بلاغ للديوان الملكي حول ترؤس الملك محمد السادس لجلسة عمل خُصصت لموضوع مُراجعة مدونة الأسرة
عبد الرحمان بن عمرو، الأمين العام لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي محامي الصحفي علي أنوزلا مدير النشر السابق للنسخة العربية لِـ”لَكُم”، لم يستبعد في تصريح إلكتروني موثق أن يكون حل قضية أنوزلا سياسيا قبل أن يقول القضاء كلمته، موضحا أن أغلب القضايا من هذا النوع في المغرب تحل سياسيا ونادرا ما يتم حلها قضائيا.
فلنحاول جميعا أن نفهم حقيقة هذا التصريح الاستثنائي في تاريخ المغرب فهو ليس تصريح حزب أو نقابة بل هو تصريح محامي. أكيد أنه ألَمَّ إلماماً شافيا بتفاصيل الملف وظهر له أن الأسلم أن يتم طي الملف وتعطيل التعاطي القضائي معه من خلال إيجاد حل سياسي، لكنه لم يوضح لنا تفاصيل هذا الحل السياسي حتى نفهم منعرجات هذا الملف الشائك والمعقد الذي يقتضي تعطيل القضاء.
في إطار الفهم دائما، على دفاع أنوزلا ولجنة الدعم أن يسحبوا كل المواقف السابقة والشعارات التي نعتت بالجبن كل الأطراف التي لم تتخذ مثلهم مواقف للاستهلاك الإعلامي وفَضَّلَت أن تُصْدِر بيانات لها مرجعية واسعة حول التعاطي القضائي مع قضايا النشر، بعيدا عن القانون الجنائي. وطالبت بمحاكمة عادلة ولجأت إلى وزير العدل من أجل الدفع بهذا الاتجاه والبحث عن مخرج لقضية علي من خلال السلطة القضائية. كما أن الموقف الجديد لدفاع أنوزلا لا يستقيم مع البيانات التي أصدرتها هيئة الدفاع، وخصوصا البيان الذي استهدف صحافة حزب تقدمي ديمقراطي من العائلة السياسية لهيئة دفاع علي، ونعتها “بِتَبُولِيسِيتْ” وبنعوت مستوحاة من قاموس مغرق في الهامشية السياسية، عوض الاكتفاء بالتوضيح بأن المعلومات المنشورة هي غير صحيحة، وعوض السعي إلى إخراس كل الأصوات التي لا تجاري المنظور “الكاموني” للتعاطي مع القضية.
ففي غياب أي توضيح حول طبيعة الخلاص السياسي سنحاول سبر أغوار ما هو قابل للافتراض في إطار فهم الحل السياسي، الذي يعني تدخل سلطة سياسية من أجل الوقف الفوري للمتابعة. وهذا الأمر من الناحية النظرية ممكن باعتبار أن العفو كقرار سيادي ممكن أن يصدر في أي مرحلة من مراحل التحقيق وقبل وبعد صدور الحكم النهائي، وهناك دائما من الناحية النظرية العفو التشريعي، أي أن يجتمع البرلمان ويصدر مقررا تشريعيا بالعفو عن أنوزلا وهذا يقتضي أغلبية برلمانية مساندة للمقرر التشريعي، وربما من هذا المنظور يمكن فهم إدانة عبد الرحمان بن عمرو لبيانات الأغلبية الحكومية التي انتقدت نشر فيديو القاعدة في موقع “لكم”. ولا أظن أن بيان “تابوليسيت” سوف يساهم في دعم هذا المقرر التشريعي الاستثنائي المفترض، ولا يظهر أن الأحزاب الممثلة في البرلمان الذي قاطعت انتخاباته أحزاب الطليعة والاشتراكي الموحد التي ينتمي إليها بعض أعضاء هيئة “دفاع علي” سوف تتعامل بإيجابية مع فرضية الخلاص السياسي.
إذن بقي الخلاص الوحيد والأوحد الممكن هو العفو الملكي، ويظهر أن كل الطرق سالكة من أجل تيسير هذا الحل كما يظهر من خلال بيانات هيئة الدفاع وبيانات هيئة المساندة وكل الفرقعات التي يطلقها وجهاء “قبيلة الكامون” خارج المغرب، و أن منطقا من قبيل النظام لا يفهم إلا الضغط وسنضغط عليه في الداخل والخارج حتى يتحرك ويطلق سراح علي، هو منطق يسرع هذا الخيار ويجعله ممكنا حتى قبل أن يَرْتَدّ طرف كل “وجهاء قبيلة الكامون”، وهو منطق لا يمكن إلا أن يقابله منطق “خليهم يتركلو حتى ينطحو الحايط”.
النخبة تريد دائما لنفسها المساطر الاستثنائيةالتي لا ترتضيها للشعب. تطالب باستقلال القضاء وتريد من السلطة السياسية أن تتدخل فيه من أجلها. يريدون دولة الحق والقانون ولا يتقبلون أن يُغَرِّمَهُم شرطي في أول مدارةمن أجل مخالفة سير ويشتكونه لرؤسائه. يريدون أن تكون الناس سواسية أمامالقانون، لكنهم يرفضون أن يأخذوا أماكنهم أمام طوابير المنتظرين في دهاليز الإدارات العمومية. ويتحدثون عن تَكَافُؤ الفرص ولا يستحيون عندما يطلبون توظيف أقاربهم ومعارفهم ضدًّا على مبادئ الدستور…
إنه منطق النخبة، كحال أحد الحقوقيين البارزين الذي أتحفنا بقراءة قانونية لقضية “علي”، لم يستهدف فيها إلا تصريحات وزير الاتصال للرد على كل تصريحاته حول الإعلام والإرهاب حتى يضمن تسريعا للتعاطي مع قضية إبنه المتابع في قضية جنحية أمام القضاء. وكان له ما كان بعد أن تم إطلاق سراح إبنه، إنه نموذج للحل السياسي الذي تبحث عنه النخبة لنفسها ولذويها…
أيا كان المنطق، المهم بالنسبة لنا جميعا أن يفك الله أسر علي قبل أو بعد أو أثناء تناطح “وجهاء الكامون مع الحائط”، المهم أن يخرج علي، وبعد ذلك يعود كل واحد إلى برنامجه وإلى مقررات مؤتمراته وبيانات هيئاته وجموعه العامة، حتى لا ينساها الشعب… المهم أن يخرج علي سريعا أَحَكَمَ القضاء أم لم يحكم، فهيبة الدولة أقوى من أن تهزها عودة علي إلى شوارع الرباط أو “تركال الكامونيين”، الذين لفظهم حتى الهامش ولا يعيشون إلا لأنفسهم ولذويهم على حساب علي، الذي يَعُدُّ وحده الأيام خلف الأبواب الموصدة.