات.
وصدقت الرؤيا
قبل سفره إلى تركيا بأيام، قام “أبو عمران” بإلقاء تحية الوداع على عائلته الصغيرة، وبعض المقربين، واعدا إياهم بأنه سيعود إلى أرض الوطن بعد نصرة “إخوانه” في سوريا.. لكن الموت لم يسمح له بالحفاظ على وعده. حان وقت السفر، تهيأ ماديا ومعنويا، اتجه صوب تركيا، حيث استقبله بعض “الإخوة” الذي سهلوا له عملية دخول الأراضي السورية قرب الحدود مع تركيا، وهناك آمن “أبو عمران” بمقولة “من رأى ليس كمن سمع”، وأن لا صوت يعلو فوق صوت السلاح، والموت يتجول في شوارع حلب وأزقة ريفها. دخل “الأخ إبراهيم” في معارك رفقة كتائب إسلامية تقاتل في سوريا، أصيب في إحداها، وقبل يوم من مقتله اتصل بزوجته، ليطمئنها على وضعه الصحي وكذلك المعنوي، لكن عملية مباغتة لبعض عناصر الجيش السوري في بناية لمستشفى الكندي بحلب، قتل على إثرها “أبو عمران” لينشر اسمه بعد ذلك في لائحة المقتولين في “حركة شام الإسلام”. ويحكي أحد “أصدقائه” المقربين أن آخر كلام قاله “أبو عمران”، إنه رأى في منامه شيخا سوريا كان قائدا لكتيبة في حركة “شام الإسلام” يناديه بأنه ينتظر على عجل، للالتحاق به إلى الرفيق الأعلى، وهو ما جعل “الأخ إبراهيم” يتمنى الموت مؤمنا بذلك بما رآه في منامه.