في ما يلي نص البيان المشترك بين الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المغربية، الذي صدر في أعقاب لقاء القمة بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما والملك محمد السادس، اليوم الجمعة 22 نونبر 2013 في البيت الأبيض.
“خلال لقائها اليوم بالبيت الأبيض، أكد الرئيس باراك أوباما وصاحب الجلالة الملك محمد السادس، من جديد، على الشراكة المتينة والمربحة للطرفين، والتحالف الاستراتيجي الذي يربط الولايات المتحدة الأمريكية بالمملكة المغربية. وأكد قائدا البلدين أن هذه الزيارة الهامة تشكل مناسبة لرسم خارطة طريق جديدة وطموحة للشراكة الاستراتيجية، والتزما بالمضي قدما في تطوير أولوياتنا المشتركة من أجل مغرب عربي وإفريقيا وشرق أوسط، يسودها الآمن و الاستقرار و الازدهار. كما شدد القائدان على القيم المشتركة، والثقة المتبادلة، والمصالح المشتركة والصداقة العريقة، كما تعكسها مختلف مجالات الشراكة.
دعم الإصلاحات الديمقراطية والاقتصادية:
أشاد الرئيس بعمل وريادة جلالة الملك في تعزيز الديمقراطية، والدفع بالتقدم الاقتصادي والتنمية البشرية خلال العقد الأخير. وجدد كل من الرئيس وجلالة الملك التزامهما بالعمل سويا من أجل تحقيق الأهداف الواعدة لدستور المغرب لسنة 2011 ، و استكشاف السبل الكفيلة بتمكين الولايات المتحدة من المساعدة على دعم المؤسسات الديمقراطية بالمغرب، والمجتمع المدني والحكامة التشاركية. وأشاد الرئيس بالتزام جلالة الملك بوضع حد لمحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية. وجدد القائدان تأكيدهما على تشبتهما بمنظومة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ودورها الهام في حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية و النهوض بهما، والتزما بتعميق الحوار المغربي- الأمريكي الجاري حول حقوق الإنسان، الذي شكل آلية منتجة ومفيدة من أجل تبادل وجهات النظر والمعلومات.
وبعدما سجلا انشغالهما المشترك في ما يخص المهاجرين واللاجئين والقضايا المرتبطة بالإتجار في البشر عبر العالم، عبر الرئيس عن دعمه لمبادرة المغرب القاضية بإصلاح المنظومة المرتبطة باللجوء والهجرة، بناء على توصية من المجلس الوطني لحقوق الإنسان. وتلقى الرئيس بشكل إيجابي اهتمام المغرب باتخاذ تدابير ملموسة تخوله الالتحاق ب ( أوبن كوفرنمانت برتنر شيب) – شراكة الحكومة المنفتحة – و تنفيذ رؤية ( إكول فيوتشرز برتنرشبس) التي تتوخى ضمان المشاركة الكاملة و التامة للنساء في الحياة العامة و استفادتهن من نمو اقتصادي و تشاركي.
التعاون الاقتصادي و الأمني:
و أكدا القائدان أن الولايات المتحدة و المغرب عازمان على العمل معا من أجل النهوض بتنمية بشرية و اقتصادية للمملكة. و سجلا نجاح ( الميثاق الأول لحساب تحدي الألفية) في شتنبر 2013 ، ووقعه الإيجابي على إحداث مناصب الشغل و النمو الاقتصادي و التنمية البشرية على صعيد البلد ككل. و أبرز الرئيس الاستراتيجية التنموية الجديدة للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية للفترة 2013 – 2017 ، و التي تم وضعها من أجل مساعدة الحكومة المغربية على بلوغ أهدافها في الإصلاح و الاستجابة لحاجيات المواطنين المغاربة. و ترتكز هذه الاستراتيجية على: تحسين ولوج الشباب إلى الشغل و المشاركة المواطنة في الحكامة و استكمال الأطفال لتعليمهم الابتدائي.
وسجلا توقيع البلدين على اتفاق للمساعدة المتبادلة في المجال الجمركي يوم 21 نونبر 2013 ، بغرض توسيع التعاون الثنائي في مجال كشف تبييض الأموال، والغش التجاري، وجرائم مالية أخرى. من جهة أخرى، وقعت الولايات المتحدة والمغرب يوم 22 نونبر 2013، اتفاقا لتسهيل المبادلات يعزز اتفاقية التبادل الحر التي تجمع بين الولايات المتحدة الأمريكية و المغرب، ويمثل، بالنسبة للقرن الواحد والعشرين، اتفاقا يمكن من المضي قدما في الإصلاح والتحديث الجمركي.
ويعد المغرب أول شريك للولايات المتحدة بالمنطقة، تم التوقيع معه على اتفاق من هذا النوع، الذي يؤكد المبادئ المشتركة للاستثمار وتكنولوجيا الإعلام والاتصال وتجارة الخدمات. وتدل هذه المبادرات المهمة على التزامنا المشترك بنسج روابط اقتصادية أوثق على مستوى المنطقة و معها.
وأكد الرئيس وجلالة الملك أهمية المغرب باعتباره قاعدة للانطلاق بالنسبة لشمال إفريقيا وإفريقيا جنوب الصحراء في مجالات التجارة والاستثمار وكذا مزايا الحفاظ على مناخ أعمال جذاب للاستثمار بالمغرب. وتأسيسا على مؤتمر دجنبر 2012، حول تطوير الأعمال بين الولايات المتحدة والمغرب الذي انعقد بواشنطن، أشار جلالة الملك إلى أن التحضير جار لمؤتمر اقتصادي ثان سينعقد بالرباط سنة 2014، ويتوخى المؤتمر المذكور الاستفادة من اتصالات الأعمال “بيزنيس تو بيزنيس” في مجالات صناعة الطيران، والصناعة، والفلاحة والصناعة الغذائية، وصناعة السيارات، والطاقة، وذلك من أجل تطوير التجارة والنهوض بالاستثمار، وكذا الاندماج الاقتصادي الإقليمي. وأعرب الرئيس عن تقديره لجلالة الملك لعرضه احتضان القمة العالمية للمقاولات سنة 2014، وأكد الطرفان أهمية النهوض بالفرص الاقتصادية واسعة النطاق بالمنطقة، وخاصة بالنسبة للشباب والنساء.
التعاون التربوي والثقافي:
بعدما أعرب الرئيس الأمريكي وجلالة الملك عن ارتياحهما للروابط القائمة بين الشعبين، تعهدا باستكشاف المزيد من سبل التعاون قصد تعزيز التفاهم المتبادل والحوار بين الأديان بالمغرب وفي المنطقة. كما جددا التأكيد على التزامهما بتوطيد وتنويع برامج التبادل التي تشمل اللجنة المغربية الأمريكية للتبادل التربوي والثقافي.
وأكد الرئيس وجلالة الملك على أهمية المصادقة على الاتفاق المبرم بين البلدين بخصوص التسجيل وواقع نظام المدارس الأمريكية بالمغرب و تطبيقه.
وتعهد القائدان بتعزيز الروابط وإشاعة التفاهم المتبادل بين الشباب المغاربة والأمريكيين. وهنأ الرئيس جلالة الملك على تفضله بالتعهد بمنح هبة قدرها مليون دولار في السنة، على مدى خمس سنوات، لفائدة مبادرة (جون كريستوفر ستيفنس للتبادل الافتراضي)، والتي تتوخى إرساء روابط بين الشباب من مختلف الفئات العمرية بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا ونظرائهم الأمريكيين.
قضية الصحراء:
تعهد الرئيس بمواصلة دعم الجهود الرامية إلى إيجاد حل سلمي ودائم ومقبول من لدن الأطراف لقضية الصحراء. وتماشيا مع السياسة الأمريكية الثابتة على مدى سنوات عديدة، فإن الولايات المتحدة أكدت، بشكل واضح، على أن مخطط الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب هو مقترح جدي وواقعي وذي مصداقية، ويمثل مقاربة ممكنة من شأنها تلبية تطلعات ساكنة الصحراء إلى تدبير شؤونها الخاصة في إطار من السلم والكرامة.
وأكد الرئيس أن الولايات المتحدة تدعم المفاوضات التي تشرف عليها الأمم المتحدة، بما فيها عمل المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة كريستوفر روس، وناشد الأطراف العمل من أجل إيجاد حل سياسي. وأكد القائدان، مجددا، تشبثهما المشترك بتحسين ظروف عيش ساكنة الصحراء، والعمل سوية على مواصلة حماية حقوق الإنسان و النهوض بها في المنطقة.
التعاون في مجال الأمن الإقليمي ومكافحة الإرهاب:
وسجل القائدان شراكتهما على صعيد مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، خلال السنتين الأخيرتين للنهوض بالسلم والأمن الدوليين، ولاسيما بمالي والساحل وسوريا وليبيا والشرق الأوسط.
وجددا التأكيد على التزامهما بمواصلة تعميق التعاون المدني والعسكري في مجالات حظر انتشار التسلح ومكافحة الإرهاب.
وانسجاما مع انشغالهما بخصوص التهديد المتواصل الذي يمثله الإرهاب، تعتزم الولايات المتحدة الأمريكية والمغرب مواصلة تعاونهما بهدف دعم المؤسسات الديمقراطية للعدالة الجنائية ومواجهة خطر التطرف العنيف بالمنطقة. كما جدد القائدان التزامهما إزاء مبادرات التعاون الإقليمي.
والتزم القائدان، أيضا، بمواصلة التعاون الوثيق في إطار المنتدى الشامل لمكافحة الإرهاب وتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية الإقليمية في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل، ولاسيما عبر اتحاد مغاربي قوي، وكذا منتديات إقليمية أخرى.
وشجع الرئيس الأمريكي المغرب على الانضمام إلى الولايات المتحدة من أجل إحداث المعهد الدولي للعدالة ودولة القانون بمالطا، والذي يتوخى تكوين جيل جديد من العاملين في مجال العدالة الجنائية عبر شمال إفريقيا وغرب وشرق إفريقيا، حول السبل والوسائل الكفيلة بالتعامل مع موضوع مكافحة الإرهاب ومواجهة التحديات الأمنية في إطار دولة القانون.
إفريقيا:
عبر جلالة الملك عن تشكراته للرئيس الأمريكي على الأهمية التي يتم إيلاؤها للنهوض بالتنمية الاجتماعية والازدهار الاقتصادي بإفريقيا. وأكد الرئيس ريادة جلالة الملك والأعمال التي يقوم بها المغرب في مجالات حفظ السلم والوقاية من النزاعات والتنمية البشرية والحفاظ على الهوية الثقافية والدينية.
وفي هذا السياق، اتفق البلدان على استكشاف مبادرات مشتركة للنهوض بالتنمية البشرية والاستقرار من خلال ضمان الأمن الغذائي والولوج للطاقة والنهوض بالتجارة على أساس اتفاقية التبادل الحر.
وسجل قائدا البلدين بارتياح تقييمهما المشترك للدور الحاسم للتنمية البشرية والاقتصادية في تحقيق الاستقرار والأمن في القارة الإفريقية، والتزما بمواصلة استكشاف و تعميق خيارات ملموسة لتعاون عملي وتشاركي حول قضايا اقتصادية وتنموية ذات الاهتمام المشترك.
السلام في الشرق الأوسط:
عبر جلالة الملك عن دعمه للانخراط المتواصل للرئيس الأمريكي وجهود كاتب الدولة من أجل الدفع قدما بمسلسل السلام في الشرق الأوسط. وأبرز الرئيس مساهمة جلالة الملك، رئيس لجنة القدس، في الجهود الرامية إلى التوصل إلى حل الدولتين.
خلاصة :
وختم الرئيس الأمريكي وجلالة الملك لقاءهما بالتأكيد على التزامهما المشترك بالعلاقات الخاصة التي تعود إلى أمد بعيد التي تجمع الولايات المتحدة و المملكة المغربية التي كانت سنة 1777 أول بلد يعترف باستقلال الولايات المتحدة الأمريكية. و اتفق الرئيس أوباما و جلالة الملك محمد السادس على استمرار التواصل الوثيق و المضي على درب التعاون المتين الذي من شأنه تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة و المغرب، و خاصة الاجتماع المقبل للحوار الاستراتيجي بالرباط. كما اتفقا على تعيين شخصية رسمية من مستوى رفيع، من كلا الجانبين، من أجل السهر على التطبيق الأمثل للقرارات المتخذة اليوم. و قد رحب الرئيس الأمريكي بدعوة جلالة الملك للقيام بزيارة إلى المغرب. إن لقاء اليوم لهو دليل جديد على استمرار تطابق مصالح الولايات المتحدة و المغرب، و على أن الشراكة التاريخية التي انطلقت في القرن الثامن عشر تزداد ازدهارا في القرن الواحد و العشرين.